الجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم بعد تفجيره صباح اليوم (الأناضول)

الجسر الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم بعد تفجيره صباح اليوم (الأناضول)

موسكو– لا شكوك لدى الخبراء والمراقبين الروس بوقوف كييف وراء حادث تفجير جسر القرم الإستراتيجي صباح اليوم، وهو “العمل التخريبي” الذي كثيرا ما هددت السلطات الأوكرانية بتنفيذه، وظهر واضحَا -حسب رأيهم- من تعليق وزارة الدفاع على الحادث التي نشرت على موقعها عبارة “اختفى طراد صواريخ موسكفا وجسر كيرتش، وهما رمزان سيئان السمعة للقوة الروسية في شبه جزيرة القرم الأوكرانية. ماذا بعد أيها الروس؟”.

وبينما شكَل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لجنة حكومية خاصة للتحقيق في ملابسات الحادث، اعتبر نواب روس أن تفجير الجسر تجاوز “كبير” للخطوط الحمراء.

 

حالة شلل

أدى حادث التفجير إلى توقف حركة المرور عليه تمامًا. ولم يعلن الكرملين بعد عن توقيت الترميم، لكن اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب أفادت بانفجار شاحنة على الجسر، مما أدى لاشتعال النيران في 7 خزانات وقود للقطار الذي كان يسير باتجاه شبه جزيرة القرم.

وتتفاوت الأضرار الناجمة عن الأضرار التي لحقت بجسر القرم، فقد انهار قاع الطريق بعد الانفجار مما يكلف خسائر تقدر بحوالي 500 مليون روبل (أكثر من 8 ملايين دولار) وفقًا لاتحاد شركات التأمين لعموم روسيا.

وحتى اللحظة، ما زالت مستبعدة فرضية استهداف الجسر بصواريخ. فهو -حسب خبراء عسكريين روس- هدف إستراتيجي، ومنظومة الدفاع الجوي التي تتولى حمايته لا تقل كفاءة عن تلك التي تحيط بالعاصمة موسكو، مع الأخذ بعين الاعتبار تهديدات كييف مرارًا وتكرارًا بتفجير الجسر بمجرد أن تمتلك أوكرانيا الأسلحة المناسبة.

 

ترهيب

يقول للجزيرة نت الكاتب في الشؤون العسكرية، ألكسي فرولوف، إن انفجار جسر القرم لن يترك -خلافًا لحسابات كييف- شبه الجزيرة معزولة عن روسيا، لكنه سيؤدي إلى خسائر فادحة. ويتابع بأن عملية الإصلاح ستكلف مبالغ طائلة، ولا يزال يتعين حساب عواقب وخسائر تعليق حركة المرور إلى البر الرئيسي، معتبرًا أن أي هجوم إرهابي على هدف رمزي يهدف بالمقام الأول إلى تخويف السكان.

 

وحسب رأيه، فإنه مع تراجع فرضية الضربة الجوية، يبقى الخيار هو احتمال حدوث عمل تخريبي، مرجحًا تفجير شاحنة بها متفجرات في نفس الوقت الذي كان يمر فيه قطار بالوقود على طول خط السكة الحديد، لافتًا إلى أن الخبر الإيجابي الوحيد يكمن في بقاء الأقواس الصالحة للملاحة لجسر القرم سليمة، وهي خاصة بالسيارات والسكك الحديدية، وأن حركة الشحن تحتها لم تتوقف.

في كل الأحوال، باتت الخدمات اللوجستية التي يؤمنها الجسر أمام اختبار صعب لوقت غير محدد حتى الآن. فإلى جانب قيمته الرمزية، يعتبر جسر القرم شريانًا مهما للنقل، بما في ذلك إمداد المجموعات القتالية الروسية بالقرم وخيرسون. ولكن مع ذلك، يبقى خيار النقل من خلال السفن والعبارات متاحًا إلى حد ما.

مطالب بالرد

بيد أن تصريحات نواب روس تشير إلى ضرورة الرد، وأن تقوم موسكو بـ “عمل” من نوع جديد على “الاستفزاز” الأوكراني. فحسب عضو لجنة مجلس الدوما للدفاع، أندريه غوروليف، فإن بلاده بحاجة إلى إعطاء “رد قوي” على ما حدث على جسر القرم، ولكنه يدعو إلى عدم التسرع.

ومن جانبه، يعتبر المحلل السياسي ديمتري إيفستافييف أن استهداف الجسر “تجاوز لكل الخطوط الحمراء” وإشارة إلى ضرورة مواصلة عملية السلام، وضرورة القيام بـ “بادرة حسن نية” جديدة أكثر إقناعًا، لكنه لا يستبعد أن تقبل موسكو بأن تبقى مرافق البنية التحتية الحيوية بأوكرانيا سليمة، في وقت يتم استهداف بناها التحتية.

ويصف في كلامه أوكرانيا بالدولة إرهابية، ورئيسها زيلينسكي بالإرهابي الدولي، مؤكدًا أن رد روسيا على الهجوم على جسر القرم يجب أن يستند إلى منطق أن الانتقام ضروري لمثل هذه الأعمال، وضرورة أن “يمتد القصاص إلى كل من خططوا وأمروا ونفذوا العمل الإرهابي على جسر القرم”.

 

لا خطوط حمراء بعد اليوم

أما الخبير العسكري فاسيلي دانيكين فيذهب إلى القول إن الانفجار الذي وقع صباح السبت على جسر القرم كان مدروسًا جيدًا، لكنه يميل إلى الاعتقاد بأن السائق لم يكن يعلم بحمولة الشاحنة التي كان يقودها.

كما يشير في كلامه إلى وجود “بعض الصلة” بين استهداف الجسر والتخريب الذي طال خطوط أنابيب السيل الشمالي مؤخرًا، مضيفًا أنه لم تعد هناك “خطوط حمراء” بعد الآن، ويجب توجيه ضربة انتقامية واسع النطاق ضد مراكز صنع القرار في كييف، متهما المخابرات الأميركية والبريطانية بالتورط في الاستهداف.

تخريب جسر حيوي

من وجهة النظر الروسية، يتمتع جسر القرم بأهمية حيوية ليس فقط للتنمية في شبه جزيرة القرم وسيفاستوبول، بل جنوب روسيا بأكمله.

ويمكن لـ 14 مليون شخص عبور هذا الجسر سنويًا، كما أنه قادر على تأمين نقل أكثر من 13 مليون طن من البضائع.

والجسر الذي يمر عبر مضيق كيرتش، يربط شبه جزيرة القرم وإقليم كراسنودار، وهو الأطول في روسيا، إذ يبلغ طوله 19 كيلومترًا، وهو مجهز بمعدات حماية من الصواعق، وأجهزة إنذار، وقادر على تحمل زلزال بشدة 9.1 درجات على مقياس ريختر دون أي مشاكل، وشارك في تشييده فريق مكون من 13 شخص دون أيام عطلة.

 
المصدر : الجزيرة

About Post Author