نشرت صحيفة “ذا هيل” (the Hill) الأميركية مقالا يسلط الضوء على علاقة قوات الدعم السريع في السودان بمجموعة “فاغنر” الروسية السيئة السمعة.
ويرى كاتب المقال أرييل كوهين، وهو خبير أمني وزميل أول في المجلس الأطلسي، أن من بين كل الأطراف الأجنبية المتورطة في الاضطرابات السياسة التي يشهدها السودان، فإن روسيا تعد الجهة الأكثر تدخلا مباشرا وتملك الحافز الأكبر لدعم قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو الملقب بـ”حميدتي”.
ووصف الكاتب الهجمات المفاجئة التي شنتها قوات الدعم السريع على الجيش السوداني بأنها محاولة انقلاب، وقال إن موجة عدم الاستقرار الناجمة عنها تهدد بإشعال حرب أهلية في السودان.
وتحدث المقال عن العلاقة بين قوات الدعم السريع ومجموعة فاغنر، الشركة العسكرية الروسية الخاصة السيئة السمعة التي يملكها يفغيني بريغوجين -حليف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المقرب- الملقب بـ”طاهي بوتين”.
وأوضح أن فاغنر بدأت توفير التدريب الرفيع المستوى لقوات الدعم السريع وتبادل المعلومات الاستخباراتية معها عام 2017.
ومقابل خدماتها تلك، مُنِحت فاغنر مقاليد السيطرة على عديد من مناجم الذهب في دارفور والنيل الأزرق ومناطق سودانية أخرى. ونظرا لأن قوات الدعم السريع تسيطر منذ فترة طويلة على استخراج الذهب في السودان، فقد كانت مهمة السيطرة على موارد الذهب الثمينة تلك أمرا سهلا بالنسبة إلى فاغنر.
ووفق المقال، فإن المناجم السودانية التي تسيطر عليها روسيا يتم تشغيلها عبر شركات واجهة مرتبطة ببريغوجين وشخصيات أخرى من النخبة في موسكو.
وقد فرضت وزارة الخزانة الأميركية عام 2020 حظرا على شركة “مروي غولد” (Meroe Gold) التي تستخرج الذهب من السودان، لارتباطها بشركة فاغنر، ثم تبعها الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق، إذ فرض حظرا على الشركة للسبب نفسه.
ويرى كوهين أن وجود فاغنر في السودان يكتسي أهمية إستراتيجية كبرى بالنسبة إلى موسكو. فعندما فرض الغرب عقوبات اقتصادية على روسيا ردا على حربها على أوكرانيا، بدأت شبكة من المشغلين المشبوهين التابعين للكرملين في استغلال الموارد التي تسيطر عليها بهدف تمويل الحرب. وفي هذا الإطار، تأتي خطة فاغنر لنهب ذهب السودان لدعم الاقتصاد الروسي وتمويل الحرب في أوكرانيا.
وقد كشف تقرير استقصائي أجرته قناة “سي إن إن” (CNN) الأميركية في الفترة بين فبراير/شباط ويوليو/تموز 2022 عن 16 رحلة جوية روسية معروفة لتهريب الذهب من السودان. ويُزعم أن عمليات تهريب الذهب تلك جرت تحت إشراف قائد كبير في فاغنر يتمتع بخبرة واسعة في العمل في كل من ليبيا وسوريا، وفق مقال الصحيفة.
وأشار المقال إلى أن الحكومة السودانية وقّعت عام 2018 صفقة مع روسيا لتكرير النفط، في حين تولت قوات الدعم السريع تسيير بناء قاعدة بحرية روسية خُطط لإقامتها في بورتسودان.
ومن المتوقع أن تساعد القاعدة في تأمين إمدادات النفط من خلال العمل كجسر حماية لشركات النفط الروسية العاملة في البحر الأحمر، وستوفر أيضا موقعًا إستراتيجيًا للجيش الروسي.
وأبرز الكاتب أن فاغنر قد اتخذت ما يكفي من الاحتياطات لضمان تدفق الذهب والنفط السودانيين إلى روسيا حتى وإن اندلعت حرب أهلية في السودان.
ورجح كوهين أن يستمر بريغوجين في دعم قوات الدعم السريع، رغم انشغال مرتزقته بالحرب في أوكرانيا، وفي إثارة الفوضى على نحو يعزز قبضة الدعم السريع على السودان، فهو يحتاج إلى انتصار حميدتي وقواته في الصراع الحالي.