في الذكرى الأولى للحرب في أوكرانيا، ألقت صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية نظرة إلى الوراء على تسلسل الأحداث التي أدت إلى تلك الحرب، وقالت إنها بدأت في الحقيقة منذ 9 سنوات، مع أحداث الميدان في كييف وتغيير النظام الذي أعقبها، وذلك باندلاع الحرب في المناطق الموالية لروسيا في الشرق عام 2014، وضم روسيا شبه جزيرة القرم، وفرض المجتمع الدولي عقوبات عليها.
وتابعت الصحيفة -في تقرير لكاتبة العمود هيلين مياوتون- ذكر ما تلا ذلك من اتفاقيات في مينسك عامي 2014 و2015 على وقف لإطلاق النار انتهكه بسرعة كلا الجانبين، أعقبه اتفاق السلطات الروسية والأوكرانية عام 2019 على إجراء انتخابات تحت رعاية منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، لم يحظ بالاحترام.
ولكن حلف شمال الأطلسي (ناتو) أعطى كييف فجأة مكانة خاصة؛ غير مهتم بإغضاب روسيا التي طلبت ضمانة مكتوبة بعدم توسيع الحلف شرقا دون أن تلقى ردا، ونشرت قواتها على الحدود مع أوكرانيا، لتضيف الولايات المتحدة بعد ذلك بقليل 200 مليون دولار من المساعدات العسكرية إلى 450 مليون دولار منحتها قبل ذلك لكييف، وأرسلت قوات إلى بولندا، وقصف الجيش الأوكراني الانفصاليين الموالين لروسيا في دونباس، لتعلن دونيتسك ولوغانسك استقلالهما، وتنطلق الحرب يوم 24 من الشهر نفسه فبراير/شباط 2022.
وحينئذ -كما تقول الكاتبة- صرحت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل بأن “اتفاقيات مينسك لعام 2014 لم تكن مثالية، لكنها أعطت أوكرانيا الوقت لتصبح أقوى، وأكد الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند صحة قول ميركل، موضحا أن اتفاقيات مينسك أخّرت الهجوم الروسي بعض الوقت، وذلك يعني أن الغرب استغل الوقت لتسليح أوكرانيا، إذ قدمت الولايات المتحدة 23 مليار دولار ولندن 4 مليارات، وألمانيا 2.5 مليار وبولندا مليارين.
وخلصت الكاتبة إلى أن الخير والشر لا دخل لهما في هذه الحرب، بل الرؤى الجيوستراتيجية، والله ليس مع أي من الطرفين، ومن السذاجة الاعتقاد بأن جميع الأخطاء تقع في جانب أو في آخر، فالجميع يعلم الآن أن الروس وحلف شمال الأطلسي وبالتالي الولايات المتحدة هم الذين يتحاربون من خلال الأوكرانيين، لذا فإن الأمر متروك لهم لتنظيم طاولة المفاوضات.