الغاز يقفز في أوروبا 30%.. اتهامات لروسيا باستخدام الغاز سلاحا وموسكو تعزو تعثر تدفقه إلى العقوبات المفروضة عليها
ارتفع سعر الغاز في أوروبا بنسبة 30% في بورصة إنتركونتيننتال إكستشينج الأميركية؛ ليبلغ نحو 2900 دولار، غداة إعلان روسيا وقف إمدادات الغاز عبر خط أنابيب “نورد ستريم 1″، يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه السجال محتدما بين روسيا ودول الاتحاد الأوروبي بشأن المسؤولية عن تعثر تدفق الغاز.
فقد اتهم المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الساسة الأوروبيين بارتكاب أخطاء كثيرة يجب أن يُدفع ثمنها، وألقت شركة الغاز الروسية العملاقة “غازبروم” باللوم في إغلاق “نورد ستريم 1” على العقوبات الغربية والمسائل الفنية التي حرمت خط الأنابيب من معدات تضمن عمله بشكل سليم.
تعاون فرنسي ألماني
وفي هذا الإطار، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون التزام بلاده بمد ألمانيا بالمزيد من الغاز، بما يمكّن برلين بدورها من مدّ فرنسا بالكهرباء.
وأوضح -خلال مؤتمر صحفي عقب اتصاله بالمستشار الألماني أولاف شولتز عبر تقنية الفيديو- أن فرنسا تعمل على استكمال توصيلات الغاز حتى تتمكن من إمداد ألمانيا به، إذا ما استدعت الظّروف التّضامن بين البلدين.
وأضاف ماكرون أنّ برلين بدورها ستضع نفسها في وضع يمكنها من إنتاج المزيد من الكهرباء ومدّ فرنسا به في حال احتاجت باريس لذلك. وشدد على تسريع مشاريع الطاقة البديلة في فرنسا وفي أوروبا، لافتا إلى أن باريس تؤيد شراء الغاز بشكل مشترك في أوروبا.
محطتان نوويتان
بدورها، ذكرت مجلة دير شبيغل الألمانية أن ألمانيا ستبقي على محطتين للطاقة النووية متاحتين حتى منتصف أبريل/نيسان العام القادم مصدرا احتياطيا للطاقة خلال الشتاء، بدلا من إغلاقهما في نهاية هذا العام كما كان مقررا أصلا.
وأضافت أن هذا القرار -الذي من المنتظر أن يعلنه وزير الاقتصاد روبرت هابيك- جاء عقب نتائج اختبار للتحمل لمعرفة ما إذا كانت شبكة الكهرباء يمكنها تلبية الطلب في الشتاء إذا توقفت تدفقات الغاز الروسي أو جرى خفضها بشكل حاد.
وتوجد محطتا الطاقة النووية اللتان ستبقيان مرتبطتين بالشبكة في جنوب ألمانيا، حيث الضغوط على البنية التحتية للطاقة شديدة بشكل خاص. وسيجري إغلاق المحطة الثالثة المتبقية كما هو مخطط.
الطاقة سلاحا
من جهته، قال المتحدث باسم المفوضية الأوروبية إنه بإمكان روسيا ضخ الغاز إلى أوروبا عبر الأنابيب الأخرى لتعويض توقف خط أنابيب “نورد ستريم 1″، لكنها اختارت عكس ذلك.
وأضاف أن هذا السلوك دليل على أن موسكو تستخدم إمداداتها من الغاز إلى أوروبا بوصفها سلاحا.
وقال مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة، مشيرا إلى أن الأوروبيين يعلمون أن شتاءً صعبا ينتظرهم.
وأوضح بوريل أن الأوروبيين بصدد إعادة النظر في اعتمادهم على مصادر الطاقة الروسية، وأن الاتحاد الأوروبي سيتخذ موقفا قويا تجاه روسيا وسياسة (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين العدوانية، حسب تعبيره.
