في 31 أغسطس/آب 1997 لفظت الأميرة ديانا أنفاسها الأخيرة، وودعت العالم إثر حادث سيارة أليم في باريس، وهو يوم لم ينسه العالم حتى الآن، ولا تزال حكايتها تُروى بلا توقف.
ومع اقتراب الذكرى الـ25 لوفاة أميرة ويلز، تعرض شبكة “إتش بي أو” (HBO) وثائقي جديد بعنوان “الأميرة” (The Princess) يركز بشكل خاص على الاستفزازات الشائنة التي تعرضت لها الأميرة خلال حياتها من الجمهور والعائلة المالكة، والجانب المأساوي من الهوس المرضي لوسائل الإعلام بها.
وبينما لا يبدو أننا بحاجة إلى المزيد من الأعمال الفنية عن حياة ديانا، يقدم وثائقي “الأميرة” لقطات أرشيفية، فتشعر كأن القصة تعيد سرد نفسها، وتشاهد حياة ديانا كما شهدها العامة خلال تلك الفترة بدون أي تدخلات أو تفسيرات أو راوي أو مقابلات.
وتبدأ أحداث الوثائقي منذ اللحظة الأولى التي أصبحت ديانا فيها شخصية عامة مع إعلان خطوبتها للأمير تشارلز عام 1981، ويسلط الضوء على هجوم وسائل الإعلام عليها منذ هذه اللحظة، مرورا بأهم أحداث حياتها؛ من عرسها وولادة ابنيها وطلاقها وحتى وفاتها المأساوية، وكيف كانت أخبارها “مصدرا” للصحف الشعبية لما يقرب من عقدين من الزمن، كما تصف شبكة “إتش بي أو“.
ونرى الإساءة التي لا تُحتمل التي تعرضت لها ديانا من وسائل الإعلام، والتركيز الشديد معها في كل حركاتها، والحكم المستمر على شخصيتها، وكيف كان المتحدثون يثقون بوسائل الإعلام وتحليلاتها.
ويعكس العمل أيضا صورة للمجتمع خلال هذه السنوات وكيف اهتم العامة بأخبارها بشكل استثنائي وجعلت وسائل الإعلام والمصورين يتهافتون على صورها، فكانت ديانا تضحك للمصورين مرات وتنزعج أخرى، ومرات تحاول جاهدة إبعادهم عنها وتسد عدسات الكاميرات بيدها ولكن في جميع الحالات لا يتركها المصورون ولا يمكن اعتبار أي تفاصيل عن حياتها صغيرة أو غير مهمة.
ويتعمق الوثائقي في تطفل الإعلام على علاقة ديانا والأمير تشارلز كأنه طرف ثالث في زواجهما، وكيف ساهمت التغطية الإخبارية التي لم تهدأ لخطوبتهما وعرسهما في ترويج أسطورة القصص الخيالية والدور الذي لعبته وسائل الإعلام في التأثير على كل منهما بعد ذلك خاصة خلال الأزمات في علاقتهما.
ومع المشاكل التي شهدها الزواج الملكي، أصبحت العلاقات خارج إطار الزواج لكلا الطرفين معروضة للعامة وكل طرف يقدم قصصا من ناحيته للصحافة ويظهر ذكاء ديانا في إدارة الموقف وصورتها أمام العامة وكيف استخدمت الإعلام في حربها ضد القصر.
ولا يحاول الوثائقي أن يحلل شخصية ديانا أو يكشف أسرارها لكنه يعرض لنا ما تعرضت له الأميرة وكيف كانت حياتها كما عُرضت للعالم آنذاك.
وقال مخرج الوثائقي “إد بيركنز” -في بيان له- إنه حاول من خلال الوثائقي “إيجاد قدر أكبر من الوضوح والصدق بشأن هذه الأحداث المتتالية، وكيف تمتعت أحداث حياتها بقوة غير مسبوقة، ولا تزال كذلك”.
ورغم ذلك، لا تُقدّم الحقيقة بدون تدخل، فحتى مع عرض لقطات أرشيفية فقط، يصنع انتقاءُ صنّاع الفيلم للمقاطع وتجميعها معا السيناريو الذي يعبر عن وجهة نظر معينة، تتعاطف مع أطراف وتتحامل على أخرى.
وتظهر وسائل الإعلام كأنها عقبة عملاقة في حياة ديانا وتسببت في صعوبات كبيرة لها، حتى إن البعض حملها مسؤولية وفاتها المفجعة.
ويلمح الوثائقي إلى أن الأبوة لم تأخذ من حياة تشارلز الحيز الكافي، فيظهر بعد ساعات من ولادة هاري وهو يلعب البولو ويشاهد مع كاميلا دوقة كورنوال التي جمعتها علاقة عاطفية سرية.
الفيلم الوثائقي من إخراج بيركنز المرشح لجائزة الأوسكار، وهو مخرج الوثائقي “أخبرني من أنا” (Tell Me Who I Am) والذي كان أيضا أول فيلم له، ويروي به قصة حقيقية مؤلمة لتوأم متطابق انقلبت حياتهما رأسا على عقب بعد أن فقد أحدهما الذاكرة ولا يذكر أي شيء من ماضيه سوى أخيه التوأم، وقد أصبح أخوه دليله الوحيد لمعرفة من يكون.