الجيش الروسي يقترب من السيطرة على بلدة إستراتيجية.. موسكو: الحرب في أوكرانيا مواجهة مع الناتو
قال سكرتير مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف إن الغرب يريد محو روسيا من خارطة العالم، وإن الحرب في أوكرانيا مواجهة مع حلف شمال الأطلسي (الناتو)، في حين قالت الاستخبارات البريطانية إن الجيش الروسي ومجموعة فاغنر حققا تقدما في سوليدار شرقي أوكرانيا، ويرجّح أن يكونا سيطرا على معظمها بعد تقدم تكتيكي في آخر 4 أيام.
وأضاف باتروشيف أن روسيا تحتاج إلى جيش قوي واستخبارات لتحييد التهديدات العسكرية، معتبرا أن اكتفاء روسيا الذاتي يزعج الغرب الذي يسعى إلى تقطيع أوصال البلاد، حسب تعبيره.
وشدد باتروشيف على أن روسيا تمتلك كل الموارد لتحقيق السيادة الاقتصادية.
كما أكد المسؤول الروسي أن انسحاب الولايات المتحدة المفاجئ من أفغانستان يعود بشكل كبير إلى الحاجة إلى التركيز على أوكرانيا.
وقال مسؤولون في كييف إن موسكو شنت هجوما قويا على سوليدار في منطقة دونابس الصناعية، مجبرة القوات الأوكرانية على صدّ موجات من الهجمات التي يقودها مرتزقة فاغنر حول بلدة سوليدار المعروفة بمناجم تعدين الملح والجبهات القريبة.
وتقع سوليدار في منطقة دونباس الصناعية على بعد نحو 10 كيلومترا من مدينة باخموت، حيث تكبّدت القوات من كلا الجانبين خسائر فادحة في بعض من أعنف معارك الخنادق منذ بدأت الحرب قبل نحو 11 شهرا.
وقالت هانا مايلر نائبة وزير الدفاع الأوكراني -على تليغرام- إن القوات الأوكرانية صدّت محاولة سابقة للاستيلاء على البلدة، لكن عددا كبيرا من وحدات مجموعة فاغنر عاد بسرعة واستخدم تكتيكات جديدة والمزيد من الجنود تحت غطاء من المدفعية الثقيلة.
وأضافت أن القوات الروسية حققت في هجومها أمس على سوليدار ما وصفته بالنجاح الجزئي، مؤكدة أن المدينة ما تزال تحت سيطرة القوات الأوكرانية مع استمرار المعارك العنيفة و الدموية على حد قولها.
وتوقعت مايلر استمرار الهجمات خلال الأيام المقبلة مشيرة إلى أن قوات فاغنر استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة و عززت صفوفها باستدعائها خيرة مقاتليها بعد ما لحق بها من خسائر خلال معارك باخموت.
من جهته، اعتبر سيرهي تشيرفاتي المتحدث باسم قيادة عمليات المنطقة الشرقية أن مدينة سوليدار باتت مدمرة بشكل جزئي نتيجة المعارك الجارية فيها مشيرا إلى أهميتها الاستراتيجية ووقوعها على بعد كيلو مترات قليلة شمال مدينة باخموت التي تتعرض هي الأخرى بشكل دائم للهجمات الروسية.
وقال حاكم مقاطعة دونيتسك بافلو كورلينكو إن الجيش الروسي دمّر بشكل كامل البنى التحتية في مدينة سوليدار وتسبب بخراب كبير في أحيائها، وإن خطوط الدفاع التي أعدها المقاتلون في المدينة هي الوحيدة التي بقيت صامدة الآن.
وأوضح أن الهجوم على سوليدار بدأ منذ يوم الجمعة، وأن أعداد مقاتلي فاغنر تضاعفت بشكل كبير في تلك الجبهة، لكنه أكد أن الجيش الأوكراني يبقي الوضع تحت السيطرة.
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أكد في خطابه اليومي مساء الاثنين استمرار القتال بين القوات الأوكرانية والروسية في مدينتي سوليدار وباخموت شرقي البلاد، وقال إن بلاده ربحت وقتا إضافيا بفضل الجنود الأوكرانيين وإنها ستحرر كامل دونباس.
وتضم دونباس منطقتي دونيتسك ولوغانسك في شرقي أوكرانيا.
وقال زيلينسكي إن “روسيا أهلكت الآلاف من جنودها، وإن جثث قتلاها تغطي أرض سوليدار”.
لماذا سوليدار؟
وقالت الاستخبارات البريطانية -اليوم الثلاثاء- إن محور سوليدار الروسي هو على الأرجح محاولة لتطويق باخموت من الشمال وتعطيل خطوط الاتصالات الأوكرانية.
ويقول محللون عسكريون إن الفائدة العسكرية الإستراتيجية لموسكو من الاستيلاء على سوليدار وباخموت ستكون محدودة، في حين قال مسؤول أميركي إن يفغيني بريغوجين مؤسس فاغنر يتطلع إلى الملح والجص من المناجم التي يعتقد أنها تمتد أكثر من 160 كيلومترا تحت الأرض وتحتوي على كهوف كبيرة.
