ظاهريا أثرت الحرب الروسية في أوكرانيا بشدة على آلة الدعاية الهائلة للكرملين. وعمليا، بين عشية وضحاها، تعثرت حملة التأثير الطويلة الأمد لموسكو في الغرب، حيث شددت الحكومات الأوروبية الضوابط على المعلومات المضللة الروسية، وحظر منافذ الدولة مثل قناتي روسيا اليوم “آر تي” وسبوتنيك من البث، ونفذت مجموعة من القيود للحد من وصول نفوذ موسكو الخبيث.
في هذا السياق، يؤكد إيلان برمان -نائب أول لرئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركية بواشنطن- أن بعض هذه النكسات نتاج جروح الرسائل الذاتية، وربما كان المسؤولون الروس يتوقعون أن حججهم حول الحاجة إلى “تشويه سمعة” دولة لها رئيس يهودي ستُقابل بسخرية واسعة النطاق. وبالمثل، باءت بالفشل الحجج الروسية حول الممارسات الشيطانية في أوكرانيا، وكذلك المختبرات البيولوجية التي ترعاها الولايات المتحدة هناك.
ومع ذلك، يقول برمان -في مقاله بمجلة نيوزويك (Newsweek)- إن الانتصار الحالي بين الكثيرين في الغرب فيما يتعلق بتراجع المعلومات المضللة الروسية سابق لأوانه إلى حد ما، لأنه في حين أن منافذ الدعاية الروسية تواجه الآن وقتا أصعب للوصول إلى الدول الأوروبية، إلا أنها لا تزال تحقق مكاسب كبيرة في تعزيز موقف الكرملين، وتآكل موقف الغرب في جميع أنحاء العالم النامي.
في حين أن منافذ الدعاية الروسية تواجه الآن وقتا أصعب للوصول إلى الدول الأوروبية، إلا أنها لا تزال تحقق مكاسب كبيرة في تعزيز موقف الكرملين
وضرب مثلا بأميركا اللاتينية، حيث أقامت روسيا جهازا هائلا للرسائل يقول الخبراء إنه من بين الأكثر نفوذا بالمنطقة. كما لعبت منافذ الدعاية الروسية بأفريقيا دورا في المخاوف المحلية من الصعوبات الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي، حيث اتهم تقرير مركز تابع للخارجية الروسية ووكلائها الصيف الماضي بتنفيذ “حملة تضليل ضخمة” لتحويل اللوم عن ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية إلى الغرب.
وأضاف برمان أن الاختلافات أكثر وضوحا في أفريقيا، حيث أظهرت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة غالوب للجمهور في 27 دولة أفريقية أن 42% من المستجيبين كان لديهم آراء إيجابية عن روسيا بشكل عام والرئيس فلاديمير بوتين على وجه الخصوص، في حين أن 27% إما لم يعرفوا أو رفضوا ببساطة الإجابة عن السؤال.
وختم بأنه في حين أن القوة الإقناعية للدعاية الروسية قد تتراجع في الغرب، إلا أن هناك أجزاء أخرى من العالم لا تزال بعيدة عن كونها قوة مستنفدة.