قائد جديد للقوات الروسية في أوكرانيا.. لماذا تراهن موسكو على إحداثه اختراقا في الحرب؟
موسكو – لقي قرار وزارة الدفاع الروسية تعيين الجنرال سيرغي سوروفيكين قائدًا للقوات الروسية في أوكرانيا ارتياحًا لدى الطبقتين العسكرية والسياسية خصوصا، ولدى المراقبين الروس عموما.
ويتمتع سوروفيكين بسمعة جيدة داخل الجيش الروسي، ولا سيما أن تعيينه جاء في وقت دخلت فيه الحرب الأوكرانية منعطفًا جديدا، وسبقته إخفاقات على خطوط الجبهة، كان أبرزها على محور خاركيف.
كما جاء تعيينه بعد إقالة عدد من العسكريين، وقيل إنها نتيجة عدم الرضى عن أدائهم خلال المعارك الذي أدى لاستعادة القوات الأوكرانية بعض المناطق التي وقعت قبل ذلك تحت سيطرة القوات الروسية.
وأوضح تعبير عن حالة الارتياح هذه جاءت على لسان الرئيس الشيشاني رمضان قديروف، الذي انتقد في وقت سابق خسارة روسيا مناطق إستراتيجية شرقي أوكرانيا، إذ أكد في تعليق له أن سوروفيكين “سيصحح أخطاء العملية العسكرية”، وأن القوات الروسية أصبحت الآن في أيد أمينة.
وهذه هي المرة الأولى التي يُعين فيها وزير الدفاع “قائدا لقوات العمليات الخاصة” في أوكرانيا، بعد أن كان صاحب هذا المنصب محاطا بالسرية.
مسيرة حافلة
وقبل منصبه الجديد، شغل الجنرال سوروفيكين (55 عاما) منصب قائد القوات الجنوبية الروسية في أوكرانيا. ومنذ نهاية 2017 تولى قيادة القوات “الجوية الفضائية”.
والقائد الجديد من مواليد نوفوسيبيرسك، وتخرج من كلية أومسك العليا لقيادة الأسلحة المشتركة، وأكاديمية فرونزي العسكرية وأكاديمية هيئة الأركان العامة. وخدم في أفغانستان وطاجيكستان والشيشان.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2013، كان قائد المنطقة العسكرية الشرقية، ولعب دورًا بارزًا في إنشاء البنية التحتية العسكرية في جزر الكوريل وفي القطب الشمالي.
ومنذ مارس/آذار 2017، كان مسؤولاً عن القوات الروسية في سوريا. وفي أغسطس/آب من العام الماضي، منحه الرئيس فلاديمير بوتين رتبة جنرال في الجيش.
البدايات
تعود شهرة سوروفيكين إلى انقلاب أغسطس/آب 1991 ضد الرئيس السوفياتي آنذاك ميخائيل غورباتشوف، حيث شارك وهو نقيب في الجيش في محاولة السيطرة على الفوضى التي طالت العاصمة موسكو، قبل فشل المحاولة الانقلابية واعتقاله ووضعه في السجن لنصف عام. لكن في النهاية أُسقطت التهم الموجهة إليه على أساس أنه كان ينفذ الأوامر.
ووفقًا لمذكرات مشاركين في تلك الأحداث، فقد أصدر رئيس الاتحاد الروسي آنذاك بوريس يلتسين شخصيًا أمرًا بالإفراج عن سوروفيكين.
كما اكتسب سمعته قائدا عسكريا صارما خلال الحرب الشيشانية الثانية في 2004. وخلال خدمته هناك، حظي وعده العلني بـ”تدمير 3 مقاتلين مقابل كل جندي قتيل” بصدى واسع.
ويرى كثير من المراقبين الروس أن تعيين سوروفيكين هو بداية إستراتيجية نوعية جديدة في الحرب مع أوكرانيا. وحسب رأيهم، لا معنى لتغيير القيادات العسكرية في الوقت الذي تبقى فيه تكتيكات المعارك على حالها، خاصة مع التوقعات بدخول الحرب مرحلة جديدة، والتركيز على استهداف البنى التحتية الروسية، وإعلان واشنطن نيتها الذهاب إلى أقصى حد في تزويد القوات الأوكرانية بالإمدادات العسكرية المتطورة.
“إرث ثقيل”
يقول محلل الشؤون العسكرية بيوتر كراسنوف إن سلف القائد الجديد للقوات الروسية ترك له “إرثا ثقيلا”. ومع ذلك فإن سوروفيكين -برأيه- قادر على أخذ زمام الأمور نتيجة خبرته العسكرية الطويلة وتميّزه بالصرامة العسكرية والإصرار على تحقيق الأهداف الموكلة إليه.
ويتفق كراسنوف، في حديث للجزيرة نت، مع كلام يفجيني بريغوجين مؤسس مجموعة فاغنر (منظمة روسية شبه عسكرية ويعتبرها البعض منظمة مرتزقة)، ومفاده أن الجنرال العسكري تم تعيينه في لحظة صعبة وتوقيت معقد للغاية.
ويلفت كراسنوف الانتباه إلى أنه مع تولي سوروفيكين منصبه الجديد، ومع الزيادة العددية المتوقعة للقوات الروسية في أوكرانيا بعد استكمال التعبئة الجزئية هناك، فمن المرجح أن يتغير الوضع بشكل كبير لصالح روسيا، كون الجيش الأوكراني سيكون في مواجهة مع جيشين تقريبًا.
الجنرال “هرمجدون”
علاوة على ذلك، يقول بعض المراقبين العسكريين إن توقيت تعيين سوروفكين يحمل علامة فارقة؛ ففي السابق، كانت قيادة العمليات تتم من موسكو، مما يتطلب موافقات مطولة للعديد من القرارات. وبرأيهم أثر هذا بلا شك على مسار المعارك في أوكرانيا.
ويوضح الخبير العسكري ألكسي ليونكوف أن سوروفيكين يعتبر واحدا من أكثر القادة موثوقية في الجيش الروسي، وليس من قبيل المصادفة أن يطلق عليه داخل الجيش لقب “الجنرال هرمجدون” كونه رجلا عسكريا قويا يعرف كيف يستعيد النظام في الوحدات الموكلة إليه. و”هرمجدون” مصطلح ديني مسيحي يعني حرب نهاية العالم.
وشبّه الخبير العسكري القائد الجديد بـ”رجل إطفاء” يتم تعيينه في أكثر المناطق قابلية للاشتعال كالشيشان وسوريا وأوكرانيا. وبفضله فقط، والكلام لليونكوف، لم تتمكن القوات المسلحة الأوكرانية من تحقيق أي نجاح جاد في اتجاه خيرسون-زاباروجيا، على الرغم من التفوق في القوى البشرية.