مصر – أعرب منظمو معارض كبار عن تشككهم في إمكانية إقامة معارض هذا العام تخص أنشطة اقتصادية مختلفة، نظرا لحالة الركود .
وجاء إلغاء عدد من المعارض ليمثل إنذارا لهؤلاء باحتمال تعثرهم في إيجاد عدد كاف من العارضين.
وفي عام 2021، انعقد نحو 33 معرضا كبيرا، بحسب إحصائيات إدارة قاعة المعارض والمؤتمرات بالقاهرة، يضاف إليها 10 معارض في مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الحديثة، بإجمالي 43 معرضا خلال العام، وبانخفاض 25 معرضا عن عام 2019، أي قبل انتشار جائحة كورونا.
ومن غير المعروف على وجه الدقة عوائد المعارض في مصر، نظرا لاعتبارات عدة تتمثل إما في تصريحات مبالغ فيها من قبل العارضين لحجم مبيعاتهم، كنوع من الدعاية، أو لعدم توافر إحصاء محدد من قبل إدارات المعارض لحجم المبيعات.
ورغم ذلك، تتوافر مؤشرات تشير لحجم أنشطة ومبيعات تلك المعارض، ومنها رقم 8 ملايين جنيه (حوالي نصف مليون دولار) مبيعات أول أسبوع من معرض “صنع في دمياط” للأثاث المنعقد قبل شهور.
كما أعلنت إحدى شركات التطوير العقاري مبيعات تعاقدية -أي دون مرحلة التنفيذ- بقيمة 200 مليون جنيه (نحو 11 مليون دولار) خلال فعاليات معرض “سيتي سكيب مصر 2021”.
وأعلن مدير عام “إنفورما ماركتس مصر” لتنظيم المعارض والمؤتمرات هاني خفاجي، تحقيق عائد على الاقتصاد القومي بما يعادل حوالي 3 مليارات جنيه سنويا (نحو 160 مليون دولار) من عوائد معارض الشركة خلال السنوات الماضية.
وأبدى خفاجي أسفه لعدم إقامة معرض القاهرة الدولي للسيارات “أوتوماك فورميلا” خلال عام 2022 الجاري، وأرجع -في تصريحات صحفية- السبب إلى “الأزمات المتلاحقة بقطاع السيارات”.
العقارات مد وجزر
يبدو الأمر مختلفا قليلا في قطاع العقارات مقارنة بقطاع السيارات. فعلى الرغم من أن هذا القطاع يشهد موجات مد وجزر من الرواج، بحسب عاملين هناك، فإن أزمة المعارض العاملة فيه تكمن في ازدحام السوق بها، حتى بات عددها أكثر من قدرة الزبائن على متابعتها وحضورها وهي بهذه الكثافة.
وتمثل المعارض عموما فرصة لأصحاب الأعمال والأنشطة المختلفة لتسويق تلك الأنشطة، وقد كافح منظموها طوال السنوات الماضية لعقدها في مواعيدها الدورية السنوية المقررة رغم الأزمة الاقتصادية “ولو بقليل من الربح”، بحسب مدير معرض مختص بنشاط العقارات، تحدث للجزيرة نت دون ذكر اسمه.
وأشار المتحدث إلى ازدحام السوق بمعارض العقارات، حتى أن الشهر الواحد يشهد إقامة أكثر من معرض عقاري، بعضها لا يمكث أكثر من يوم واحد، وهو ما جعل الشركات تحجم عن المشاركة في أكثر من معرض واحد سنويا، مطالبا الحكومة بتنظيم هذه السوق.
ويسلط أمجد جميل المختص في قسم التسويق بإحدى الشركات العقارية، الضوء على جانب آخر من الأزمة، موضحا أن إحجام شركته عن المشاركة جاء لانخفاض الإقبال الجماهيري على المعارض العقارية مؤخرا.
ويؤكد جميل أنه لو كانت هناك جدوى من المعرض لشاركت شركته في كل معرض يقام، لافتا -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن شركته في آخر 3 معارض لم تحقق مبيعات تغطي المبلغ الذي دفعته للمشاركة.
