ردا على زيارة بايدن للمنطقة.. إيران تستعد لاستقبال بوتين وموازنة التنافس الروسي الأميركي
طهران- على وقع تطورات زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، وعزمه التوقيع مع الجانب الإسرائيلي على وثيقة “إعلان القدس” للتنسيق بشأن منع إيران من حيازة السلاح النووي، أعلن الإيرانيون بوضوح أن مساعي واشنطن في المنطقة لن تحقق الأمن لإسرائيل، في حين يرى مراقبون أن طهران ماضية في التنسيق مع حلفائها الروس لاحتواء تداعيات زيارة بايدن للمنطقة.
من جانبه، قال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إن طهران ترصد التطورات في المنطقة بدقة، ولن تغفل عن أي تحرك فيها، محذرا من أن بلاده سترد بحزم على أدنى تحرك يستهدف وحدة أراضيها.
- رويترز عن مسؤول إماراتي: أبو ظبي ليست منفتحة على إنشاء محور ضد أي دولة في المنطقة خاصة إيران
- ردا على تصريحات بايدن ولبيد.. إيران تهدد برد صارم ومحكم ومباشر إذا ارتكبت واشنطن أي خطأ بحقها
- تحدثت عن عودة واشنطن للمنطقة.. إيران: خطة أميركا وإسرائيل بشأن اتفاق دفاعي مع دول عربية ستزيد التوتر
وليس بعيدا عن لغة التهديد والتهديد المتقابل بين طهران وواشنطن عشية زيارة بايدن لإسرائيل، تستعد طهران لمد السجاد الأحمر لاستقبال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في 19 يوليو/تموز الحالي، حيث من المقرر الاجتماع بالمرشد الأعلى علي خامنئي.
زيارة بوتين
ويرى مراقبون إيرانيون زيارة بوتين إلى طهران بعد يومين فقط من انتهاء جولة بايدن الشرق أوسطية بأنها تأتي ردا على زيارة الأخير للمنطقة ولمناقشة حزمة من القضايا الإقليمية والدولية، وهو ما دفع مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان إلى تصنيف زيارة بوتين بأنها تمثل “تهديدا بالغا”.
وتأتي تصريحات سوليفان تعقيبا على نشر تقارير أميركية بشأن استعداد طهران للمساعدة في تزويد روسيا بمئات الطائرات المسيرة التي يمكن استخدامها في الحرب على أوكرانيا.
وفي السياق، يعتبر السفير الإيراني السابق بموسكو ناصر نوبري زيارة بوتين إلى طهران “ردا مناسبا على عقد التحالفات المزمعة ضد الجمهورية الإسلامية” مؤكدا أن المواقف الأميركية الرسمية لا تشير إلى عزم بايدن المشاركة في تحالف عسكري ضد إيران، وإنما يرغب بطمأنة حلفائه في المنطقة بأن واشنطن لن تتخلى عنهم في حال إحياء الاتفاق النووي.
وأشار نوبري -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن الملف الإيراني سيكون حاضرا في جميع اجتماعات بايدن في المنطقة، موضحا أن الجانبين الأميركي والروسي يتنافسان على جذب إيران إلى معسكريهما، وعلى طهران أن تتخذ سياسة متوازنة بينهما من أجل مصالحها الوطنية.
وأوضح الدبلوماسي الإيراني السابق أن أهداف وسياسات واشنطن وموسكو أصبحت متضاربة في ضوء استمرار الحرب الروسية على أوكرانيا، مشددا على أن زيارة بوتين إلى طهران تسعى لإبطال مفعول الخطط التي قد تتمخض عن زيارة بايدن إلى الشرق الأوسط.
مستقبل النووي
وعما إذا كانت مواقف بايدن التي أعلنها في إسرائيل بشأن “استمرار الضغوط على إيران ورفضه التام لشطب اسم الحرس الثوري من قائمة الإرهاب” ستقضي على المفاوضات النووية، قالت الباحثة في الشؤون الدولية برستو بهرامي راد إن الجانبين الإيراني والأميركي يحرصان على إبقاء باب المفاوضات مفتوحا رغم التهديدات التي يطلقها كل طرف ضد الآخر.
واعتبرت الباحثة الحديثَ الأميركي -بشأن مواصلة الضغوط على إيران لثنيها عن مطالبها في المفاوضات النووية- ينم عن عدم وجود خطة “ب” لدى واشنطن في حال فشلت المفاوضات بشكل نهائي، مؤكدة للجزيرة نت أنه خلافا لطهران التي تأقلمت مع الضغوط الأميركية فإن واشنطن لا تزال ترى العودة للاتفاق النووي الطريقة الفضلى لاحتواء تحدي الملف النووي.
وأضافت بهرامي راد أن طهران استبقت زيارة بايدن للمنطقة بتخصيب اليورانيوم في منشأة فوردو، تأكيدا على عزمها المضي قدما في خفض تعهداتها في الاتفاق النووي الذي تخلت واشنطن عن تنفيذه.
ووصفت إعلان الخارجية الإيرانية -بشأن مواصلة التعاون التقني مع موسكو- بأنه رسالة واضحة للجهات التي تعمل على إنشاء تحالف عسكري شرق أوسطي لمواجهة تهديد الطائرات المسيرة والصواريخ الإيرانية، مشددة على أن العلاقات الإيرانية الروسية تحولت إلى إستراتيجية عقب الحرب الروسية على أوكرانيا وأنهما يواصلان التنسيق لمواجهة المعسكر المعادي.
ملفات مختلفة
وخلصت الباحثة في الشؤون الدولية إلى أن الولايات المتحدة ترغب أكثر من أي وقت مضى باستتباب الأمن في الشرق الأوسط بسبب ارتفاع التوتر بينها وكل من الصين وروسيا، مؤكدة أن مواقف بايدن في تل أبيب ضد بلادها سياسية وتأتي لإرضاء الطرف الإسرائيلي، وأن واشنطن سترحب بأي خطوة إيرانية تهدف لإحياء الاتفاق النووي.
في غضون ذلك، علّق حشمت الله فلاحت بيشه، أستاذ العلوم السياسية والرئيس الأسبق للجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، على زيارة بوتين المرتقبة لطهران بالقول إن الملفات التي سيتناولها الطرفان ستختلف وفق نتائج زيارة بايدن للمنطقة.
وفي مقال نشره في صحيفة “آرمان ملي” قال بيشه إن الجانبين الإيراني والروسي سيضطران إلى وضع قضايا إستراتيجية في جدول أعمال القمة المشتركة في حال حاول بايدن المساعدة في تشكيل تحالفات إقليمية.
واستبعد بيشه أن تؤدي زيارة بايدن إلى الإعلان عن توقف كامل للمفاوضات النووية، لكنه دعا في الوقت نفسه طهران إلى إعلان وفاة الاتفاق النووي في حال تحرك الجانب الأميركي عمليا ضد المصالح الإيرانية.