في خريف العام الماضي تناول العديد من وسائل الإعلام الغربية الحديث عن مركبة بوسيدون المسيرة التي تعمل تحت الماء وهي مزودة برأس حربي نووي حراري، واصفة إياها بأنها وسيلة قد تستخدمها موسكو لترويع العالم.

وفي مقال نشرته صحيفة “إزفيستيا” الروسية، يقول ديمتري كورنيف إنه لا يمكن تعقب إطلاق هذا الطوربيد من غواصة أو طائرة، كما يصعب التكهن بما قد ينجم عنه، مبينًا أن روسيا بدأت العمل على تطوير مشروع إنشاء المكون الرابع لقوات الردع النووي من صواريخ وقنابل وطوربيدات منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي.

 

وأضاف الكاتب أن التقدم الذي حققته روسيا في مجال الطاقة النووية وأنظمة التحكم بالحاسوب وعلوم المواد، مكّنها من البدء في تنفيذ مشروع 627 للغواصات النووية، مع العلم أن العمل على تنفيذ المشروع الذي يُعرف باسم “بوسيدون” انطلق في أواخر الثمانينيات من قبل مركز “ماكييف” الحكومي للصواريخ، ومكتب “روبن للتصميم” التابع للشركة المتحدة لبناء السفن الروسية.

وفي تسعينيات القرن الماضي، بحسب الكاتب، أنشأت روسيا محطات طاقة نووية مدمجة، مما فتح المجال أمام صنع مركبات تحت الماء بنطاق غير محدود. وفي منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، بدأ العمل على إنتاج النماذج الأولية التجريبية، جنبا إلى جنب مع اختبار المكونات الفردية للمنتج.

ووفق الكاتب، أُطلق النموذج التجريبي الأول من غواصة “بي 90 ساروف” في أكتوبر/تشرين الأول 2008. وذكر الكاتب أنه في عام 2015، بثت قناة “إن تي في” التلفزيونية الروسية عرضا تقديميا لمشروع “ستاتس 6 بوسيدون” الذي يهدف إلى تدمير المواقع المهمة بالنسبة لاقتصاد العدو في المناطق الساحلية، وإلحاق ضرر بأراضيه من خلال إنشاء مناطق تلوث إشعاعي واسعة النطاق.

وعقب ذلك، وتحديدا في عام 2016، ذكرت وسائل الإعلام الأميركية في إشارة إلى بيانات استخبارية، أن غواصة “ساروف” أطلقت صاروخا مسيرا يعمل بالطاقة النووية من طراز “كانيون” المعروف أيضا باسم “ستاتس 6 بوسيدون”، وهو الاسم القديم لمشروع بوسيدون، والذي سمي بذلك بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأول مرة في مارس/آذار 2018 عن إنشاء مركبة تحت الماء مسيرة في روسيا مخصصة لتدمير الأهداف البحرية والساحلية.

 

إضافة إلى الثالوث النووي

ويشير الكاتب إلى أن بوسيدون مركبة روبوتية تعمل تحت الماء على متن قارب ومجمع روبوت بحري، طورت من قبل مكتب “روبن للتصميم” التابع للشركة المتحدة لبناء السفن الروسية.

وفي الوقت الحالي، تجري روسيا اختبارات أولية على مجمع بوسيدون الذي صُممت من أجل تطويره الغواصة النووية البحثية “بيلغورود” المجهزة بست قاذفات ضخمة. ومن المتوقع، إطلاق العديد من نماذج بوسيدون عام 2023 للاختبار. ومن المحتمل إنهاء جميع الاختبارات اللازمة لغواصة “بوسيدون” لوحدها وعلى متن بيلغورود بحلول عام 2025.

ويكشف الكاتب عن جاهزية روسيا لإنشاء مكون رابع جديد لقوات الردع النووي وضم قيادة جديدة إلى الأسطول، تتولى مسؤولية تشغيل نوع جديد من الأسلحة النووية ونشره والتخطيط له واستخدامه.

وبالنظر إلى عدم محدودية مدى البوسيدون، فهي قادرة على ضرب مواقع ساحلية في المحيطات الأطلسي والهندي والهادي، فضلا عن إمكان استخدامه ضد جملة من السفن في وقت واحد.

وفي الختام، يشير الكاتب إلى إمكانية استخدام البوسيدون لأغراض سلمية مثل المهام البحثية، مؤكدا في ذات الوقت أن توجيه ضربة انتقامية من تحت الماء في حالة وقوع هجوم صاروخي نووي، يبقى المهمة الرئيسية  للبوسيدون.

المصدر : إيزفستيا

About Post Author