مراسم استقبال الرئيس الصيني في مطار فنوكوفو بالعاصمة الروسية (الفرنسية)

مراسم استقبال الرئيس الصيني في مطار فنوكوفو بالعاصمة الروسية (الفرنسية)

وصل الرئيس الصيني شي جين بينغ، اليوم الاثنين، إلى روسيا في زيارة تستمر 3 أيام لتعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين، في ظل الحرب المستعرة في أوكرانيا، التي تشهد حاليا معارك ضارية في جبهة باخموت.

وقال الرئيس الصيني في مستهل زيارته إن بلاده مستعدة للوقوف بحزم إلى جانب روسيا لحماية القانون الدولي. وأضاف أن زيارته ستكون “مثمرة وتعطي دفعة جديدة لتعزيز العلاقات مع روسيا”.

 

وفي مقال نشر بالصحف الروسية قبل ساعات من وصوله، دعا شي إلى تبني “نهج عقلاني” للخروج من الأزمة الأوكرانية، مشيرا إلى أنه بالإمكان تحقيق ذلك إذا “استرشد الجميع بمفهوم الأمن الجماعي والشامل.. والاستمرار في الحوار والمشاورات بنوع من المساواة والحكمة والبراغماتية”.

وتحدث عن المبادرة الصينية لتسوية الصراع الأوكراني، مشيرا إلى أن المقترح -الذي نشرته بكين الشهر الماضي في 12 نقطة- يمثل “أكبر قدر ممكن من وحدة وجهات نظر المجتمع الدولي”.

ورأى الرئيس الصيني أن “الوثيقة بمثابة عامل بناء لتجنب عواقب الأزمة ودعم التسوية السياسية. فالمشاكل المعقدة ليست لها حلول بسيطة”.

في الوقت نفسه، أكد شي أن زياراته إلى روسيا “دائما ما تجلب نتائج كبيرة”، مشيرا إلى أن هدف زيارته تعزيز الصداقة بين البلدين و”شراكة شاملة وتفاعل إستراتيجي” في عالم تهدده “أفعال التسلط والاستبداد والتنمر”.

وأضاف الرئيس الصيني “لا يوجد نموذج عالمي للحكومة ولا يوجد نظام عالمي تكون فيه الكلمة الفصل لدولة واحدة”.

 

نموذج جديد

ورأى شي أن روسيا والصين تنشئان نموذجا جديدا للعلاقات بين القوى العظمى، مؤكدا أن علاقاتهما مبنية على مبادئ “عدم الانحياز وعدم المواجهة وليست موجهة ضد طرف ثالث”.

وفي وقت سابق، رحب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -في مقال نشر بصحيفة الشعب الصينية- باستعداد بكين للقيام بدور “بناء” في حل الأزمة الأوكرانية.

ورأى بوتين أن الصداقة المتينة مع الصين تزداد عمقا، وأن علاقاتهما مستمرة في النمو، ومتفوقة على التحالفات العسكرية والسياسية للحرب الباردة، مشيرا إلى أن التعاون الإستراتيجي بين البلدين شامل ودخل عصرا جديدا، وفق تعبيره.

وأكد الرئيس الروسي أنه يبني آمالا كبيرة على زيارة نظيره الصيني تلك، متوقعا أن يتجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين 200 مليار دولار هذا العام.

وتعد هذه أول زيارة من نوعها لزعيم عالمي منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، يوم الجمعة الماضي، مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي بتهمة ارتكاب جريمة حرب.

 

مذكرة اعتقال بوتين

وفي أحدث التعليقات الروسية على هذه المذكرة، قال ديمتري ميدفيديف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي -اليوم- إن قرار المحكمة ستكون له “عواقب وخيمة على القانون الدولي”.

وأضاف في منشور عبر تليغرام أن “قضاة المحكمة الجنائية الدولية قرروا محاكمة رئيس قوة نووية لا تشارك في المحكمة مثل الولايات المتحدة ودول أخرى”.

ورأى ميدفيديف أن أسس ومبادئ القانون انهارت، وأن أحدا لن يذهب بعد الآن إلى أي هيئات دولية وسيتفاوض الجميع فيما بينهم، وفق تعبيره.

وقال إن الحلقة الأكثر تقويضا للمصداقية مرتبطة بجرائم الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق التي لم تستطع المحكمة فعل أي شيء حيالها، حسب قوله.

من جانبها، دعت وزارة الخارجية الصينية المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ موقف عادل وتجنب الكيل بمكيالين.