وأضاف المسؤول الأوروبي أنه إذا تجاوز الأوروبيون الأزمة وحافظوا على وحدتهم واستمر التوازن العسكري على الأرض؛ فإن أوكرانيا والاتحاد الأوروبي سيكونان في وضع أفضل من الناحية الإستراتيجية بحلول الربيع.
وقال إن بوتين لم يكن يتخيل أن روسيا ستصل إلى هذا الوضع بعد 6 أشهر من الحرب، مشيرا إلى أنه خسر بالفعل الحرب أخلاقيا وسياسيا.
وفي هذا الإطار، نقلت وكالة رويترز عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن روسيا التي تستخدم الطاقة سلاحا، تختار إيقاف تشغيل نورد ستريم 1، مضيفا أن العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا لا تقف في طريق تشغيل هذا الخط.
كما أشار المسؤول الأميركي إلى أن الولايات المتحدة تتعاون مع أوروبا لضمان توفر إمدادات غاز كافية، بحسب ما نقلت عنه الوكالة، مضيفا أنه نتيجة لهذه الجهود “ستكون مخزونات الغاز الأوروبية ممتلئة بحلول موسم التدفئة في فصل الشتاء”، بحسب قوله.
وأكد البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن مصمم على اتخاذ كل الخطوات الضرورية لتعزيز إمدادات الطاقة وخفض الأسعار، مضيفا أن بايدن اتخذ إجراءات بما في ذلك العمل مع الحلفاء بشأن وضع حد أقصى لسعر النفط الروسي لضمان الحفاظ على إمدادات النفط العالمية.
إيران مورد بديل
من جهتها، أعربت إيران عن استعدادها -في حال تم رفع العقوبات الأميركية عنها- لتوفير موارد الطاقة لأوروبا.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني -خلال مؤتمر صحفي- “في ضوء مشاكل الإمداد في أوروبا الناتجة عن الأزمة الأوكرانية، يمكن لإيران أن تلبي الاحتياجات الأوروبية للطاقة في حال تم رفع العقوبات المفروضة عليها”.
وتعد إيران من أبرز دول العالم التي تصدر النفط والغاز، وتمتلك ثاني احتياطيات مثبتة من الغاز بعد روسيا، إلا أن تصديرها هذه المادة الحيوية يقتصر إجمالا على بلدين مجاورين، هما تركيا والعراق، في حين يحتاج هذا القطاع إلى استثمارات كبرى في مجال البنى التحتية ورفع قدرة الإنتاج والتصدير.
وكانت شركة “غازبروم” أرجعت توقف إمدادات الغاز كليا -من خلال الخط الذي يمر عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا- إلى اكتشاف تسرب للزيت في أحد التوربينات، وعدم توفر معدات للصيانة نتيجة العقوبات الأوروبية.
وجاء وقف موسكو الإمدادات عبر خط “نورد ستريم 1” إلى أجل غير مسمى بعد ساعات من إعلان وزراء مالية مجموعة الدول السبع (بريطانيا وكندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والولايات المتحدة) الجمعة الماضي أنهم يخططون لتطبيق حد أقصى لسعر النفط الخام لروسيا ومنتجاتها البترولية.
وبهذا الصدد نقلت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية عن وثيقة للمفوضية الأوروبية أنه يجب وضع حد أقصى لما يمكن دفعه مقابل الغاز المستورد من ورسيا، وقالت إن وضع حد لأسعار الغاز سيقلل التأثير على أسعار الكهرباء.
كما قالت المفوضية الأوروبية -حسب الوثيقة- إن وضع حد أقصى لأسعار الغاز الروسي عملية معقدة وتتطلب تنسيقا هائلا.
وتتزامن أزمة الطاقة في أوروبا هذا العام مع موجة جفاف بالقارة العجوز، وارتفاع كبير في المعدلات العالمية للتضخم، في ظل استمرار تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية على الاقتصاد العالمي؛ مما يثير التساؤلات عن قدرة بلدان القارة على تخزين الكمية المطلوبة لفصل الشتاء المقبل.