ويحاول بريغوجين -الذي ينشط أيضا في صراعات بأفريقيا- الاستيلاء على باخموت وسوليدار منذ شهور على الرغم من حصد أرواح كثيرين من الجانبين، وقال يوم السبت إن أهميتهما تكمن في شبكة كهوف التعدين تحت الأرض، وأضاف “لا يمكنها فحسب استيعاب مجموعة كبيرة من الناس على عمق ما بين 80 و100 متر، لكن يمكن للدبابات وعربات المشاة القتالية التحرك أيضا فيها”.
من جهتها، لم تذكر وزارة الدفاع الروسية سوليدار أو باخموت في إفادة صحفية منتظمة أمس الاثنين، في حين قالت القوات الروسية إنها تحرز تقدما على محور باخموت في مقاطعة دونيتسك.
معارك أخرى
وإلى الشمال في منطقة خاركيف، قتل هجوم صاروخي روسي على إحدى أسواق قرية شيفيتشينكوف امرأتين وأصاب 4 آخرين بينهم طفلة عمرها 10 أعوام، حسبما أفاد ممثلو الادعاء بالمنطقة لوكالة رويترز.
وقالت السلطات الأوكرانية إن هجمات روسية استهدفت خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، والبنية التحتية في مناطق دونيتسك وخيرسون وميكولايف، حيث قال حاكم المنطقة إن 15 أصيبوا في قصف لبلدة ساحلية.
وقال مراسل الجزيرة في مقاطعة دونيتسك إن قصفا صاروخيا تعرّضت له مدن كراماتورسك وسلوفيانسك ودروشكيفكا وكوستانتينيفكا في ساعات الليل، استهدف عددا من الأحياء في تلك المدن.
أما في باخموت، فقد قال الجيش الأوكراني إن القوات الروسية استهدفت 25 تجمعا سكنيا في المدينة، وإنه تمكن من التصدي لمحاولات تقدم من الجهة الجنوبية والشرقية عند المدينة الصناعية.
من جهة أخرى، قالت هيئة الأركان الأوكرانية إن قواتها الجوية شنت خلال الساعات الماضية 21 غارة على مواقع تمركز القوات الروسية على طول خطوط الجبهات في أوكرانيا.
وأضافت هيئة الأركان أن دفاعاتها أسقطت طائرتين دون طيار من طراز “أورلان”، وقصفت موقعين لأنظمة الصواريخ المضادة للطائرات.
وأشارت الهيئة إلى أن القوات الروسية شنت أمس أكثر من 30 غارة جوية استهدفت البنية التحتية في مدن خيرسون وميكولايف وزاباروجيا وخاركيف وكراماتورسك.
في الأثناء، نقلت وكالة رويترز عن وزارة الدفاع الروسية أن سفينة حربية مزودة بأسلحة كروز تفوق سرعة الصوت أجرت تدريبات في البحر النرويجي
دعم عسكري بريطاني لأول مرة
على صعيد آخر، نقلت وكالة رويترز عن مصادر قولها إن بريطانيا تدرس تزويد أوكرانيا بدبابات لأول مرة منذ اندلاع الحرب لمواجهة القوات الروسية.
ونقلت الوكالة عن تقارير أن المناقشات جارية منذ أسابيع بشأن تسليم 10 دبابات بريطانية من طراز “تشالنجر 2” لأوكرانيا.
من ناحيتها، أعلنت وزارة الدفاع البريطانية أنها قدمت لأوكرانيا أكثر من 200 عربة مدرعة حتى الآن.
مساعدات أميركية وأوروبية
في غضون ذلك، قال المستشار الألماني أولاف شولتز أمس الاثنين إنه لا يزال مقتنعا بضرورة تنسيق تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا مع الحلفاء، وذلك مع تصاعد الضغوط على برلين لإرسال دبابات “ليوبارد 2” إلى كييف.
وأعلنت ألمانيا الأسبوع الماضي أنها ستزود أوكرانيا بعربات القتال “ماردير” للمساعدة في صد القوات الروسية. وجاء هذا الإعلان في اليوم الذي تعهدت فيه الولايات المتحدة بتزويد كييف بعربات “برادلي” القتالية، وبعد يوم من إعلان مماثل من جانب فرنسا.
وفي إيطاليا، قالت صحيفة “لا ريبوبليكا” الاثنين إن روما لن تتخذ أي قرار بشأن تقديم مساعدات عسكرية جديدة لأوكرانيا قبل فبراير/شباط، وكانت إيطاليا منحت العام الماضي مساعدات لكييف شملت معدات عسكرية.
كما قالت بولندا إنها تريد الانضمام إلى دول أخرى لتشكيل تحالف واسع، لمناقشة تصدير دبابات قتال حديثة إلى أوكرانيا.
من جهته، حذّر الكرملين من أن الخطط الغربية لتزويد أوكرانيا بأسلحة أثقل لن تؤدي إلا إلى تمديد مسار الحرب، وقال إن الإمدادات الغربية لأوكرانيا لن تحدث تغييرا جذريا، نافيا في الوقت ذاته عزم موسكو إجراء تعبئة جديدة.
أما في الولايات المتحدة، فقال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان على هامش زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى المكسيك، إن المساعدات المالية الأميركية لأوكرانيا “صلبة للغاية” في عام 2023، على الرغم من التغيير في الأغلبية في الكونغرس.
وقال إن الميزانية الجديدة خصصت 45 مليار دولار للمساعدات الأوكرانية، رغم أن الحكومة طلبت 37 مليار دولار فقط، وهذا هو المبلغ الذي تمت الموافقة عليه بالفعل.