لقاء ماكرون وشولتز.. هل ينجحان في إعادة إطلاق “القاطرة” الفرنسية الألمانية؟
رأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأميركية بباريس الدكتور زياد ماجد أن القمة الفرنسية الألمانية تسعى إلى تكريس التعاون بين باريس وبرلين، ومحاولة دفع أوروبا لتلعب دورا مستقلا نسبيا عن الولايات المتحدة الأميركية، لكنه قلل من احتمال أن يكون للأوروبيين دور فعال في أزمات العالم، وخاصة في منطقة الشرق الأوسط.
والتقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتز أمس الأحد في قصر الإليزيه بباريس، لإحياء الذكرى 60 لإطلاق معاهدة الصداقة بين بلديهما. وجاء ذلك بعد أشهر من اضطراب شاب العلاقة بين باريس وبرلين، إذ تواجهان تحديات في مسائل عدة من أبرزها سعر الغاز والطاقة النووية، إضافة إلى خلافات تهم المجال العسكري.
وأكد ماجد -في حديثه لحلقة (2023/1/23) من برنامج “ما وراء الخبر”- أن لقاء ماكرون وشولتز جاء بعد توتر في علاقات البلدين اللذين قال إنهما يتنافسان على زعامة الاتحاد الأوروبي بعد خروج بريطانيا منه، ولكنهما يريدان تجاوز خلافاتهما وتكوين شراكة وتعاون بينهما، خاصة في سياق التحديات الدولية ومنها النفوذ الروسي سياسيا والصيني اقتصاديا.
وأشار إلى أن الأوروبيين أدركوا ضرورة تحقيق استقلاليتهم عن الولايات المتحدة الأميركية خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترامب وإثر الحرب الروسية على أوكرانيا التي جاءت لتعزز هذا المسعى لديهم، ولذلك لجأت بعض الدول -ومنها فرنسا وألمانيا- إلى وضع موازنات عسكرية لتطوير صناعاتها العسكرية، لكن الضيف أشار إلى خلافات بين الأوروبيين حول مسألة الاستقلالية، لأن بعض الدول تريد بقاء المظلة الأميركية.
وعما إذا كانت أوروبا قادرة مستقبلا على لعب دور سياسي فعال في أزمات العالم مثل القضية الفلسطينية، أوضح أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأميركية في باريس أن الاتحاد الأوروبي اكتفى خلال السنوات السابقة بلعب دور اقتصادي، وكانت لديه مشكلة في صياغة سياسة خارجية ودفاعية واحدة، مرجحا أن يبقى كذلك وتبقى الولايات المتحدة القوة السياسية الأولى في العالم.
أوروبا غير جاهزة لمنافسة الولايات المتحدة
من جهته، ركز عضو مجلس الأمن القومي الأميركي السابق البروفسور تشارليس كابتشن على الخلاف الفرنسي والألماني، وقال إن باريس تريد أن تكون أوروبا مستقلة بشكل أكبر عن الولايات المتحدة، في حين لا تشاركها برلين في هذه الرؤية وتؤكد على ضرورة بقاء الاتحاد الأوروبي شريكا وحليفا وثيقا للأميركيين، وكذلك الحال بالنسبة لبولندا ودول البلطيق.
وأعرب عن اعتقاده بأن موضوع استقلال أوروبا عن أميركا غير مطروح في الوقت الراهن، لأن روسيا ما تزال في سياقها التوسعي، مؤكدا أن الموقف الأميركي يقضي بضرورة أن تبني أوروبا قدراتها وتصبح أقوى لتتصرف وحدها، والنقطة الأساسية هي أن تستثمر في الأمور الدفاعية بتطوير الأسلحة وغيرها، وعليها أن تتجهز لذلك، كما قال.
ووفق الضيف الأميركي، فإن أوروبا غير جاهزة بعد لتكون قوة جيوسياسية تنافس الولايات المتحدة، وتحتاج لسنوات كي تتمكن من ذلك، خاصة أن دولها -مثل فرنسا- تواجه إضرابات ومشاكل داخلية تجعلها تركز على الأولويات المحلية.
كما قال إن واشنطن من جهتها يجب أن تعتمد على حلفائها لمواجهة الصين التي تقوى بشكل أكبر، لكنه أشار إلى أن هؤلاء الحلفاء لا يعرفون إلى أين تتجه أميركا ومن هو رئيسها القادم.
ومرّت أمس الأحد الذكرى السنوية 60 لمعاهدة الإليزيه، التي كان المستشار الألماني كونراد أديناور والرئيس الفرنسي شارل ديغول وقعا عليها في 22 يناير/كانون الثاني 1963.