كييف – “روسيا تمنع عمليات تصدير 22 مليون طن من الحبوب الموجودة في الموانئ الأوكرانية، وهذا سيؤدي حتما إلى أزمة غذائية عالمية”.

بهذا التصريح اختصر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رؤية بلاده لأزمة تشغل العالم وتدور بشأنها الكثير من التكهنات حول سبل الحل والخيارات البديلة.

 

من وجهة نظر أوليغ أوتسنكو مستشار الرئيس الأوكراني فإن الحل الوحيد هو وقف الحرب أو على الأقل وقف القتال في البحر الأسود، في إشارة مباشرة إلى ما تصفه أوكرانيا بـ”حصار وتهديد” موانئ ميكولايف وأوديسا من قبل سفن البحرية الروسية القريبة منها.

وعلى الجانب الآخر من الصراع تنفي وزارة الخارجية الروسية تعطيل عمليات التصدير، وتوجه أصابع الاتهام إلى أوكرانيا بـ”تلغيم” موانئها.

بين رفض وقبول البدائل

وفي ظل استمرار هذا الجدل تطرح روسيا وعدة دول أخرى خيارات بديلة ترفض كييف بعضها وتلمح إلى إمكانية مشروطة لقبول أخرى.

 

اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين -الذي ربط استئناف عمليات التصدير برفع العقوبات المفروضة على بلاده- يقابل بصمت أوكراني لا يأخذه على محمل الجد كما يبدو.

وهنا، يجدد يوري فاسكوف نائب وزير البنية التحتية التأكيد على الحاجة إلى “ضمانات عسكرية بوساطة أممية” كشرط لاستئناف عمليات التصدير عبر البحر.

ويذهب وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا إلى أبعد من ذلك، مطالبا حلف الناتو (NATO) بإنهاء حصار الموانئ، مشككا في الوقت ذاته بـ”شجاعة” الحلف على فعل ذلك بعد أن رفض إغلاق الأجواء فوق أوكرانيا.

 

أما تاراس كاتشكا نائب وزير الاقتصاد فيلمح إلى إمكانية تصدير الحبوب عبر ممر إنساني يسلك أراضي بيلاروسيا رغم أن “هذا الخيار من الناحية السياسية أقل قبولا من رفع الحظر عن الموانئ الأوكرانية”.

وفي هذا الصدد، يشير إلى أن “موانئ دول البلطيق في ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا هي الأكثر قدرة بين الموانئ الأوروبية على نقل المواد الخام، نظرا لوجود أنظمة سكك حديدية مشتركة بين أوكرانيا وبيلاروسيا وليتوانيا، مما يعتبر أسهل بكثير من الناحية الفنية”.

 

ابتزاز هدفه الوصاية

وبالعودة إلى المقترحات الروسية في هذا الصدد يؤكد محللون أن أوكرانيا لا تستطيع قبولها لعدة أسباب محلية ودولية من شأنها تغيير مسار الأحداث لصالح روسيا.

وحول هذه الأسباب قالت الخبيرة الاقتصادية فيكتوريا موفتشان للجزيرة نت “روسيا تبتز أوكرانيا والعالم للإفراج عن الحبوب مقابل رفع العقوبات والاعتراف بشرعية احتلالها أراضي أوكرانية كمدينة ماريوبول التي تقترح تشغيل مينائها في هذا الإطار”.

 

وتابعت “القبول يعني الهزيمة بالنسبة لأوكرانيا والغرب وإقرارا بالوصاية الروسية على مقدرات البلاد وبسياسة الأمر الواقع الذي تفرضه روسيا في المنطقة والعالم”.

واعتبرت أن “تداعيات هذا -في المرحلة الأولى- ستكون أسوأ على أوكرانيا وأوروبا من مشروع “نورد ستريم 2″، وتحكما روسيا لاحقا بأحجام وأثمان عمليات التصدير”.

وفي السياق ذاته، تؤكد موفتشان أن أوكرانيا تخسر يوميا نحو 170 مليون دولار جراء تعطيل عمل الموانئ عدا الخسائر الناجمة عن وقف التصدير وتعطيل عمل الشركات بوقف الاستيراد.

 

ما الخيارات المتاحة؟

مع استمرار حصار الموانئ الرئيسية يتحدث مسؤولون عن خيارات فعلية متاحة، لكنها لا توفر إمكانية عبور كل ما تصدره أوكرانيا.

 

ويقول يوري فاسكوف نائب وزير البنية التحتية “يتم الآن تصدير الحبوب الأوكرانية من خلال 3 موانئ على نهر الدانوب وعبر الطرق البرية وخطوط السكك الحديدية”.

لكن روستيسلاف شورما نائب مدير مكتب الرئاسة الأوكراني يشير إلى أن هذه الطرق لا تؤمن إلا عبور 10% من سلع البلاد المقدرة بنحو 150 مليون طن سنويا، والتي تشكل الحبوب والمنتجات الزراعية 90-100 مليون طن منها.

ويلفت أيضا إلى أنه يمكن زيادة حجم الصادرات عبر هذه الطرق بواقع 2-3 أضعاف، لكن هذا يحتاج وقتا يتراوح بين 3 و6 أشهر، ويعني أن 50 إلى 70 مليون طن من المحاصيل لن يتم تصديرها، هذا بالإضافة إلى أن تكلفة التصدير سترتفع بواقع 4 أضعاف، مما يعني زيادة في الأسعار على مستوى العالم.

المصدر : الجزيرة

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *