القاهرة- يقول خبراء اقتصاديون وماليون إن الحكومة المصرية نجحت في تحقيق عدة أهداف من شهادة الـ 22.5% و25%، التي طرحتها مؤخرا، بينما تتوقف مكاسب المشترين على مدى ثبات معدلات التضخم وأسعار الفائدة خلال العام المقبل.
وتم طرح الشهادة بفئتيها من خلال البنك الأهلي المصري وبنك مصر (الحكوميين)، وكانت الأعلى تاريخيا من حيث نسبة الفائدة البالغة 25% للعائد السنوي و22.5% للعائد الشهري، وذلك بهدف كبح معدلات التضخم ودعم الاقتصاد، وفق ما أكده رئيس بنك مصر محمد الأتربي.
وقال الأتربي في مداخلة تلفزيونية إن تحديد فترة بيع هذه الشهادة محدودة، لأن البنكين سيتحملان الفروق الكبيرة في الفائدة، مشيرا إلى أن البنكين يمكنهما الاقتراض من مؤسسات بفائدة لا تتجاوز 17.5%، ومع ذلك قررا تحمل فوارق الفائدة من أجل دفع عجلة الاقتصاد وتحجيم التضخم.
الشهادات حققت أهدافها
وفي 24 يناير/كانون الثاني الماضي، قال الأتربي في بيان إن الشهادات حققت أهدافها، مشيرا إلى أنها جمعت 160 مليار جنيه (5.30 مليارات دولار)، كما أصدر البنك الأهلي بيانا في اليوم نفسه أكد فيه جمع ما يصل إلى 260 مليار جنيه (8.70 مليارات دولار) حتى تاريخه.
ونقلت صحيفة “الأسبوع” المصرية عن مصادر داخل البنكين أن الحصيلة النهائية حتى 30 يناير/كانون الثاني بلغت 465 مليار جنيه بواقع 293 مليارا للبنك الأهلي و172 مليارا لبنك مصر (الدولار يساوي 30 جنيها).
وثمة خلافات بين المحللين بشأن الأهداف التي تقول الحكومة إنها قد تحققت من هذه الشهادات، حيث يعتقد الوكيل السابق لوزارة التجارة المصرية للبحوث الاقتصادية الدكتور عبد النبي عبد المطلب، أن الدافع الأساسي لإصدار الشهادات هو محاولة تحقيق شروط صندوق النقد الدولي، ومنها شرط “الكفاءة في إدارة السياسة النقدية”، والتي تعني مسايرة أسعار الفائدة لمعدلات التضخم.
وقال عبد المطلب للجزيرة نت إن معدلات التضخم حاليا تقترب من 22% ومن المتوقع أن تصل إلى 25% أي أن الفائدة تجاوزت معدلات التضخم، كما يطلب الصندوق.
ويرى عبد المطلب أن هذه الشهادات كانت تستهدف أيضا تقليل حجم الاستهلاك وسحب السيولة من السوق، لكنه يعتقد أنه هدف يصعب تحقيقه بعدما تحولت غالبية السيولة إلى أوعية نقدية داخل البنوك، ولم يعد لدى المصريين أموالا مكتنزة في البيوت.
أما الهدف الآخر، برأي المتحدث، فهو سحب كميات من سيولة البنوك الأخرى وإيداعها في بنكي مصر والأهلي، وهو هدف قد تحقق فعليا، برأيه.
ويرى عبد المطلب أن هذه الأموال سوف تدعم قدرة الحكومة على سد عجز الموازنة الحالية، وهو أمر سيعزز قناعة صندوق النقد بقدرة مصر على سد عجز الموازنة الحالية (البالغ 558.2 مليار جنيه) دون اللجوء للاقتراض الخارجي أو طرح السندات، وهو أمر يعكس قوة الاقتصاد.
ثمة فائدة أخرى أيضا حققتها الحكومة، كما يقول عبد المطلب، وهي أنها ضمنت التعامل بهذه السيولة لمدة 6 أشهر مبدئيا، حيث يستحيل كسرها واستردادها خلال هذه الفترة، وفي حال قرر صاحب الشهادة كسرها بعد هذه المدة وقبل انقضاء العام فإنه سيخسر 10% من قيمتها الأصلية ولن يحصل على أي فائدة عن الفترة المنقضية.
هل تحققت الأهداف؟
ويتفق الخبير الاقتصادي المصري ممدوح الولي مع ما قاله عبد المطلب بشأن فشل الشهادات في سحب كميات كبيرة من السيولة الموجودة خارج البنوك، بدليل أنها تمثل حوالي ثلث مبيعات شهادات بنك مصر ونصف مبيعات البنك الأهلي، بينما جاء الباقي من كسر الودائع القديمة.
وفي تصريح للجزيرة نت، قال الولي إن ما تم جمعه عبر هذه الشهادات كان أقل مما تم جمعه من شهادات الـ18% العام الماضي والذي بلغ 750 مليار جنيه، مشيرا إلى أن السبب الرئيسي في تراجع مبيعات الشهادات الأخيرة عدم استقرار سعر الصرف.
وتوقع الولي أن تصدر الحكومة شهادات جديدة بفائدة أعلى في حال قرر اجتماع البنك المركزي المقرر يوم الخميس المقبل رفع نسبة الفائدة مرة أخرى بسبب زيادة التضخم.
إلى جانب ذلك، قال نائب رئيس البنك الأهلي المصري يحيى أبو الفتوح، في تصريحات صحفية يوم 21 يناير/ كانون الثاني إن الكثير من المودعين كسروا ودائع قديمة أو تخلوا عن ودائع دولارية للاستثمار في هذه الشهادات المقومة بالجنيه المصري.
من المستفيد؟
قال الدكتور فؤاد شاكر وكيل البنك المركزي المصري السابق ورئيس اتحاد البنوك العربية السابق، إن الشهادات ستعود بالفائدة على البنوك وعلى الحكومة لكنها لن تعود بأي نفع على أصحابها في حال زادت معدلات التضخم.
وأوضح شاكر في تصريح للجزيرة نت أن البنوك حصلت على كميات كبيرة من السيولة ستستغلها الحكومة في سد العديد من جوانب العجز، لكن عندما يحين موعد استرداد قيمة الشهادة وفوائدها ستكون معدلات التضخم ونسب الفائدة زادت بكثير عما عليه اليوم، وبالتالي ستكون القوة الشرائية لقيمة الشهادة وفوائدها أقل من المبلغ الأصلي الذي تم دفعه في الشهادة اليوم أو تساويه، وهذا يعني أنه لم يكسب شيئا.
وختم الخبير المالي بالقول إن أي اقتصادي في العالم يعرف أن المواطن لن يستفيد من أي إيداع مهما كانت فائدته طالما أن معدلات التضخم ونسب الفائدة مرشحة لتجاوز هذه الفائدة المنصوص وقت الإيداع، مؤكدا أن معدلات التضخم والفائدة ستتزايد، لأن مصر تمر بصدمة اقتصادية هي ليست مستعدة لها.