تفاصيل مقترح أميركي جديد بشأن غزة وفرص نجاحه
واشنطن- تتحدث تقارير عن قرب تقديم واشنطن لمقترح “الفرصة الأخيرة” لعقد صفقة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، لكن جون كيربي، المتحدث الرسمي باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أكد أنه ليس هناك جدول زمني لتقديم المقترح.
ويرى معلقون أميركيون أن إدارة جو بايدن، وبالتعاون مع الوسطاء المصريين والقطريين، قد أنجزت 90% من الاتفاق الأولي المكون من 18 فقرة، في حين تبقى خلافات تعرقل التوصل للاتفاق الكامل، منها عدم موافقة حماس بعد على قائمة نهائية بالرهائن الذين سيتم إطلاق سراحهم وتوقيت ذلك، إضافة لتشدد الجانب الإسرائيلي فيما يتعلق بالوجود العسكري في ممر فيلادلفيا الحدودي مع مصر، وبقاء قوات إسرائيلية داخل بعض مناطق قطاع غزة.
وتتمسك حماس بانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من ممر فيلادلفيا، كما ترفض الحكومة المصرية الاتهامات الإسرائيلية بسماحها بتهريب السلاح عبر الممر، وترفض كذلك بقاء قوات إسرائيلية على حدودها، وهو ما يعد انتهاكا لبنود اتفاقية كامب ديفيد بين الدولتين.
من ناحيته، رفض كيربي الخوض في تفاصيل الإطار الزمني لتقديم الاقتراح، ورفض كذلك وصف المقترح الأميركي بأنه نهائي.
تشاؤم
وكانت واشنطن قد عدلت من تصورها المبدئي حول انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة إلى تخفيض كبير في عدد القوات الإسرائيلية في ممر فيلادلفيا خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، والانسحاب الكامل بعد ذلك. وبعد موافقة مفاوضي الحكومة الإسرائيلية على فكرة الانسحاب الكامل على مراحل، تراجع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن هذا الجزء من الصفقة.
في هذا السياق، أشار خبير الشؤون الدولية ولفغانغ بوستزتاي إلى أنه “في الوقت الذي يتزايد فيه الضغط على الحكومة الإسرائيلية، وهو أمر مفهوم من قبل أقارب الرهائن، يعتقد معظم القادة الإسرائيليين أن الانسحاب الكامل لجميع القوات الإسرائيلية من غزة سيعني انتصارا لحماس، الأمر الذي سيكون له -وفقا لتقديرهم- تأثير سلبي على أمن إسرائيل على المدى الطويل”.
وأضاف بوستزتاي في حديث للجزيرة نت “على الجانب الآخر، فإن حركة حماس، التي تحتاج إلى إعادة تنظيم قواتها المتبقية، لن تقبل بأي شيء يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة. لذلك، لست متفائلا بشأن وقف إطلاق النار في أي وقت قريب. كلا الجانبين ضد التوصل لاتفاق”.
من جانبه، قال دوف واكسمان، أستاذ الدراسات الإسرائيلية والعلوم السياسية في جامعة كاليفورنيا بلوس أنجلوس، إن المؤتمر الصحفي لنتنياهو، الاثنين الماضي، قد يُكثف الضغط عليه للتوصل إلى اتفاق، على الرغم من أنه يبدو غير راغب في التفاوض بشروط لا تناسبه.
وأشار واكسمان أيضا إلى أن احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تبدو شبه معدومة، نظرا لعدم وجود ضغط أميركي على نتنياهو. وأضاف أن الرسائل المختلطة الأخيرة من الرئيس بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن زادت من تعقيد الوضع.
ليس نهائيا بالضرورة
وكانت تقارير قد أشارت إلى أن الرئيس بايدن قد يعرض صفقة نهائية بصيغة “خذها أو اتركها” على إسرائيل وحماس هذا الأسبوع، على أمل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وأن مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان اقترح هذه الخطوة كخيار خلال اجتماع افتراضي مع عائلات الرهائن الأميركيين يوم الأحد الفائت.
وفيما يتعلق بمعضلة ممر فيلادلفيا، والذي أصبح نقطة خلاف رئيسية مع تأكيد نتنياهو على بقاء قوات الجيش الإسرائيلي بالممر إلى ما لا نهاية، وعدم انسحابه منه في المستقبل، قال جون كيربي إن “المقترح الأميركي الجديد ينص على إبعاد القوات الإسرائيلية في ممر فيلادلفيا إلى الشرق وهذا عنصر أساسي لم يتغير”.
وفي حديث مع الجزيرة نت، عبر السفير ديفيد ماك، المساعد السابق لوزير الخارجية، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، عن عدم تفاؤله بالتوصل لاتفاق سريع خلال هذا الأسبوع، رغم زيادة الضغط على نتنياهو في إسرائيل.
واتفق البروفيسور أسامة خليل، رئيس برنامج العلاقات الدولية بجامعة سيرايكوس، بولاية نيويورك، مع الطرح السابق، وقال إنه “من غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق لوقف دائم لإطلاق النار وتبادل الرهائن. فمنذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، دأب نتنياهو على تقويض المفاوضات وتغيير معاييرها لضمان عدم التوصل إلى اتفاق وبقائه في السلطة”.
وأضاف “ليس لدى نتنياهو حافز يذكر لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لأن حكومته ستنهار ومن المرجح أن يواجه اتهامات بالفساد. وهو يستفيد حاليا من الدعم الساحق من اليمين الإسرائيلي المصمم على طرد الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية”.
وخلص إلى أن “إسرائيل تريد اتفاقا مؤقتا لوقف إطلاق النار يسمح لها باستئناف الأعمال العدائية من خلال استهداف شخصيات رئيسية في حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين، فضلا عن التوغلات العسكرية”.
ضغوط دون تهديدات
ودفع مقتل الأميركي الإسرائيلي هيرش غولدبرغ بولين، والذي كان ضمن الذين عُثر عليهم داخل أحد أنفاق مدينة رفح، إلى عودة أزمة غزة، وخاصة مصير 8 مواطنين أميركيين ما زالت حركة حماس تحتجزهم، إلى واجهة الأحداث.
ووجدت كامالا هاريس نائبة الرئيس الأميركي -والتي حاولت منذ انسحاب الرئيس بايدن من السباق الرئاسي، أن تنأى بنفسها عن إرث إدارة بايدن في التعامل مع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة- في وضع جديد غير مرغوب فيه.
وعقب مشاركتها، أمس، في اجتماع بغرفة العمليات بالبيت الأبيض، كتبت المرشحة الديمقراطية هاريس على منصة إكس “لقد حان الوقت لوقف إطلاق النار. نحن بحاجة إلى إعادة الرهائن إلى ديارهم وإنهاء المعاناة في غزة”.
ويلقي الكثير من المعلقين باللوم على إدارة بايدن بسبب عدم استغلالها ما تقدمه لإسرائيل من أسلحة وأموال “ضخمة” للضغط عليها من أجل التوصل لاتفاق بشأن غزة.
واعتبر البروفيسور أسامة خليل أن “إدارة بايدن شجعت سياسات نتنياهو بدعم سياسي وعسكري ودبلوماسي واقتصادي قوي. وسيستمر هذا خلال الشهرين المقبلين مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية وتنافس حملتي هاريس وترامب على الناخبين والمانحين المؤيدين لإسرائيل”.