رام الله- في أبريل/نيسان الفائت، اقتحمت قوة كبيرة من جيش الاحتلال منزل الطفل محمد عبد الله حامد من بلدة سلواد (شرق رام الله)، وقام الجنود بالاعتداء على والديه وقصفوا المنزل بالصواريخ بعد تخريبه، ثم اعتقلوا شقيقه الأكبر أحمد بعد ضربه.

منذ ذلك الحين تغيرت حياة محمد (16 عاما) بالكامل، كما يقول والده عبد الله، لم يعد الطفل الهادئ الذي يخاف من أي شيء، و”أصبح غاضبا وناقما على الاحتلال، كلما مرت دورية لجيش الاحتلال يلاحقها بالحجارة”.

 

بقي محمد على هذه الحال حتى مساء الخميس الفائت (23 يونيو/حزيران) عندما أُصيب برصاصة من جيش الاحتلال واعتقل أثناء رشقه إحدى الدوريات بالحجارة، وبعد ذلك استشهد متأثرا بالرصاصة التي إصابته مباشرة في منطقة أسفل الوجه.

وقال الوالد للجزيرة نت “محمد طوال الفترة الفائتة يفكر في الانتقام، أقسم لأمه بأنه سيتسلق جيب الاحتلال وينتزع العلم الإسرائيلي المرفوع عليه، ويضعه تحت قدميها”.

وحسب الوالد، فإن الاحتلال أمعن في جريمته ضد محمد عندما واجه غضبه والحجر الذي كان يحمله بالرصاص الحي القاتل “كان يمكنه إطلاق الرصاص على قدميه، أو استخدام رصاص غير قاتل، ولكنه تعمد قتله”.

 

جريمة مركبة

ولم يكتف الاحتلال بذلك عندما احتجز جثمانه بعد استشهاده ومنع عائلته من إلقاء نظرة عليه، ويقول الوالد “أُبلغنا من الارتباط العسكري الفلسطيني بأن تسليم الجثمان سيكون في اليوم التالي، وجهزنا قبره، إلا أن الاحتلال تراجع عن التسليم ولا يزال محتجزا حتى الآن”.

ليس محمد فقط، فمنذ بداية العام قتل الاحتلال 15 طفلا فلسطينيا في ظروف مشابهة، ويحتجز جثامين 11 منهم، أقدمهم الطفل محمد ناصر طرايرة (17 عاما) من مدينة الخليل المحتجز جثمانه منذ عام 2016.

وحسب المدير العام للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين المحامي خالد قزمار، فإن قتل الأطفال ليس جديدا على الاحتلال الإسرائيلي.

وخلال متابعته في مؤسسته التي تنتشر مكاتبها في 36 دولة حول العالم، حيث تقدم كل المكاتب تقاريرها بخصوص وضع الأطفال في بلدانهم، فإن الانتهاك الأبرز يكون ضد الأطفال الفلسطينيين بانتهاك حقهم في الحياة من قبل الاحتلال.

وحسب توثيق المؤسسة، فقد قتلت إسرائيل منذ عام 2000 وحتى الآن 2206 أطفال، إلى جانب عشرات الآلاف من الإصابات خلال هذه الفترة، وأدت إلى إعاقات دائمة للمئات منهم.

ويقول قزمار للجزيرة نت “هذا رقم هائل غير موجود في كل العالم، فإسرائيل لا تنتهك القانون الدولي بعدم تحملها مسؤولية حماية هؤلاء الأطفال، بل إنها تستهدفهم بصورة ممنهجة”.

ويصنف القانون الدولي لحقوق الإنسان -وتحديدا اتفاقية جنيف الرابعة- الأطفال من الفئات الضعيفة، التي تقع مسؤولية حمايتها على سلطات الاحتلال.

وحسب قزمار، فإن مؤسسته وخلال هذه السنوات قامت بمتابعة كل ظروف استشهاد هؤلاء الأطفال، وخلصت إلى نتيجة أنه لم تكن أي حالة تستدعي القتل فيها، أو أن الطفل شكل خطرا لا يمكن السيطرة عليه بغير القتل، كما جرى مع الشهيد محمد عبد الله حامد.

 

قانون لا يميز بين طفل وغيره

وإن كان الطفل قبل استشهاده لا يشكل خطرا يستوجب القتل من قبل الاحتلال، فإن احتجاز جثمانه بعد الاستشهاد جريمة إضافية لا يمكن تفسيرها قانونيا ولا أخلاقيا، حسب محامي الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء محمد أبو سنينة.

وقال أبو سنينة إن إسرائيل كانت تستند في قرار احتجاز الجثامين إلى قانون الطوارئ البريطاني رقم 130، وفي عام 2017 أقرت الحكومة قرارا باحتجاز جثامين الشهداء المنتمين لحركة حماس أو من قام بعمليات نوعية ضد أهداف احتلالية، كورقة تفاوض مع الحركة في ما بعد.

ورغم عدم توافق القرار مع القانون الدولي وحقوق الإنسان فإن الحكومة الإسرائيلية أتبعته بقرار آخر عام 2020 باحتجاز كل الجثامين مهما كان توجهات أصحابها، وتركت قرار التسليم من عدمه مهما كان العمل والانتماء لقائد المنطقة.

وتابع أبو سنينة للجزيرة نت “هذه القرارات لا تفرق بين جثامين الأطفال من غيرها، يكفي أنها لفلسطينيين، فأحيانا يكون الاحتجاز مرتبطا بمزاجية قائد المنطقة بحجة الحفاظ على النظام والأمن”.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *