هل سبق لك أن استيقظت في منتصف الليل لتجد زوجتك أو طفلك في الغرفة المجاورة يتمتم ويغمغم بكلمات غير مفهومة بصوت عال ومسموع رغم نومه العميق؟
كثيرا ما نصادف هذا المشهد، أو حتى نقع فيه بأنفسنا، ونستيقظ في اليوم التالي ولا نتذكر أي شيء من هذا الحديث الغامض الذي تفوَّهنا به أثناء النوم.
يُعد التحدث أثناء النوم اضطرابا شائعا من الأرق أو السلوك غير الطبيعي أثناء النوم، ويُقدَّر أن نحو 2 من كل 3 أشخاص يتحدثون أثناء نومهم في مرحلة ما من حياتهم، وهو شائع بشكل خاص عند الأطفال.
اضطراب الحديث أثناء النوم
يمكن أن يكون هذا الاضطراب مزعجا أو محرجا بعض الشيء بالنسبة للشخص المصاب، وحتى بالنسبة للأشخاص الذين يعيشون مع المصابين.
ورغم أن الحديث أثناء النوم يكون عادة غير ضار على نحو يستدعي القلق أو الحصول على تدخل طبي متخصص، فإنه في بعض الأحيان يمكن أن يكون علامة على اضطرابات نوم شديدة أو حالة صحية أكثر خطورة.
حالة غامضة مجهولة الأسباب
لا يعرف الأطباء كثيرا عن اضطراب الحديث أثناء النوم، ولم يكتشفوا بعد أسبابه أو الذي يحدُث في الدماغ عندما يتكلم الشخص خلال نومه.
إذا كنت من هؤلاء المصابين بالاضطراب، فقد تكون الأعراض أنك تتحدث بجمل كاملة أو بلغة مبهمة أو بصوت أو لغة مختلفين عن النمط المعتاد لطريقة حديثك خلال الاستيقاظ.
ويحدث الاضطراب عادة لأي شخص في أي وقت من دون أعراض تمهيدية مسبقة، ولكن يكون الأمر غالبا أكثر شيوعا عند الأطفال والرجال.
كذلك قد تلعب الأسباب الوراثية دورا في إصابة الشخص باضطرابات الحديث أثناء النوم؛ بمعنى أنه إذا كان لديك أحد الأبوين أو أفراد الأسرة الذين يتحدثون خلال نومهم فقد تكون أقرب للإصابة.
ورغم أن الباحثين لم يكتشفوا كل الأسباب التي تجعل الناس يتحدثون أثناء نومهم، أو إذا كان السلوك مرتبطا بالأحلام مثلا، أو الحالة العقلية للشخص؛ فإن بعض الأبحاث تشير -حسب موقع “فيري ويل هيلث” (Very Well Health) للصحة والطب- إلى أن الحديث أثناء النوم قد يكون مرتبطا باضطراب سلوك النوم وحركة العين السريعة.
إذ يُعتقد أن منطقة الدماغ التي توقف الكلام والحركة أثناء النوم قد لا تعمل بشكل سليم لدى المتحدثين أثناء النوم، مما يؤدي بهم إلى أن يكونوا “متحدثين” أثناء استغراقهم في سباتهم العميق.
بعض المؤشرات المثيرة
رغم ما سبق، فيمكن أن يزداد الحديث أثناء النوم في أوقات وظروف محددة، ويمكن أن ينجم عن:
- المعاناة من المرض.
- المعاناة من الحُمَّى الشديدة.
- تناول المخدرات والمشروبات الكحولية.
- المعاناة من الضغط العصبي.
- المعاناة من حالات الصحة العقلية، مثل الاكتئاب.
- الحرمان من النوم والإجهاد الشديد.
والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات النوم الأخرى معرضون أيضا للتحدث أثناء نومهم العميق، بما في ذلك الأشخاص الذين لديهم تاريخ من:
- توقف التنفس أثناء النوم.
- المشي أثناء النوم.
- الفزع الليلي المتكرر أو الكوابيس المزمنة.
كيف تتوقف عن الكلام أثناء النوم؟
نظرًا لأنه من الصعب تحديد أسباب التحدث أثناء النوم، فليست هناك أي طرق علمية لإيقافه، لكن أفضل رهان لك هو أن تعمل على تحسين عادات نومك اليومية.
ويشير موقع “كليفلاند” (Cleveland) للصحة إلى أن التركيز على عادات النوم الصحية وتحسين بيئة النوم قد يقضيان على اضطرابات النوم المحتملة ويحسنان نوعية النوم، مما قد يقلل فرص حديثك أثناء نومك.
على سبيل المثال؛ التزم بجدول نوم منتظم، واستهدف الحصول على قسط ثابت بين 7 و9 ساعات من النوم كل ليلة.
كذلك من المهم منح نفسك من 30 إلى 60 دقيقة من الهدوء والامتناع عن الشاشات لتهدأ وتسترخي قبل النوم، إضافة إلى تقليل وإدارة مستويات التوتر لديك.
وبشكل عام، يجب تجنب الكافيين لمدة 6 ساعات على الأقل قبل النوم، وممارسة الرياضة بانتظام.
وبالنسبة لبيئة النوم، تأكد من أن تكون هادئة ومظلمة ومائلة للبرودة.
إدارة اضطراب الحديث أثناء النوم
إذا كان الاضطراب يسبب لك الحرج أو لأحد أفراد أسرتك، فمن الجيد دوما استشارة اختصاصي النوم، خاصة إذا كانت حالة الحديث أثناء النوم تنطوي على خوف شديد وحالات من الفزع الليلي أو الصراخ أو الأفعال العنيفة.
وحسب موقع “ويب إم دي” (WebMD) للصحة والطب، سيسألك اختصاصي النوم عن المدة التي كنت تتحدث فيها أثناء نومك. وسيتعين عليك أن تستعين بمن معك السكن. كذلك ضع في اعتبارك أن الاضطراب قد يكون بدأ في مرحلة الطفولة.
إضافة إلى ذلك، لا توجد اختبارات طبية لتشخيص الحديث أثناء النوم. ومثلا، سيطلب طبيبك اختبارات عملية مثل دراسة النوم أو تسجيل النوم (مخطط النوم التسجيلي)، لمعرفة إذا كانت لديك علامات اضطراب نوم أخرى.
وبشكل عام، من النادر أن يتطلب الحديث أثناء النوم العلاج أو التدخل؛ إذ يُعد التحدُّث أثناء النوم حالة غير مؤذية وحتى قد تختفي من تلقاء نفسها.