أعلنت الحكومة التركية خطتها لإعادة إعمار المناطق التي دمرها الزلزال الكبير الذي ضرب جنوبي البلاد في السادس من فبراير/شباط الجاري على لسان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي وعد بإعادة بناء ما دمره الزلزال في غضون عام واحد.

وأكد الرئيس التركي أن حكومته تخطط لإعادة بناء مئات الآلاف من المساكن مع بنيتها التحتية، وإعادة إنشاء المدن التي تعرضت لدمار كبير وانهارت فيها عشرات آلاف المباني، في حين تحدث مسؤولون عن الحاجة لهدم عدد كبير من المباني التي تضررت جزئيا بعدما أصبحت غير صالحة للسكن.

 

وقال أردوغان -في كلمة ألقاها أثناء زيارته مخيما للمتضررين من الزلزال بولاية ديار بكر السبت الماضي- “نعد شعبنا بأن ننجز عملية إعادة الإعمار في غضون عام واحد فقط”.

وفي تصريحات منفصلة، لفت الرئيس التركي إلى أنه بدءا من مطلع مارس/آذار الجاري سيبدؤون بناء 30 ألف وحدة سكنية، لافتا إلى أنهم سيستكملون بناء الشقق السكنية بشكل متدرج “بعيدا عن خطوط صدع الزلازل”.

الإطار الزمني

ويرى خبراء أن عملية إعادة إعمار المناطق المنكوبة بالزلزال -وهي ممتدة على 10 ولايات جنوبية تضم نحو 13 مليون نسمة- لن تكون سهلة.

ويرى أستاذ الإدارة المالية في أكاديمية باشاك شهير بمدينة إسطنبول فراس شعبو أن إعادة الإعمار لا تشمل الأبنية فحسب، بل تتضمن الطرق والمطارات والموانئ وسكك الحديد والجسور وإمدادات الغاز والكهرباء والمياه.

 

وأضاف للجزيرة نت أن عملية إزالة الأنقاض وتقييم الأضرار تحتاج إلى وقت، كما أن البلاد لا تزال تشهد فجوات في معالجة الأزمة تحت تأثير الصدمة، ناهيك عن أزمة صحية محتملة على الأبواب، وهي أمور تؤخر بدء إعادة الإعمار.

أما توران ميسين، وهو مقاول وصاحب شركة سمارت بيلدرز للإنشاءات العقارية؛ فقد رأى أن إعادة الإعمار في ظرف عام واحد للمناطق المنكوبة أمر ممكن.

وقال ميسين للجزيرة نت “الوقت الذي حدده الرئيس كاف، لأن هناك نظاما قائما، وما نحتاجه هو إصدار لوائح جديدة فقط”.

مصادر التمويل

وفي حين برزت تساؤلات حول تكلفة خطة إعادة الإعمار التي تنوي الحكومة التركية تطبيقها ومصادر التمويل المحتملة، أعلن الرئيس أردوغان أن القطاع المصرفي في البلاد خصص جزءا من أرباحه لعام 2022 -وتبلغ حاليا 50 مليار ليرة (نحو 2.64 مليار دولار)- لمكافحة آثار الزلزال.

ويرى فراس شعبو أن السياسة الاقتصادية في البلاد ستتغير بعد الزلزال بشكل كلي، من سياسة البحث عن رفع معدلات النمو والصادرات والناتج المحلي الإجمالي إلى سياسة إعادة الإعمار وإعادة تفعيل العجلة الاقتصادية، وهذا سيضع ضغوطا على الميزانيات الحكومية نتيجة الإنفاق الكبير.

وبينما توقع الأكاديمي والباحث الاقتصادي أن تأتي مساعدات -سواء من الداخل أو من الخارج، لا سيما من الدول الصديقة أو البنك الدولي- فقد رأى أنه في حال استغلت هذه المساعدات بشكل صحيح ووضعتها الحكومة موضع التشغيل المناسب، فإن تركيا ستتمكن خلال فترة زمنية قياسية من أن تعوّض جزءا كبيرا من الضرر الحاصل، بالتوازي مع سياسات مالية ميسرة وتسهيلات تجارية وائتمانية.

 

حجم التكلفة

وحول تقدير التكلفة المتوقعة للخطة الحكومية لإعادة الإعمار، قال شعبو “لا نستطيع أن نتنبأ بحجم تكلفة إعادة الإعمار إلا بعد أن يظهر حجم الضرر والدمار وحساب الخسائر الفعلية”.

وكنموذج يساعد على تخمين التكلفة المتوقعة، أوضح المقاول التركي توران ميسين أنه حسب أسعار السوق الحالية، فإن بناء المتر المربع الواحد يكلف نحو 10 آلاف ليرة تركية (نحو 530 دولارا)، وبالتالي سيكون من الضروري -حسب ميسين- معرفة عدد المباني التي تعتزم الحكومة إنشاءها من أجل حساب التكلفة الإجمالية، وقال إن متوسط التكلفة لكل شقة هو ​​مليون ليرة تركية (نحو 53 ألف دولار).

وفي ظل مخاوف البعض من إعادة إعمار المناطق المعرضة بشكل دائم لخطر الزلازل، أوضح المسؤولون الأتراك أن إعادة الإعمار ستسير وفق قيود تُفرض على العملية برمتها.

وأوضح وزير العمران والبيئة والتغير المناخي مراد قوروم أن الأبنية التي سيتم إنشاؤها في مناطق الزلزال لن تتجاوز 3 طوابق، ولفت إلى أن جزءا من عملية إعادة الإعمار سيتجه إلى أطراف تلك المناطق بعيدا عن الفوالق الزلزالية التي قد تشهد نشاطا زلزاليا مستمرا.

ورأى أستاذ الاقتصاد وإدارة الأعمال في إسطنبول مخلص الناظر أن من المتوقع تطبيق البناء الجديد المعايير الموضوعة لتجنب مخاطر الزلازل؛ وهو ما يعني كلفة أكبر.

ورجح الناظر -متحدثا للجزيرة نت- أن تكون هناك خطط لنوع جديد من البنية التحتية ورؤية جديدة، كما يمكن الاستعانة بخبراء من اليابان وإندونيسيا الذين لديهم خبرة في التعامل مع زلازل تصل شدتها إلى 10 على مقياس ريختر.

المصدر : الجزيرة

About Post Author