فيلم “الرجل من تورنتو” (The Man from Toronto) إصدار سينمائي جديد، استحوذت عليه منصة نتفليكس بدلًا من عرضه في دور السينما. وربما جاء ذلك إنقاذًا حقيقيًّا للفيلم الذي لن يصمد في شباك التذاكر سوى أيام قليلة في ظل منافسة كبيرة من أفلام قوية مثل “توب جن” (Top Gun) و”إيلفيس” (Elvis).
“الرجل من تورنتو” كوميديا و”أكشن” (إثارة) من بطولة وودي هارلسون وكيفين هارت وكالي كوكو، بحبكة بسيطة وتقليدية إلى حد كبير، لكنه استطاع سريعًا احتلال قوائم الأعلى مشاهدة في بعض الدول حول العالم.
الكوميديا التقليدية تربح أحيانًا
تبدأ أحداث الفيلم بتيدي جاكسون (كيفين هارت) الذي يحاول تحقيق نجاح سريع بفيديوهات على موقع يوتيوب للترويج للتمارين الرياضية، لكن لانعدام قدرته على التخطيط أو التركيز في خطوات مشاريعه تتحول كل محاولاته إلى إخفاقات هزلية، ويقف على الحافة في كل شيء؛ فهو يفقد عمله، وزوجته على وشك تركه، فيقرر أخذها إلى رحلة لكوخ ريفي لاستعادة رومانسية علاقتهما.
لكن لكونه لم يغير حبر ماكينة الطباعة جاءت الورقة التي تحتوي على تفاصيل الحجز باهتة، ليضل الطريق وبدلًا من تسلم الكوخ الخاص به وإعداده قبل حضورها، يحل محل قاتل محترف اسمه الحركي “الرجل من تورنتو”.
تلك هي حبكة الفيلم التي لن يكون أي شخص مجحفا لو عدّها ساذجة؛ فعلى سبيل المثال لا يوجد اليوم من يطبع تفاصيل أي حجز فندقي، بل يتم التعامل عبر البريد الإلكتروني والهواتف المحمولة والتطبيقات الإلكترونية، أي أن أساس الحبكة ذاتها ضعيف للغاية، لكن صناع الفيلم لم يبالوا بهذه التفصيلة، مبينين أنه لن يقف أمامها المشاهد إلا إذا لم يضحك، ومراهنين على الكوميديا التي يقدمونها.
تعتمد قصة الفيلم على المفارقة الأساسية بين بطليه: تيدي جاكسون الأخرق في كل أفكاره وتصرفاته، وراندي أو “الرجل من تورنتو” القاتل المحترف، الذي لا يحمل أي مشاعر لأي شيء أو شخص سوى سيارته الثمينة.
فالأحداث المبنية على هذه المفارقة هي التي تصنع الكوميديا، لكن فكرة المفارقة نفسها وبناء فيلم عليها تبقى تقليدية للغاية، إذ نجدها في السينما بداية من الأفلام القصيرة الصامتة للوريل وهاردي أو تشارلي شابلن.
لذلك فإطلاق لفظ “تقليدي” على هذا الفيلم ليس من المبالغة، فهو في الأساس يعتمد على مشاهد لمن يرغب في مشاهدة فيلم بسيط، ولا يبحث عن أي تجديد فني أو روح دعابة مبتكرة، لذلك فهو عمل مثالي للمنصات الإلكترونية التي يبحث مشاهدوها في نهاية الأسبوع على عمل مسلٍّ ومضحك يمحو عبره ثقل أسبوع العمل الطويل ليس أكثر.
الرجل من تورنتو وخليط من الأفلام
يُذكّر فيلم “الرجل من تورنتو” المشاهد بالعديد من الأفلام الأخرى لكن على نحو مجتزئ، فهو بعنفه وشخصية القاتل راندي يحمل شبهًا واضحًا مع فيلم “الحارس الشخصي لقاتل” (The Hitman’s Bodyguard).
غير أن الأخير احتوي على كثير من المشاهد العنيفة والدموية والحركة المختلطة بالكوميديا، وهو الأمر المفقود في فيلم “الرجل من تورنتو” الذي جاءت مشاهد الحركة الخاصة به باهتة إلى حد كبير، ويغلب عليها الكوميديا، وبلا أي دموية على الشاشة تقريبًا، في محاولة لجعله عملًا عائليًّا يحصل على تقييم “بي جي 13” (PG 13) الذي يجعله متاحًا لمشاهدات أكثر.
تظهر لامبالاة صناع الفيلم بشكل أكبر في التناقض بين رسم الشخصيات وطريقة ظهورها على الشاشة؛ فعلى سبيل المثال “لوري” زوجة تيدي امرأة من المفترض أنها ذكية وعاملة مجدة، لكنها تتقبل إخفاقات زوجها المتعددة، وتحاول حثه على المضي قدمًا في حياته المهنية.
هذه الزوجة نفسها تقبلت أعذار زوجها غير المنطقية عندما اختفى، بل تعاملت ببساطة مع إرساله عميلا سريا وسيما لتسليتها في التسوق حول المدينة بدلًا منه، وهذا يلقي الكثير من الشك على مدى ذكاء هذه الزوجة بالتأكيد.
كذلك الأمر مع “راندي/ الرجل من تورتنو” الذي ظهر أشبه براعي بقر أميركي يحمل سكينا، مما جعل كلمة الكندي في اسمه شيئا غير مفهوم على الإطلاق، وأدى وودي هارلسون الشخصية بشكل هزلي غير مبال لأنها في أساسها مكتوبة بشكل سيئ.
الأمر تكرر كذلك مع كيفين هارت الذي استخدم قدراته الكوميدية المألوفة في رتق ثقوب الشخصية، وحتى المشاهد الكوميدية المكتوبة بركاكة.
أما عن دور آن صديقة الزوجة التي قدمتها كالي كوكو فهو غير مفهوم في سياق الفيلم؛ فلم تظهر سوى في 3 مشاهد، لإضفاء طابع بشري على شخصية القاتل كرجل يفتح قلبه للحب لأول مرة، لكن ذلك لا يبرر أن هذه المشاهد لا تظهر طبيعة علاقتها بتيدي وزوجته، أو لماذا وافقت على الارتباط بهذا القاتل المتجهم؟
فيلم “الرجل من تورنتو” يعتمد أساسا على تلقي المشاهد أو ما يبحث عنه، فإن كان الهدف فيلمًا مسليًا يشاهده المتلقي خلال مهامه اليومية، أو في أمسية يوم عمل مشغول فيه فسيكون مثاليًا له، فهو لا يتطلب تركيزا أو متابعة دقيقة، خاصة لو كان محبًا لنوع الكوميديا التي يقدمها كيفين هارت.
لكن المتفرج الذي يبحث عن عمل محكم التفاصيل فسيحبط كثيرًا من هذا الفيلم الذي حصل على تقييم 53% على موقع “الطماطم الفاسدة” (Rotten Tomatoes) من الجمهور و25% من النقاد.