مليارديرات أميركا يقفون وراء حملة لإعادة تنشيط صناعة الرقائق الأميركية
ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) الأميركية أن مجموعة من المليارديرات بأميركا أنشؤوا صندوقا لتمويل التكنولوجيا العميقة.
وأضافت الصحيفة أن المجموعة -التي يُطلق عليها “أميركانز فرونتير فاند”- تضم المدير التنفيذي السابق لغوغل الملياردير إريك شميدت، والمؤسس المشارك لشركة باي بال (PayPal) الملياردير بيتر ثيل، ولا تقوم فقط بتمويل الجهود بنفسها، بل تريد من دافعي الضرائب الأميركيين المساعدة في دفع الفاتورة.
وقالت الصحيفة إن البيت الأبيض وجّه أواخر الشهر الماضي الصندوق لقيادة شبكة المستثمرين الرباعية، التي يصفها البيت الأبيض بأنها “اتحاد مستقل من المستثمرين يسعى إلى تعزيز الوصول إلى رأس المال للتقنيات المهمة والناشئة” عبر الولايات المتحدة واليابان والهند وأستراليا.
الرئيس التنفيذي للصندوق غيلمان لوي (وهو مدير تنفيذي لصندوق “إن-كيو-تيل” الاستثماري المدعوم من وكالة المخابرات المركزية، ويعد وجها مألوفا في واشنطن) تم تعيينه مؤخرا في المجلس الاستشاري للاستخبارات التابع للرئيس جو بايدن.
وأشار تقرير “نيويورك تايمز” إلى أن المجموعة تثير الدهشة والتساؤلات: ما الذي يريده المليارديرات؟ هل سيوجهون الدولارات الحكومية نحو الشركات التي استثمروا فيها أم سيستفيدون منها؟
وقال غوراف جوبتا محلل التكنولوجيا الناشئة في شركة الأبحاث الصناعية “غارتنر” “لست متأكدا مما يمكن أن تنجزه هذه المنظمة، ولا تستطيع حكومة الولايات المتحدة إنجازه بنفسها”.
وفي تصريح للصحيفة، قال شميدت “كما أوضحت جميع لجان الأمن القومي لدينا، يجب أن تعمل الحكومة والصناعة والأوساط الأكاديمية والعمل الخيري معا إذا كنا نريد مجتمعات حرة ومنفتحة لقيادة الموجة التالية من الابتكار لصالح الكل. صندوق فرونتير الأميركي هو جسر مهم في هذا الجهد”.
ميزة المحرك الأول
ويقول التقرير إن تفوق الولايات المتحدة في سباق الابتكار العالمي الذي قادته في القرن العشرين أصبح على المحك، ويرجع السبب -إلى حد كبير- إلى الاختراقات التي تمت في مجال الرقائق الأميركية، ونسب إلى خبراء الصناعة أن عدم اتخاذ أي إجراء سيمكّن الصين من بلوغ المرتبة الأولى في مجال التكنولوجيا.
ونقل عن إيدلين ليفين عالم فيزياء الكم وأحد مؤسسي الصندوق قوله إنه وفي المسار الحالي تفقد أميركا قبضتها، ويضيف أن أميركا شكلت في 2020 نسبة 12% فقط من تصنيع أشباه الموصلات العالمية. وفي ذلك العام، تجاوزت عائدات شركة الإلكترونيات الكورية الجنوبية العملاقة “سامسونغ” (Samsung) عوائد شركة “إنتل” (Intel) الأميركية الرائدة في مجال الرقائق.
وفي عام 2021، فعلت إنتل ما لا يمكن تصوره، إذ أعلنت أنها ستعهد بمزيد من الإنتاج إلى مصادر خارجية في آسيا، وعلى الأخص لتصنيع أشباه الموصلات التايوانية. وهو نهج شكك فيه البعض وسط صراعات سلسلة التوريد خلال الوباء، والذي يعتقد البعض أنه أدى إلى مغادرة الرئيس التنفيذي لشركة إنتل بوب سوان في ذلك الوقت.
وحصل بات غيلسنجر -الذي حل محل سوان- على أكثر من 43 مليار دولار من مجلس إدارة الشركة العام الماضي لبناء مصانع جديدة لتصنيع الرقائق، بما في ذلك استثمار بقيمة 20 مليار دولار في مصنعين جديدين في أوهايو. وأشار الرئيس الأميركي جو بايدن إلى هذه التطورات كأمثلة على كيفية تعزيز التصنيع الأميركي وإنعاش الاقتصادات المحلية مع الكفاح من أجل استعادة لقب الصانع الأول للرقائق.
وذكر التقرير أن التقدم في هذا السعي توقف بسبب الإجراءات التي تساعد في تمويل هذه الجهود. ففي العام الماضي، أقر الكونغرس قانون إنشاء حوافز مفيدة لإنتاج أشباه الموصلات، لكنه لا يزال غير ممول حيث يناقش المشرعون تفاصيل قانون الابتكار بين الحزبين، الذي سيوفر أكثر من 50 مليار دولار لجهود إنتاج أشباه الموصلات، بما في ذلك نوع من التطوير التكنولوجي الذي يأمل صندوق “أميركانز فرونتير فاند” الاستثمار فيه.
وفي خطاب ألقاه الشهر الماضي، حث بايدن المحبط المشرعين على “تمرير مشروع القانون اللعين”، وقال المتحدث باسم البيت الأبيض مايكل غوين “لقد كان الرئيس واضحا عندما قال إنه ليست لدينا لحظة نضيعها”.
وأشار التقرير إلى أنه من الواضح أن بناء القدرات لتصنيع الرقائق يمثل أولوية بالنسبة لأميركا، وأن الأشخاص الذين يدعمون الصندوق لديهم الخبرة والعلاقات العميقة لدفع العمل في واشنطن ووول ستريت. ولكن إذا كان هذا الجهد بين القطاعين العام والخاص يمكن أن يعيد التصنيع في بلد يعتمد منذ فترة طويلة على المصانع الآسيوية، فإنه يتطلب أكثر من تحول طفيف في العمليات التجارية الأوسع نطاقا وكثيرا من الدولارات الحكومية.
ويقول مؤسسو المجموعة إنهم ملتزمون بالمهمة، سواء حصلوا على تمويل فدرالي أو لا، وقال لوي “لسنا بحاجة إلى أن تمنحنا الحكومة الإذن بالذهاب لإنقاذ البلاد، لكن سيكون من الرائع لو ساعدتنا”.