تبدو بيئة عمل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو روتينية وشبه فارغة من الناس، فهو وحيد، لا يوجد من يتشاور معه ولا من يفكر معه ولا من يثق به ويستند عليه، بعد إفراغ حكومة الحرب الضيقة مع رحيل بيني غانتس وغادي آيزنكوت، دون ذكر لوزير الدفاع يوآف غالانت.
بهذه المقدمة بدأ الكاتب اليميني بن كاسبيت مقالا تحليليا مطولا بصحيفة جيروزاليم بوست قال فيه إن السكاكين الطويلة أخرجت بالفعل ولم يبق إلا إشارة بدء استخدامها، في إشارة إلى نية نتنياهو الإطاحة بوزير دفاعه يوآف غالانت.
ولم يبق لرئيس الوزراء من صلة -حسب بن كاسبيت- سوى العناوين والتسريبات ومعارك الشوارع على حساب الأمن القومي، الذي أصبح مختصرا أو يكاد في الشخصين اليمينيين المتطرفين، وزير الأمن إيتامار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إضافة إلى رون ديرمر، الذي لا يعرف المجتمع الإسرائيلي، والمكروه من قبل المؤسسة الديمقراطية في الولايات المتحدة، وأرييه درعي المهتم بمصلحته الشخصية فقط، بحسب المقال.
هكذا يواجه نتنياهو غالانت وحيدا -كما يقول الكاتب- تحت رحمة شعبه القريب والبعيد، دون أي دعم معقول، خاصة أنه يشتبه في قادة الجيش ورئيس الشاباك، وذلك في واحدة من أكثر فترات التاريخ صعوبة ومصيرية في إسرائيل، تتطلب اتخاذ قرارات ضخمة تناسب حجم التحدي، كما يقول الكاتب.
وذكّر الكاتب بأن رؤساء الوزراء الذين واجهوا مواقف مماثلة قبل نتنياهو كان لديهم دعم مثل ليفي إشكول عشية حرب 1967 وغولدا مائير في حرب أكتوبر/تشرين الأول وإيهود أولمرت عشية قصف المفاعل السوري، ولا يعني ذلك أن نتنياهو ليس لديه قادة أكفاء، نعم هم مسؤولون عن الفشل الاستخباري والعملياتي الذي أدى إلى هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول، لكنهم من ذوي الخبرة والعزيمة، والمشكلة أنه يشك فيهم.
في هذه الظروف، غيّر نتنياهو سكرتيره العسكري، ليأتي بآخر يستطيع ربطه بصغار الضباط من وراء ظهر المؤسسة، لأن نتنياهو يشك في قادة المؤسسات العسكرية والأمنية، وقد بدأت آلته السامّة تضربهم، لأنهم لا يعملون من أجل أمن البلاد، ولأنهم يخططون لانقلاب عسكري، كما يشير الكاتب.
إذن، السكاكين تُشحذ الآن للإطاحة بغالانت، ولكن نتنياهو لم يقرر لحظة التنفيذ بعد، ومن حولَه يحثونه على رمي غالانت في مهب الريح وعرض منصبه على غدعون ساعر، أو أي شخص آخر يؤدي قسم الولاء، وفقا للكاتب.
واستعاد الكاتب قضية الفيديو الذي هاجم فيه نتنياهو علنًا الإدارة الأميركية بسبب التأخير في توريد الأسلحة إلى إسرائيل، قائلا إن غالانت حاول التعويض عن خسائره بزيارته لواشنطن، وقد نجح فيها جزئيا.
وقال بن كاسبيت إن نتنياهو، “إما أنه كان يحاول ببساطة إحباط مهمة غالانت، وإما أنه كان يحاول إظهار أن الشحنات توقفت بسببه (بسبب نتنياهو) وليس بسبب غالانت، وإما أنه يحاول العثور على ذريعة أخرى لعدم مهاجمة لبنان، أو لعدم اتخاذ قراره في غزة، وبالتالي نحن في سلسلة من الذرائع الواحدة بعد الأخرى”.
هذا الأسبوع -كما يقول الكاتب- نشر مايكل هاوزر في صحيفة هآرتس أن زوجة نتنياهو قالت في محادثة خاصة إنها لا تثق برؤساء الأجهزة الأمنية لأنهم يخططون لانقلاب عسكري ضد زوجها، وهو ما نشره كذلك ابنها الذي يحب نظريات المؤامرة المجنونة أكثر بكثير من والدته.
ومع ذلك، لا يستطيع أحد أن يتخيل ما يتخيله أفراد هذه العائلة غير السعيدة، فهي ربما تتخيل أن مجموعة من الجنود ستقتحم مقر إقامة العائلة المسحورة ويسحبون الزوجين إلى فرقة الإعدام، كما حدث مع إيلينا ونيكولاي تشاوشيسكو في رومانيا في ذلك الوقت!، بحسب الكاتب.
في الآونة الأخيرة، أضيفت اتجاهات أخرى إلى هذا السيناريو، حيث أصبح نتنياهو يخشى أن يستهدفه حزب الله إذا حدث تصعيد على الجبهة الشمالية، وذلك بعد فيديو الحزب -المنشور مؤخرا- الذي يظهر صورا جوية لأهداف البنية التحتية الإستراتيجية في إسرائيل، بما في ذلك الإحداثيات الدقيقة لكل هدف.