أعلنت أوكرانيا انتصارها في نزاع قديم مع روسيا بمجال الطهي، وذلك بعد أن وضعت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) حساء تقليديا يصنع من الشمندر (البنجر) على قائمتها للتراث الثقافي الأوكراني الذي يتعين حمايته.
وأعلنت اليونسكو -التي يقع مقرها بالعاصمة الفرنسية باريس- في بيان لها أنها وضعت حساء “البورش” الذاخر بالخضروات على قائمة التراث الثقافي الذي يحتاج إلى “حماية عاجلة” بسبب الخطر الذي يواجهه وضع الحساء كعنصر من عناصر الثقافة الأوكرانية جراء الغزو الروسي.
وقال متحدث باسم اليونسكو في باريس إن الوضع الجديد يعني أن أوكرانيا يمكنها الآن التقدم بطلب للحصول على أموال خاصة لتمويل مشاريع من أجل تعزيز وحماية حساء “البورش”.
من جهته سارع وزير الثقافة الأوكراني أولكسندر تكاتشينكو إلى الترحيب بقرار اليونسكو، حيث قال على تويتر “انتصرنا في حرب البورش”، مضيفا أن بلاده ستشارك وصفة حساء “البورش” مع جميع البلدان المتحضرة، “وحتى مع الدول غير المتحضرة أيضا، بحيث يكون لديهم على الأقل شيء خفيف ولذيذ وأوكراني”.
على الجانب الآخر انتقدت موسكو وضع حساء “البورش” ضمن التراث الأوكراني الذي يجب حمايته كمثال على “النزعة القومية المعاصرة لكييف”. ويحظى الحساء بشعبية أيضا في روسيا.
مسار المعركة
وكانت أوكرانيا قد قدمت طلبا في منتصف أبريل/نيسان الماضي لإدراج ثقافة هذا الحساء في قائمة التراث الثقافي غير المادي المعرض للخطر، معتبرة أن غزو البلاد في 24 فبراير/شباط الماضي من قبل روسيا وعمليات القصف التي نتجت عن ذلك خلال الأشهر الماضية؛ يهددان “قابلية الاستمرار” لهذا الطبق وكل التقاليد المحيطة به.
وعقب تقدم أوكرانيا بالطلب قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا “حتى كتب الطبخ تم حظرها في أوكرانيا، لماذا؟ لأنه من المستحيل مشاركة البورش. مستحيل لأنه لا يمكن أن ينتمي إلا إلى شعب واحد وجنسية واحدة”.
وأضافت “قد يكون من الشائع أن تقوم كل مدينة ومنطقة وربة منزل بإعداد هذا الطبق بطريقتها الخاصة، لكن لا، هم لم يرغبوا في أي تسوية، وهذا ينم عن كراهية للأجانب ونازية وتطرف بجميع أشكاله”، في تكرار للاتهامات المعتادة التي توجهها موسكو إلى السلطات الأوكرانية.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلنت وزارة الثقافة وسياسة المعلومات الأوكرانية عن خطط لإرسال طلب لإدراج البورش الأوكراني في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي على الرغم من الخلاف بين روسيا وأوكرانيا حول أصل “البورش”؛ لأن روسيا طالبت مرارا باعتباره طبقا وطنيا خاصا بها.
أما بيير لويجي بيتريلو مقرر لجنة تقييم الملف الأوكراني في اليونسكو فقال “إن وجود هذا الحساء ليس في خطر بحد ذاته، لكن التراث الإنساني والحي المرتبط بـ”البورش” هما المعرضان لخطر مباشر بفعل تعطل قدرة السكان على ممارسة ونقل تراثهم الثقافي غير المادي جراء النزاع المسلح، ولا سيما بسبب التهجير القسري للمجتمعات”.
وأشار بيتريلو إلى أنه بسبب الحرب “لم يعد السكان قادرين على تحضير أو حتى زراعة الخضروات المحلية اللازمة لتحضير البورش. ولا يمكنهم حتى الاجتماع معا لإعداده، وهو ما يقوض الجوانب الاجتماعية والثقافية. وبالتالي، فإن بقاء هذا العنصر (حساء البورش) بات في خطر”.
كما أشار إلى أن “النزاع المسلح يدمر البيئة والحيوانات والنباتات. ورأى مقرر اللجنة أنه “لكل هذه العوامل، من الضروري إجراء حماية عاجلة لهذا العنصر في إطار الإجراء العاجل للغاية”.