رغم رفض 53% من الديمقراطيين ترشحه.. فوضى ترامب أهم أسلحة بايدن في الانتخابات الرئاسية
واشنطن- بعد مرور 35 عاما على المرة الأولى التي أعلن فيها نيته خوض الانتخابات الرئاسية عام 1988، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن رسميا خوضه معركة انتخابات 2024، ودعا الناخبين الأميركيين لإعادة انتخابه مرة أخرى “لإنقاذ الديمقراطية”.
وجاء إعلان بايدن في رسالة فيديو مدتها 3 دقائق تضمنت إنجازاته، والتهديدات التي يراها تحدق بأميركا. واللافت أن الفيديو افتتح بصور لمناصري الرئيس السابق دوتالد ترامب يقتحمون مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021، وصور مظاهرات داعمة لحق الإجهاض أمام المحكمة العليا الأميركية.
وقال بايدن “عندما ترشحت للرئاسة قبل 4 سنوات، قلت إننا في معركة من أجل روح أميركا، وما زلنا كذلك”.
أزمة العمر
يدخل بايدن السابق على الرغم من تدني نسب شعبيته ووصولها إلى ما دون 40%، في وقت لم يحقق فيه نجاحا كبيرا في الاقتصاد بعدما تعرضت الولايات المتحدة لضربات موجعة بسبب تفشي وانتشار فيروس “كوفيد-19” وما تبعه من إغلاقات واسعة.
لكن النقطة الأكثر إثارة هي رغبة 47% فقط من الديمقراطيين رؤية جو بايدن على ورقة الاقتراع في عام 2024، وفقا لآخر استطلاع أجرته وكالة أسوشيتد برس. هذا ليس لأنهم يعتقدون أنه قام بعمل سيئ في منصبه، لكن لأن العديد من الديمقراطيين، وخاصة الأصغر سنا، يشعرون بالقلق من أنه سيكون ببساطة أكبر من أن يكون فعالا في فترة ولاية ثانية، والتي ستنتهي عندما يبلغ من العمر 86 عاما.
يأتي ذلك فيما تنخفض أعمار القيادات السياسية الأميركية، ففي مجلس الشيوخ الحالي، يبلغ متوسط العمر 63.9 عاما، وفي مجلس النواب يبلغ متوسط العمر 57.5 عاما، في وقت يبلغ فيه متوسط العمر في الولايات المتحدة 38.8 عاما فقط.
وبسبب طبيعة الحزب الديمقراطي الصارمة، لا ينتظر أن يتحدى المرشحون -الذين تنافسوا على بطاقة الحزب في انتخابات 2020- الرئيس بايدن هذه المرة، ومن هؤلاء أعضاء مجلس الشيوخ إيمي كلوبوشار من مينيسوتا، وبيرني ساندرز من فيرمونت، وإليزابيث وارن من ماساشوستس، وكوري بوكر من نيوجيرسي، إضافة لوزير النقل بيت بوتيجيج.
شبح ترامب
تمثل إعادة معركة انتخابات 2020 بين بايدن وترامب كابوسا لأغلبية الأميركيين. ويبدو ترامب المرشح الأوفر حظا حاليا في السباق التمهيدي الجمهوري، لكن قوة ترامب داخل الحزب الجمهوري تعتبر أيضا الأساس المنطقي الأساسي لحملة جو بايدن، حيث تؤمن مؤسسة الحزب الديمقراطي أن بايدن هو أفضل رهان لدى الديمقراطيين لمنع سلفه من الفوز بولاية ثانية ستكون بالتأكيد أكثر تطرفا من الأولى.
ويأمل الديمقراطيون في جذب الناخبين المتأرجحين المستقلين عن طريق تصوير بايدن كحاجز قوي ضد تطرف التيار الترامبي (ماغا) داخل الحزب الجمهوري. ويلعب بايدن على سردية أن “ترامب ضاعف من تهديده للديمقراطية الأميركية”.
في أول تجمع انتخابي له في بلدة واكو بولاية تكساس الشهر الماضي، حذر ترامب من أنه “إما أن تدمر الدولة العميقة أميركا أو أن ندمر نحن الدولة العميقة”. وحتى الآن لم يتمكن أي منافس محتمل للحزب الجمهوري من مهاجمة ترامب بسبب الاتهامات الجنائية التي يواجهها، وهو عامل يضيف إلى اعتقاد العديد من الديمقراطيين بأنه سيفوز بترشيح الحزب الجمهوري.
أيام حزينة
قبل توجه الناخبين الأميركيين للتصويت في انتخابات 2024 قد تؤدي المنعطفات غير المتوقعة في تغيير المشهد الانتخابي بصورة دراماتيكية. فمن الوارد أن تؤثر الحالة الصحية لبايدن وارتفاع عمره على أهليته لخوض السباق وخوض مناظرات أمام ترامب، ومن جانبه قد تدفع الاتهامات الجنائية لترامب بتغيير المشهد.
ومع ذلك، تستحضر الظروف سباقا رئاسيا فريدا يعكس حالة الاستقطاب وعدم الاستقرار في السياسة الأميركية، ومن المرجح أن تتحدى انتخابات 2024 قوة المؤسسات السياسية الأميركية.
اعتبر البعض ترشح بايدن، ومن قبله ترشح ترامب “أياما حزينة للديمقراطية الأميركية” حيث منعت جيلا جديدا من الساسة للتقدم لرفع راية الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
ومن المثير للدهشة أن نفس الدافع الذي استخدم لتبرير ترشح بايدن في انتخابات 2020 والمتمثل في تهديد ترامب للمؤسسات والقيم الديمقراطية الأميركية، سيكون الأساس لمحاولة إعادة انتخابه. وهاجم بايدن تطرف أنصار ترامب، وهي الإستراتيجية التي نجحت في انتخابات التجديد النصفي في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
استغلال فوضى البديل
يمزج الرئيس بايدن عندما يتحدث عن حملته الرئاسية، ويقول “لا تقارنني بالآلهة والأنبياء، قارنني بالبديل”. وربما كان ذلك منطقيا في انتخابات 2020، لكن هذا لن يكون كافيا لأنه يسعى لولاية ثانية، حيث يتعين على بايدن الدفاع عن سجل رئاسته وإقناع الناخبين بأنهم أفضل حالا مما كانوا عليه عندما تولى السلطة.
ويؤمن فريق بايدن بقوة المقارنات مع ترامب الذي سيبلغ 80 عاما خلال فترة ولايته الثانية. وسيجادل بايدن بأن الأميركيين لا يستطيعون تحمل الفوضى التي سادت في المرة الأخيرة التي كان فيها ترامب في البيت الأبيض.
في نهاية المطاف، يعرف بايدن أن مصيره سيعود إلى نفس الولايات المتأرجحة التي وضعته في منصبه بهوامش ضيقة، بما في ذلك ويسكونسن وجورجيا وأريزونا وبنسلفانيا.
ويضع الديمقراطيون ثقتهم في الأرقام الداعمة لإرث الرئيس ترامب السلبي في هذه الولايات الحاسمة، لكن ستكون مفاجأة غير سارة إذا نجح الجمهوريون في الدفع بمرشح آخر غير ترامب يقلب الطاولة على آمال الديمقراطيين وعلى أحلام الرئيس بايدن.