واستدرك بالقول “لكن المعارض عموما تساعد على نشر الاسم التجاري أكثر من أي وسيلة أخرى، كما تعد فرصة ذهبية للمطورين العقاريين للتفاعل مع العميل وجها لوجه، علاوة على أنها تتيح للمطورين دراسة المنافسين”.
وتعدّ معارض العقارات الأكثر نشاطا بين مختلف القطاعات الأخرى، وتختلف مدد انعقادها بحسب عدة اعتبارات تخصّ أعداد العارضين، وتمتد من يوم واحد إلى 4 أيام في الغالب.
وقد شهد المعرض العقاري “البناة الخمسة الكبار” الذي انعقد قبل أسابيع، نموا في حجم المشاركة الدولية بنسبة 30% مقارنة بالعام الماضي، وحضور شركات عارضة من أكثر من 20 دولة، بالإضافة إلى مشاركة 3 دول بأجنحة لأول مرة، هي: بولندا وقطر وإسبانيا، بحسب بيانات صحفية للمنظمين.
استكشاف سوق التكنولوجيا
ومن العقارات إلى الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، حيث لا تبدو الصورة مشرقة، فالمعرض الأبرز لهذا القطاع -ويسمى “القاهرة لتكنولوجيا الاتصالات والمعلومات”- تتضاءل مساحات العرض فيه تباعا عاما بعد آخر، حد اضطرار منظميه لاستكماله في معرض آخر مختص بالنقل، وأصبح هو المعرض الأساسي بعد أن كان مجرد جناح فيه.
وقال صحفي مختص بنشاط تقنيات المعلومات والاتصالات إن المعرض تقلّص منذ انسحاب وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، التي كانت تحتل نحو ثلث مساحته وتعد الداعم الرئيس له.
ورغم الشكوك التي تحيط بإمكانية انعقاد المعرض هذا العام -بحسب صحفي تحدث للجزيرة وامتنع عن ذكر اسمه- فإن منظمي هذا المعرض يكافحون لعقده.
وتوقع الصحفي انعقاد معرض النقل منفردا دون الاتصالات هذا العام، في حال جرت رعايته من قبل وزارة النقل كالعادة.
حياة تحت الجلد
وعلى مستوى صناعة الجلود، لا تزال معارضها تقاوم، وقد أقيم في مارس/آذار الماضي معرض القاهرة الدولي للجلود بمشاركة 70 مشتركا دوليا.
وبحسب بيان لغرفة صناعة الجلود، فقد شهدت الدورة الأخيرة للمعرض زيادة عدد المشترين بنسبة 20-25%.
أما على مستوى الصناعات النسيجية، فقد سعى اتحاد الصناعات لدعم مشاركة أعضاء غرفة النسيجية في معرض “صناعة بلدنا” -الذي عقد خلال الفترة من 3 إلى 5 يوليو/تموز الجاري- بنسبة 100%.
وشددت تصريحات لأعضاء بالمجلس على أهمية دعم الدولة لقطاع الصناعة في الوقت الراهن، باعتبارها قاطرة التنمية الحقيقية.
وقال محمد سليمان -وهو زائر منتظم لمعرض الصناعات النسيجية- إنه لا يزال يعتمد على المعارض للتعرف على الأنسب من حيث السعر والجودة، والفوز بالتخفيضات.
وأكّد في حديثه للجزيرة نت أن المعارض لا تزال وسيلة مهمة في عملية التسويق، وتحقق أهدافا لا يمكن أن تحققها وسائل التسويق الأخرى، معربا عن تمنياته بتعدد المعارض لأنها تصب جميعا في مصلحة العميل.
وانتقد المختص في التسويق مجدي سعفان توقيت انعقاد بعض المعارض وعدم ملاءمتها لقدرة الجمهور الشرائية، لافتا -في حديثه للجزيرة نت- إلى عدم احترافية بعض العارضين في تقديم معروضاتهم، وانعدام مراعاة التنوع في المنتج، فضلا عن عدم تنويع المنتجات لفئات مختلفة من الجمهور.