نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية (Washington Post) مقالا للكاتب ديفيد إغناتيوس حول نشاطات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال أسبوع تعكس كيفية إدارته للشؤون الداخلية والخارجية لبلاده.
وقبل أن يصف الكاتب تفاصيل نشاطات بوتين، يقول إن إلقاء نظرة فاحصة على تقويم بوتين المتاح للجمهور، يقدم نظرة ثاقبة لقائد يشرف فعليا على كل جانب من جوانب الحياة الروسية.
إخفاء واقع حرب أوكرانيا
ويضيف أن جدول بوتين المتاح للجمهور يخفي الواقع الوحشي لحربه في أوكرانيا بالتقاط الصور مثلما يفعل أي زعيم غربي تقليدي بارع في وسائل الإعلام، إذ يتصافح، ويحصل على إحاطات، ويلتقي المزارعين، وجامعي الضرائب، والدبلوماسيين.
ويوضح إغناتيوس أن جدول بوتين خلال أسبوع يظهره على أنه يملأ أيامه بسلسلة عادية من الاجتماعات ومؤتمرات الفيديو والاحتفالات التي توضح كيف يحاول تعزيز الثقة المحلية حتى عندما يخوض حربا فاشلة في أوكرانيا. إنه متجول، يتحدث مع مساعديه عن تربية الحيوانات في يوم من الأيام والذكاء الاصطناعي في اليوم التالي، ويعمل بجد على تطوير الجماعات العرقية المتباينة في روسيا. وعلى الرغم من اختفاء الاتحاد السوفياتي، فإنه يظل على اتصال منتظم مع القادة المنشقين في الجمهوريات السابقة. حنينه إلى الحقبة السوفياتية واضح.
ويستمر الكاتب ويقول إن بوتين يعمل في الخفاء، لكنه يترك أيضا أثرا عاما. ويتم نشر أجندته الرسمية على الإنترنت، وهي تساعد في شرح الجانب العملي من حياته.
وفيما يلي ملخص لأحداث عامة أقامها بوتين خلال 5 أيام الشهر الماضي، فهي تحكي، وفقا لإغناتيوس، مدى صعوبة عمل بوتين للحفاظ على مظهر الحياة الطبيعية مع استمرار الحرب في أوكرانيا:
الاثنين 21 نوفمبر/تشرين الثاني: الدجاج والضرائب
يولي بوتين اهتماما شبه مهووس بالتفاصيل الصغيرة للحكومة. بدأ الأسبوع بمؤتمر عبر الفيديو حول حالة صناعة المواشي والدواجن في روسيا تم خلاله إطلاع الزعيم الروسي على تربية الخنازير وإنتاج البيض و6 تفاصيل أخرى عما يسميه “مجمع الصناعات الزراعية”.
والحدث الكبير الآخر يوم الاثنين هو “اجتماع عمل” مع دانييل يغيروف، رئيس مصلحة الضرائب الفدرالية. كالعادة، يستجوب بوتين مرؤوسه حول التفاصيل، ويبدو الأمر كما لو أن لديه ما يلزم لإثبات أنه قادر على التعامل مع كل قضية.
الثلاثاء 22 نوفمبر/تشرين الثاني: كاسترو وكاسحات الجليد النووية
يسعد بوتين كسعادة الإمبراطور في المناسبات الاحتفالية، ويحتفل يوم الثلاثاء، عبر الفيديو، بكاسرين جديدين للجليد يعملان بالطاقة النووية. وفي وقت لاحق، حضر حفل إزاحة الستار عن تمثال برونزي في موسكو تكريما للزعيم الكوبي فيدل كاسترو.
التقى بوتين لاحقا الرئيس الكوبي ميغيل دياز كانيل. في وصف لقاءاته مع كاسترو، قال بوتين لزائره: “لقد فوجئت بشدة بانغماسه في التفاصيل.. كان يعرف وكان قادرا على تحليل كل ما كان يحدث في العالم”. ربما يتحدث بوتين هنا عن الكيفية التي يرى بها نفسه.
