نجح فريق بحثي صيني في معهد “قوانغتشو” للأرصاد الجوية الاستوائية والبحرية، في ابتكار طريقة بسيطة لتقييم تنبؤات مسار الأعاصير التي تهبط إلى اليابسة ويمكن أن تتسبب في حدوث أضرار واسعة النطاق، وهو ما يجعل التنبؤ الدقيق بها أمرا بالغ الأهمية.
غالبا ما تكون الأخطاء المرتبطة بموقع حدوث الإعصار أكثر أهمية من تلك المتعلقة بتوقيته. ومع ذلك، فإن الطريقة الأكثر استخداما للتحقق من مسارات الإعصار يمكن أن تتأثر بسهولة بالسرعة المتوقعة لحركته، ومن ثم يمكن أحيانا حدوث خطأ كبير في المسار حتى إذا كان موقع الهبوط المتوقع قريبا من الموقع المرصود.
في الدراسة الجديدة التي نشرت يوم 10 ديسمبر/كانون الأول الجاري في دورية “أدفانسز إن أتموسفرك ساينسز” (Advances in Atmospheric Sciences)، اقترح باحثون نهجا يمكن أن يقلل من أخطاء التوقيت عند التحقق من المسار المتوقع للإعصار.
توضّح هذه الدراسة -لأول مرة- أهمية موقع الإعصار الأرضي وأهمية التنبؤ الزمني، ومن المتوقع أن تساعد نتائجها في التقليل من تأثير الأخطاء في التنبؤ الزمني على نتائج التحقق من مسار الإعصار، من خلال إدخال مفهوم “التجاور الزمني”.
وبالمقارنة مع طريقة التقييم التقليدية التي تهتم بتتبع مسار الإعصار، يمكن للطريقة الجديدة أن تحدد بشكل أفضل تلك التنبؤات الدقيقة في الموقع، ولكنها أيضا ترصد الوقت المناسب لحدوث الظاهرة.
ومن شأن تطبيق هذه التقنية أن يساعد في الوقاية من كوارث الأعاصير والتخفيف من حدتها، وفقا للمؤلف المشارك في الدراسة بانجلين زانج، الباحث في معهد قوانغتشو للأرصاد الجوية الاستوائية والبحرية.
وأوضح “زانج” في تصريح للجزيرة نت عبر البريد الإلكتروني أنه عند النظر إلى توقعات تتبع مسارات الأعاصير اليومية من خلال النماذج الحاسوبية، وجد الفريق أنه في حالة قيام نماذج التنبؤ بوظائفها بشكل جيد، أظهرت النتائج تشابها في دقة الرصد بين الطريقتين التقليدية والمقترحة، وفي بعض الحالات، أظهرت الطريقة المقترحة في الدراسة دقة أعلى.
وأشار زانج إلى أن السبب الرئيسي لحدوث أخطاء في التنبؤ هو التوقع البطيء لسرعة حركة الإعصار، مما يؤدي إلى توقع وقت هبوط متأخر بشكل كبير، أو إلى انحراف الموقع الناجم عن المسار باتجاه الشمال. وقال “لا تميز طريقة التقييم التقليدية (طريقة تحديد الموقع) من نقطة إلى نقطة بين هذين الانحرافين ذوي الطبيعة المختلفة، مما يؤدي إلى أن تكون نتائج الخطأ متقاربة نسبيا”.
بالنسبة لسلطات الوقاية من الكوارث والتخفيف من حدتها، تعد دقة موقع الهبوط أكثر أهمية من وقت الوصول إلى اليابسة. إذا كان النموذج يتنبأ بدقة بموقع الهبوط، فيمكن للحكومة الاستعداد للإعصار مقدما بشكل فعال، حتى لو كان وقت الهبوط المتوقع بعد بضع ساعات أو قبل ذلك، فلا يهم ذلك كثيرا.
من خلال مقارنة خصائص هذه الطريقة الجديدة بخصائص النهج التقليدي من خلال التنبؤ بـ12 حالة من حالات الإعصار، وجد الباحثون أن الطريقة الجديدة ليست حساسة لأخطاء التوقيت، وأن الاختلاف بين الطريقة الجديدة والتقليدية يكون أكثر وضوحا عند حدوث الإعصار، وأن هناك أملا في أن تكون هذه الطريقة قادرة على تزويد خبراء الأرصاد الجوية بتقييمات أكثر سهولة لتنبؤات مسار الأعاصير، والتي ستكون ذات فائدة أوسع للحكومة وعامة الناس، وفقا للبيان الصحفي المنشور على موقع “يوريك ألرت” (EurekAlert).
ويشدد زانج على أنه يجب علينا تصميم مؤشرات التقييم وفقا للسيناريوهات الزمنية الفعلية، وعدم التقليل من أهمية التنبؤ الزمني لرصد مسار إعصار اليابسة، إذ تعتبر طريقة التحديد والتقييم هذه مفيدة للوقاية من الكوارث وتخفيف حدة الأعاصير الأرضية، ويمكن أن تساعد الحكومات في الحصول على مقارنة أفضل لقدرة التنبؤ بالمسار لنماذج مختلفة للأعاصير.
يقول زانج “اقترح بعض الزملاء أن هذه الطريقة صالحة فقط للتحقق من حالات الأعاصير التاريخية، ولا يمكن استخدامها للتحقق من الوقت الفعلي لتنبؤات الأعاصير التي لم تصل بعد إلى اليابسة، وهذا شيء سنواصل دراسته والتحقق منه”.