وقال المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين للصحفيين قبل ساعات من بدء زيارة الرئيس الصيني لموسكو إن “على المحكمة الجنائية الدولية اعتماد موقف موضوعي وغير منحاز واحترام حصانة رؤساء الدول أمام القضاء… وتجنب التسييس وازدواجية المعايير”.

وردا على سؤال بشأن ما ذكرته مصادر أميركية عن استخدام روسيا ذخيرة صينية في أوكرانيا، قال المتحدث باسم الخارجية الصينية إن الولايات المتحدة هي من يورد الأسلحة إلى ميدان القتال في أوكرانيا وليس الصين.

من جهتها، طالبت أوكرانيا -قبيل بدء زيارة الرئيس الصيني لموسكو- بانسحاب القوات الروسية من أراضيها.

وكتب الأمين العام لمجلس الأمن الأوكراني أوليكسي دانيلوف على تويتر “صيغة لنجاح تطبيق خطة السلام الصينية: البند الأول والأساسي هو استسلام أو انسحاب قوات الاحتلال الروسية من الأراضي الأوكرانية”.

 

حشود عسكرية

ميدانيا في أوكرانيا، تدور معارك ضارية في جبهة باخموت شرقي البلاد، وقالت وسائل إعلام روسية إن القوات الأوكرانية تحاول شن هجمات معاكسة على مواقع مجموعة فاغنر الروسية غير النظامية.

وأضافت المصادر ذاتها أن معارك طاحنة تدور في جميع أنحاء باخموت وتقترب أكثر من وسطها، مشيرة إلى أن الجيش الأوكراني يدفع بمزيد من الدعم لوحداته بالمدينة ويحشد قوات إضافية باتجاه باخموت.

وقال موقع ريبار العسكري إن معارك عنيفة تدور بين مقاتلي فاغنر والجيش الأوكراني داخل مصنع “أزوم” للصلب شمال مدينة باخموت.

وأضاف الموقع أن السيطرة على المصنع ستمكن قوات فاغنر من التقدم إلى المركز الإداري وسط المدينة، مشيرا إلى أن وحدات الاقتحام التابعة لفاغنر تحاول بشكل متزامن اختراق دفاعات الجيش الأوكراني في بلدة أريخوفو فاسيلوفكا شمال غرب المدينة.

في المقابل، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية -صباح اليوم- إن القوات الروسية تواصل تنفيذ عمليات هجومية باتجاهات باخموت وليمان وأفدييفكا ومارينكا وشختار شرقي البلاد.

وأضافت الهيئة الأوكرانية أن قواتها تصدت خلال اليوم الماضي لـ 69 هجوما روسيا، وأن باخموت ما زالت بؤرة القتال الرئيسية، مشيرة إلى أنها تصدت لـ 3 محاولات تقدم نحو المدينة من الجهتين الشمالية والجنوبية الغربية.

وفي وقت سابق، قال المتحدث باسم القيادة الشرقية بالقوات الأوكرانية سيرغي شريفاتي إن القوات الروسية غير قادرة من الناحية التكتيكية على إكمال عملية الاستيلاء على باخموت.

وأضاف المتحدث الأوكراني أن من الصعب وصف تحركات الروس في منطقة باخموت بأنها عملية هجومية إستراتيجية كبيرة، وفق تعبيره.

 

خطة أوروبية

وفي تلك الأثناء، نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مسؤول أوروبي قوله “دخلنا المرحلة الخطيرة من الحرب في أوكرانيا”.

وذكر المصدر نفسه -الذي وصفته الوكالة بأنه مسؤول كبير- أن روسيا لديها أكثر من 300 ألف مقاتل لشن هجوم.

في الوقت نفسه، قال ممثل إحدى الدول في الاتحاد الأوروبي إن الاتحاد سيوفر ذخيرة يحتاجها الأوكرانيون للمدفعية وصواريخ للدفاعات المضادة للطائرات، بحلول 31 مايو/أيار المقبل.

ويضع الاتحاد الأوروبي هذا الأسبوع اللمسات الأخيرة على خطة بقيمة ملياري يورو لتمويل مشتريات مشتركة من ذخيرة المدفعية التي تحتاجها أوكرانيا بشدة لمواجهة القوات الروسية.

ويفترض أن يتيح المشروع تزويد القوات الأوكرانية بما لا يقل عن مليون قذيفة عيار 155 مليمترا وتجديد المخزونات الإستراتيجية للاتحاد التي اقترب بعضها من النفاد.

من جهته، قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إنه يأمل الوصول إلى اتفاق على هذه الخطة “حتى لا يتأثر دعمنا لكييف”.

المصدر : الجزيرة + وكالات

About Post Author