داود أوغلو والعروق الثلاثة.. هل تهدد كعكة البرلمان تماسك الطاولة السداسية في مواجهة أردوغان؟
إسطنبول – “إذا كان للأمة 3 عروق، فإن اثنين منها هي المهيمنة في تحالف الأمة” هكذا لخص زعيم حزب المستقبل ورئيس الوزراء الأسبق أحمد داوود أوغلو الوضع داخل تحالف المعارضة التركية “تحالف الأمة”، حيث يسود حزبا “الجيد” القومي و”الشعب الجمهوري” العلماني اليساري، على حساب التيار المحافظ.
ودعا داوود أوغلو إلى التوازن بين هذه المكونات في خضم مناقشات بين أحزاب تحالف الطاولة السداسية بشأن القوائم الانتخابية لمرشحي الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها يوم 14 مايو/أيار المقبل.
وحسب مراقبين، فإن بعض الخلافات اعترت النقاشات التي دارت على طاولة المعارضة بشأن قوائم المرشحين للبرلمان، قبل أن تتوصل 5 أحزاب في التحالف إلى اتفاق يقضي بتقديم المرشحين على قوائم حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة)، والأحزاب الأربعة الصغيرة هي المستقبل، والديمقراطية والتقدم، والديمقراطي، والسعادة، في حين سيتقدم الحزب السادس على الطاولة -حزب الجيد- بقوائم منفصلة في الانتخابات البرلمانية.
وتسعى الأحزاب الصغيرة في إطار تحالف المعارضة للتغلب على الحاجز الذي يمنع أي حزب من دخول البرلمان ما لم يحصل على 7% من مقاعد البرلمان بمفرده.
وكانت شائعات عديدة تحدثت الأسابيع الأخيرة عن وعود قدمها زعيم حزب الشعب الجمهوري والمرشح الرئاسي كمال كليجدار أوغلو لشركائه في التحالف، بمنحهم حصصا من قوائمه تكفل لهم الحصول على ما يصل إلى 20 أو 30 مقعدا لبعض الأحزاب، إلا أنها ظلت من دون تأكيد رسمي من طرف الأحزاب المعنية.
حقيقة خلافات المعارضة
الكاتب والصحفي الشهير المقرب من الحكومة، عبد القادر سلفي، تحدث قبل أيام عن خلاف بين حزب الديمقراطية والتقدم (ديفا)، بزعامة علي باباجان الوزير السابق في حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان، وحزب الشعب الجمهوري، على خلفية تراجع الأخير عن تعهده بمنح “ديفا” 20 نائبا، حيث عرض 3 نواب فقط، وهو ما سيفعله مع بقية الأحزاب الصغيرة، حسب سلفي الذي نقل عن حزب باباجان عدم قبوله ذلك.
ورغم أن الأحزاب الخمسة أعلنت الخميس الماضي توصلها إلى اتفاق بشأن تقديم قائمة مشتركة للمرشحين إلى الانتخابات النيابية، فإنها لم تقدم تفاصيل بشأن أعداد المرشحين من كل حزب.
في هذه الأثناء، كشف مصدر في حزب الشعب الجمهوري للجزيرة نت أن الأحزاب الخمسة ستقدم مرشحيها المستقلين في عدد من الولايات.
وقال رشتو حاجي أوغلو، العضو في حزب الشعب الجمهوري ومستشار رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو، إن كل حزب من الأحزاب المنضوية تحت تحالف الأمة ستخوض الانتخابات بمرشحيها وعلى قوائمها الخاصة بها في 41 ولاية، مما يعني أن القائمة المشتركة بينها لن تشمل جميع الولايات.
إشكالية القوائم المشتركة
وعن طبيعة الخلاف الذي عبّر عنه رئيس حزب المستقبل داوود أوغلو عندما تحدث عن هيمنة تيارين على الطاولة السداسية، رأى حاجي أوغلو أن زعيم حزب المستقبل ربما يرغب في توزيع القائمة المشتركة بهذه الطريقة، أي بالتساوي بين التيارات الثلاثة. لكنه اعتبر أنه من الصعب على حزب الشعب الجمهوري قبول ذلك.
وأضاف أن “العمود الفقري من القائمة المشتركة سيتشكل من حزب الشعب الجمهوري، ورغبة الحزب في أن يكون الحزب الأول أمر طبيعي. لأنه لا يعاني مشكلة الحاجز الدستوري، ولا يحتاج إلى أطراف أخرى من أجلها”.
من جهته، قلل القيادي في حزب المستقبل ألب تكين هوجا أوغلو من حجم الخلاف بين أحزاب الطاولة السداسية بشأن قوائم المرشحين، وقال إن الإعلام الموالي للحكومة منذ تشكيل الطاولة السداسية ينشر شائعات حولها، وهذا جزء من الحرب النفسية في العمل السياسي للحزب الحاكم.
وفي حديثه للجزيرة نت، نفى هوجا أوغلو وجود أي خلاف، وإنما حسب النظام الانتخابي الجديد والمعقد والذي يطبق لأول مرة في تركيا، فإن جميع الأحزاب في التحالفات -سواء التي تخص الحكومة أو المعارضة- ما زالت في طور الحسابات التي تكفل عدد مقاعد أكبر لكل حزب. ولهذا من الطبيعي أن يجري النقاش ضمن التحالفات، لكن لا توجد أزمة على الطاولة السداسية في هذا الخصوص.
واعتبر أن تصريح داوود أوغلو بشأن التيارات الثلاثة لا يعكس خلافًا، بقدر ما هو رسالة باسم الأحزاب الثلاثة المحافظة داخل حلف الأمة إلى الحزبين الرئيسيين بتوخي التوازن في قوائم المرشحين.
ويقول الصحفي التركي المقرب من المعارضة إسماعيل سايماز إن حزب الشعب الجمهوري خصص حصة من 30 نائبًا للأحزاب الأخرى الصغيرة ضمن تحالف الطاولة السداسية، إلا أنه لم تصدر تصريحات رسمية عن الأطراف المعنية تؤكد ذلك أو تنفيه.
تجاوز العقدة الأصعب
ورغم استمرار الغموض بشأن طبيعة الاتفاق بين أحزاب المعارضة حول موضوع القوائم المشتركة، فإن أوساط المعارضة لا تبدو قلقة من احتمال تفاقم الخلافات لاحقًا وتأثيرها على نتائج الانتخابات.
واستبعد الكاتب والصحفي التركي محمد طاهر أوغلو أن تؤدي نقاشات المعارضة إلى انسحابات من الطاولة السداسية أو تفككها، لا سيما بعد تجاوز العقدة الأصعب التي كانت متمثلة في اختيار المرشح الرئاسي المشترك.
وأضاف للجزيرة نت أنه من الطبيعي أن تكون النقاشات حادة وستشعر الأحزاب الصغيرة بنوع من القلق والشكوك لو لم تحصل على ما تريد من المقاعد البرلمانية.
وتوقع أن حزب الشعب الجمهوري، بعد نجاحه في إقناع عديد من الأحزاب بالحصول على دعمهم، لن يتورط الآن بإغضاب بعضهم لدرجة تدفعهم للانسحاب، بل سيتبع نوعًا من الدبلوماسية والحوار للوصول إلى ترضية وحل وسط ما أمكن.
واعتبر رشتو حاجي أوغلو -مستشار أكرم إمام أوغلو- أنه لن يكون هناك توتر كبير أو شقاق داخل المعارضة، وقال: “الصورة الحالية لن تنتج أزمات كبرى، ما دام الدافع الرئيسي لتوحد المعارضة هو التخلص من الرئيس رجب طيب أردوغان”.