يختتم بوتين يومه الرسمي بمكالمة هاتفية مع إلهام علييف، رئيس أذربيجان، وهي جمهورية سوفياتية سابقة، غاضبة مثل نظيراتها من الهيمنة الروسية في المنطقة.
الأربعاء 23 نوفمبر/تشرين الثاني: سماد وزيارة غير أخوية لأرمينيا
يبدأ يوم بوتين مع ديمتري مازيبين، رئيس لجنة إنتاج وتسويق الأسمدة المعدنية. يزود مازيبين الرئيس بإحصائيات تفصيلية حول إنتاج الأسمدة.
ثم يسافر بوتين إلى يريفان، أرمينيا -حيث تتفكك القوة الروسية- لحضور قمة منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف جمهوريات سوفياتية سابقة تعتبره روسيا نسخة من حلف الناتو، لكنه أصبح مجموعة منقسمة بشدة وغير فعالة، يتشاجر أعضاؤها مع موسكو ومع بعضهم بعضا.
خلفية اجتماع يريفان هي فشل المجموعة في منع حرب عام 2020 بين دولتين عضوين، أرمينيا وأذربيجان، وفشل روسيا منذ ذلك الحين في إنجاح خطط حفظ السلام.
لم يذكر موقع الكرملين ازدراء الرئيس الأرميني لبوتين في وقت سابق من ذلك اليوم برفضه التوقيع على بيان المنظمة الذي صاغته روسيا.
الخميس 24 نوفمبر/تشرين الثاني: الذكاء الاصطناعي، وسام الشجاعة، ولا “إجراءات استثنائية”
الحدث الكبير اليوم هو أن بوتين يحضر مناقشة طويلة ومفصلة حول “تقنيات الذكاء الاصطناعي للنمو الاقتصادي”. يناقش بوتين الذكاء الاصطناعي بكثافة وإسهاب مدهشين. يبلغ طول النسخة المطبوعة من ملاحظاته 42 صفحة. يطرح بوتين أسئلة مثيرة للاهتمام: ما الأساس المعرفي للحدس؟ كيف يمكن أن تحسن البيانات الحوكمة؟ ماذا يعني الذكاء الاصطناعي للتوظيف؟ وكيف يمكن إخفاء البيانات؟
استغرق بوتين وقتا في وقت لاحق من ذلك اليوم لمنح “وسام الشجاعة” لمدون روسي دعائي يُدعى سيميون بيغوف كان قد داس على لغم أرضي وأصيب في أوكرانيا. ويختتم يومه بمؤتمر عبر الفيديو مع المجلس التنسيقي للقوات المسلحة الروسية. لا يقدم موقع بوتين على الإنترنت أي تلميح إلى أن الأحداث الأخيرة قد سارت بشكل كارثي على روسيا.
الجمعة 25 نوفمبر/تشرين الثاني: أمهات حزينات وحلفاء شيشانيون وصانعو أسلحة روس
قبل يومين من عيد الأم في روسيا، التقى بوتين مجموعة من النساء قيل إنهن أمهات روسيات يقاتل أبناؤهن ويموتون في أوكرانيا. قال لهن: “نحن نشارك هذا الألم، نحن نتفهم أنه لا يوجد شيء يمكن أن يحل محل فقدان الابن والطفل”.
اللافت في هذا التجمع المختار بعناية هو عدد النساء اللواتي يتم تقديمهن على أنهن من الأقليات العرقية الروسية والمناطق النائية.
يلتقي بوتين بعد ذلك مجلس وزرائه الحربي، الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن التابع له. ما قيل هنا لم يتم شرحه على موقع بوتين. بعد ذلك، يستقبل رمضان قديروف، زعيم الشيشان، وهي منطقة تعرضت بوحشية من قبل حملة “الأرض المحروقة” التي شنها بوتين في أوائل العقد الأول من هذا القرن، وتزود الجيش الروسي في أوكرانيا الآن بالمقاتلين. مرة أخرى، لا توجد تفاصيل عن محادثتهما.
يختتم الرئيس الروسي يومه، بعد الساعة 11 مساء، بخطاب أمام شركة حكومية تدعى روستيك تكافح للحفاظ على إنتاج أسلحة عالية التقنية على الرغم من العقوبات الغربية.