أظهرت دراسة جديدة أن إناث بعض أنواع الحيتان تطورت لتعيش حياة أطول بشكل كبير حتى تتمكن من رعاية أسرها. وركزت الدراسة التي نُشرت يوم 13 مارس/آذار في مجلة “نيتشر” على خمسة أنواع من الحيتان التي تعد -إلى جانب البشر- الثدييات المعروفة بأنها تمر بمرحلة انقطاع الطمث.
وتُظهر النتائج أن إناث هذه الأنواع من الحيتان التي تعاني من انقطاع الطمث تعيش نحو 40 عاما أطول من إناث الحيتان الأخرى ذات الحجم المماثل. ووفقا للدراسة، فإن التخلي عن التكاثر مبكرا قد يساعد “الحيتانيات” (وهي المجموعة التي تضم الحيتان والدلافين) على العيش فترة أطول.
تعتبر حيتان الأوركا والحيتان البيضاء من بين عدد قليل من الحيوانات تتوقف فيه الإناث عن الإنجاب في منتصف حياتها بسبب انقطاع الطمث، وتشير الدراسة إلى أن انقطاع الطمث يسمح بالفعل في إطالة عمر الحيتان الإناث. وعلى الرغم من أن ذلك قد يحد من عدد النسل الذي تنجبه الأنثى، فإن الحياة الأطول تعني أنها تستطيع تربية أطفالها وأحفادها، مما يساعد على ضمان بقائهم على قيد الحياة.
يقول الباحث الرئيسي في الدراسة “سامويل إليس”، وهو مدرس علم النفس في جامعة إكستر البريطانية: إن إناث الحيتان التي تمر بمرحلة انقطاع الطمث تعيش نحو 40 عاما أطول من الحيتان ذات الحجم المماثل التي لا تعيش لنفس المدة في حين أن عمرها الإنجابي هو نفسه تقريبا.
ويضيف إليس في حديث مع “الجزيرة نت” أنه “نظرا لأنها لم تعد تتكاثر بعد انقطاع الطمث، فإن هذه الإناث لا تنافس على الموارد ضد أبنائها، وبدلا من ذلك يمكنها قضاء المزيد من الوقت مع أبنائها وأحفادها وتقديم المساعدة لها عبر الأجيال”.
ويوضح إليس أنه بما أن سن اليأس موجود عند البشر، فإننا ننسى ما هي الإستراتيجية التطورية غير المألوفة، إذ إن عملية التطور تفضل السمات والسلوكيات التي ينقل بها الحيوان جيناته إلى الأجيال القادمة، لذا يبدو أن إيصال أكبر عدد ممكن من النسل إلى الجيل التالي هو الهدف.
يقول الباحث إنه رغم وجود بعض الاختلافات، تُظهر نتائج الدراسة أن البشر والحيتان ذات الأسنان تُظهر تطورا متقاربا في تاريخ حياتهم، فكما هو الحال في البشر، تطور انقطاع الطمث لدى الحيتان ذات الأسنان عن طريق الانتقاء لزيادة إجمالي العمر دون إطالة عمرها الإنجابي أيضا. “هناك أكثر من 5000 نوع من الثدييات، ومن المعروف أن 6 منها فقط تمر بمرحلة انقطاع الطمث”.
ووفقا للدراسة هناك فرضيتان رئيسيتان عن الفوائد التي يقدمها انقطاع الطمث؛ وتوضح فرضية الجدة التي تطرحها الدراسة الجديدة، أنه على الرغم من أن إنجاب الأطفال مهم لنقل الجينات إلى الجيل التالي، فإن ضمان البقاء على قيد الحياة مهم أيضا. وفي هذه الحالة قد يكون بذل الجهد في تربية الأبناء والأحفاد خيارا أفضل من الاستمرار في إنجاب المزيد من النسل.
ومن ناحية أخرى، تشير فرضية الصراع الإنجابي إلى أنه عندما تنجب الأمهات والبنات أطفالا في الوقت نفسه، فإن ذريتهن تتنافس على الموارد نفسها، أما إذا تخلت الأنثى الأكبر سنا عن التكاثر فستكون هناك منافسة أقل وفرص أكبر لبقاء نسلها على قيد الحياة.
ومن خلال مقارنة أنماط الحياة والخصائص المختلفة للحيتان المسنّنة، وجد الباحثون أن فرضيتي الجدة والصراع الإنجابي يبدو أنهما تنطبقان على هذه الحيوانات. ففي الحيتان القاتلة على سبيل المثال، تتولى الإناث الأكبر سنا من ذوي الخبرة؛ المسؤولية في الأوقات العجاف للعثور على مصادر جديدة للطعام.