نشرت صحيفة “صنداي تايمز” (the Sunday Times) البريطانية مقالا تناول الهجوم الأوكراني المضاد المرتقب الذي قال وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، الأسبوع الماضي إنه بات وشيكا.
وتحدث البروفيسور مارك غاليوتي، المختص في الشأن الروسي، في مقاله بالصحيفة البريطانية عن تحديات عديدة تواجه الأوكرانيين الذين قال إنهم غير جاهزين لخوض الهجوم المرتقب.
ويرى غاليوتي، أن حماس مدوني الحرب المناصرين للقوات الأوكرانية للهجوم المضاد الذي طال انتظاره، ونقاشاتهم حول خطط بديلة للمعارك يتناقض مع ما صرح به مسؤولون أوكرانيون من أن هامش المناورة أضيق من المفترض.
وذكر غاليوتي في مقاله أن وزير الدفاع الأوكراني قد وعد الأسبوع الماضي بأن الهجوم الكبير المنتظر بات وشيكا، وقال إن الهجوم المضاد سيبدأ “حالما تتوفر مشيئة الله والطقس المناسب وقرار القادة”.
وفيما يرى ضباط بريطانيون يعملون مع الجيش الأوكراني أن نظراءهم الأوكرانيين واثقون بشأن نجاح الهجوم المرتقب، تشير تقييمات استخباراتية أميركية كشفت عنها وثائق سرية مسربة إلى أن الهجوم الأوكراني لن يحقق على الأغلب سوى استعادة أراض محدودة من القوات الروسية المتحصنة بالمنطقة، والتي شنت أول أمس الجمعة غارات جوية على مدن أوكرانية أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 25 شخصًا.
وأشار غاليوتي، الذي ألّف أكثر من 20 كتابًا عن روسيا، أحدثها كتاب “حروب بوتين: من الشيشان إلى أوكرانيا” (Putin’s Wars: From Chechnya to Ukraine)، إلى أن أوكرانيا لا تحظى هذه المرة بعنصر المفاجأة الذي كان عاملا في النجاحات التي حققتها من قبل ضد القوات الروسية.
وثمّة عائق آخر -وفق المقال- هو نقص الذخيرة الذي تعاني منه القوات الأوكرانية، فقد نقل الكاتب عن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي “ناتو” ينس ستولتنبرغ قوله يوم الخميس الماضي إن 98% من الأسلحة الغربية التي تم التعهد بتقديمها لأوكرانيا قد تم تسليمها لكييف.
وقال غاليوتي إن الأوكرانيين يتحركون بسرعة لاستيعاب 230 دبابة غربية جديدة و1550 مركبة مدرعة ضمن الإمدادات العسكرية الغربية لكييف، لكنهم ما زالوا يفتقرون إلى الدفاعات الجوية اللازم توفرها لشن أي هجوم كبير، وهو ما يعرض قواتهم لخطر القصف الجوي الروسي.
كما أن مصادر الدفاع الغربية تشير إلى أن قدرة القادة العسكريين الأوكرانيين وجنودهم على التكيف مع الأنظمة العسكرية الجديدة محل شك، وفق المقال.
ويبرز غاليوتي أن هناك حدودا لمساعدات الغرب؛ فرغم الأصوات المطالبة بوفير مزيد من الأسلحة الجديدة، فإن ما يعيق استجابة الغرب لتلك الدعوات ليس البخل ولا الحذر، وإنما يتعلق بمسألة أساسية هي عدم توفر الذخيرة. إذ إن إرسال المزيد من أنظمة الصواريخ وغيرها من الأسلحة لا قيمة له دون توفير القذائف والرصاص والصواريخ التي تستهلكها القوات الأوكرانية بمعدل هائل.
ووفق المقال، فإن القوات الأوكرانية الآن تستهلك في شهر واحد أكثر مما تصنعه أميركا في عام كامل من القذائف من نوع 155 مليمترا على سبيل المثال.
ويعمل الغرب الآن على رفع طاقته الإنتاجية في مجال الذخيرة، لكن ذلك سيستغرق شهورًا وربما سنوات.
ورغم كل ما سبق، يقول الكاتب إن كييف لا تملك خيارا آخر سوى شن الهجوم المضاد الذي تشير التقارير إلى أنه سيكون في ربيع هذا العام أو صيفه.
كما يقول إن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نجح في إقناع الغرب بشأن إمدادات السلاح بمهارة كبيرة، ولكن الحفاظ على الدعم الغربي سيتطلب منه تقديم ما يطلق عليه السياسيون في واشنطن “عائد الاستثمار”، وهي إشارة إلى أن عليه أن يحقق نجاحات عسكرية مقابل الدعم العسكري الغربي السخي لبلاده.
كما قال مسؤول دفاعي أميركي: “لقد فاجأنا الأوكرانيون مثل بوتين في الماضي، لكن لديهم مساحة أقل للمناورة الآن… والروس يعرفون ذلك”.
ويختم البروفيسور غاليوتي مقاله بأن كييف سيتعين عليها شن الهجوم المضاد بغض النظر عن المعوقات المذكورة سابقا، وقد تركز هجومها على هدف يحقق بعض طموحها، مثل مدينة ميليتوبول بمقاطعة زاباروجيا الجنوبية، وهي محور طرق وسكك حديدية سيؤدي تحريرها إلى قطع ما يسمى بالجسر البري بين شبه جزيرة القرم وروسيا.