إحدى ناقلات الغاز الروسية في بحر البلطيق (رويترز)

إحدى ناقلات الغاز الروسية في بحر البلطيق (رويترز)

أعلنت المفوضة الأوروبية للطاقة كادري سيمسون اليوم الثلاثاء أن روسيا التي علقت تسليم الغاز إلى الاتحاد الأوروبي عن طريق خط أنابيب نورد ستريم 1 “تحرق الغاز” لإن “خزاناتها ممتلئة”.

يتزامن ذلك مع تحذير رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من أنه يجب الاستعداد للسيناريو الأسوأ المتمثل في قطع جميع إمدادات الغاز الروسي. في حين حذرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك من مغبة اعتماد بلادها مجددا على ما وصفتها “بأنظمة استبدادية” في بحثها عن موردين للطاقة.

 

وقالت المفوضة الأوروبية -خلال زيارة للعاصمة الإندونيسية جاكرتا للمشاركة في اجتماع لمجموعة العشرين حول الطاقة- “نرى أن روسيا وشركاتها تستخدم الغاز الطبيعي سلاحا. لقد أوقفوا الشحنات إلى أوروبا لكن ليست لديهم خطوط أنابيب غاز أخرى إلى مناطق أخرى من العالم وخزاناتهم الجوفية ممتلئة”.

وأضافت “لقد سجلت أقمارنا الاصطناعية تسربا للغاز وحرقا للغاز الطبيعي، لكن هذا مضر للغاية بالبيئة لأن غاز الميثان هو ثاني أكثر الغازات الضارة بين غازات الدفيئة”.

وأردفت “تبحث روسيا عن أسواق جديدة وهي مستعدة لبيع منتجاتها البترولية بأسعار بخسة لمن يرغب في شرائها”.

 

نقص حاد

تأتي هذه التصريحات في وقت تستعد فيه أوروبا لاحتمال وقوع نقص حاد في الغاز هذا الشتاء، بعد إعلان شركة غازبروم الروسية العملاقة الجمعة الماضي الإغلاق الكامل لخط أنابيب الغاز نورد ستريم 1، حيث عزا الكرملين وقف تسليم الشحنات عبر خط أنابيب الغاز الإستراتيجي هذا إلى العقوبات التي فرضها الغرب بعد الحرب الروسية على لأوكرانيا.

 

وبعد قرار الاتحاد الأوروبي الاستغناء عن النفط الروسي بشكل شبه كامل، أعلنت الدول الأعضاء في مجموعة السبع الجمعة الماضي سعيها لوضع سقف لسعر النفط الذي تصدره روسيا للحد من الإيرادات التي تجنيها موسكو.

من ناحية أخرى، قالت وزيرة التحول البيئي الإسبانية تيريزا ريبيرا إن وزراء الطاقة بالاتحاد الأوروبي ربما يقررون هذا الأسبوع وضع سقف لسعر الغاز الطبيعي الروسي.

ويعد هذا أحد الخيارات التي من المتوقع أن يناقشها الوزراء عندما يلتقون الجمعة المقبل لمناقشة الإجراءات الاستثنائية لخفض أسعار الطاقة المرتفعة.

ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن ريبيرا (المسؤولة عن سياسة الطاقة في إسبانيا) قولها إن تطبيق حد سعري على مستوى أوروبا أمر محتمل، وأعتقد أننا سنُجري مناقشة كبيرة لتحديد توجه المفوضية الأوروبية.

كما حذرت وزيرة الخارجية الألمانية من اعتماد بلادها مجددا على ما وصفتها بـ “أنظمة استبدادية” في بحثها عن موردين للطاقة.

 

وقالت -في سياق الحديث عن وقف توريدات الغاز القادم عبر خط نورد ستريم 1- إنه “من الضروري مستقبلا أن يكون هناك شركاء موثوقون. لا يمكننا للمرة الثانية أن نعول على مبدأ الأمل الذي يرى أن الأمر لن يكون على هذا النحو من السوء مع هذه الحكومات الاستبدادية”، من دون الإشارة إلى الدول التي تقصدها.

كما اتهمت بيربوك الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقيام بمحاولات ابتزاز على نحو علني، مشيرة إلى أن الكرملين “يعتقد أن له اليد العليا في هذا لكننا لن نقبل هذا الابتزاز”.

من جانبه، قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن بلاده حققت أعلى نسبة تخزين للغاز تجاوزت 85% وقد تكون قادرة على اجتياز الشتاء، منوها إلى أنه لا يعتقد بفرضية اندلاع احتجاجات لأن ألمانيا لديها “اقتصاد قوي وديمقراطية مستقرة”، على حد تعبيره.

كما أكد أنه شرع منذ توليه منصبه في ديسمبر/كانون الأول الماضي في وضع خطط للاستعداد لسيناريو قطع إمدادات الطاقة الروسية.

 

انتقاد تركي

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أفاد في وقت سابق بأن العقوبات التي فرضتها أوروبا على روسيا بسبب حرب أوكرانيا دفعت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لاستعمال سلاح الغاز للرد.

 

وقال أردوغان -في مؤتمر صحفي في العاصمة التركية أنقرة قبل زيارته 3 دول في منطقة البلقان- إن بلاده لا تعاني من مشاكل في مخزون الغاز الطبيعي، مضيفا أن “أوروبا تحصد ما زرعت، وذلك بسبب موقفها من الرئيس بوتين وفرضها العقوبات، مما دفعه إلى الرد على ذلك باستعمال ما يملكه من إمكانات وأسلحة، للأسف الغاز الطبيعي إحداها”.

وتوقع الرئيس التركي أن تعاني أوروبا من مشاكل جدية في الشتاء المقبل في ما يتعلق بإمدادات الطاقة.

كما قالت وزارة الخارجية الروسية إن الولايات المتحدة هي من أثار أزمة إمدادات الغاز في أوروبا عبر دفع قادة أوروبا نحو وقف التعاون في مجال الطاقة مع روسيا.

وصرحت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا لوكالة رويترز اليوم الثلاثاء بأن أزمة إمدادات الغاز في أوروبا عقب وقف ضخه عبر خط نورد ستريم 1 سببها واشنطن، موضحة أن الولايات المتحدة سعت منذ فترة طويلة إلى قطع مشاريع الطاقة بين روسيا والقوى الأوروبية الكبرى مثل ألمانيا، رغم أن موسكو كانت موردا للطاقة يمكن التعويل عليه منذ الحقبة السوفياتية، على حد قول زاخاروفا.

يشار إلى أن أوروبا تتهم روسيا باستخدام إمدادات الطاقة سلاحا للانتقام من العقوبات الغربية عليها، حيث أشارت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين -في تصريح سابق- إلى أن “بوتين يستخدم الطاقة سلاحا لقطع الإمدادات والتلاعب بأسواقنا للطاقة، هو سيفشل وأوروبا ستنتصر”.

 

وتتزامن أزمة الطاقة في أوروبا هذا العام مع موجة جفاف بالقارة العجوز وارتفاع كبير في المعدلات العالمية للتضخم، في ظل استمرار تداعيات الحرب الأوكرانية الروسية على الاقتصاد العالمي؛ مما يثير تساؤلات عن قدرة بلدان القارة على تخزين الكميات المطلوبة لفصل الشتاء المقبل.

المصدر : الجزيرة + وكالات

About Post Author