تقول الكاتبة نادين وايت -في مقالها بصحيفة إندبندنت (Independent)- إن وفاة ملكة بريطانيا إليزابيث الثانية أطلقت العنان لسيل من الإساءة العنصرية.
وأشارت وايت، وهي صحفية مختصة بالشؤون العرقية بهذه الصحيفة البريطانية، إلى أن أنباء وفاة الملكة قوبلت بمشاعر مختلطة في بعض أجزاء بريطانيا، لا سيما بين مجتمعات السود وداخل البلدان التي كانت تستعمرها بريطانيا في الماضي، وتتراوح هذه المشاعر بين اللامبالاة والاحتفال.
وأردفت بأنه إذا كان هذا مفاجئا للبعض، فينبغي ألا يكون، لأن الراحلة كان لديها العديد من الرعايا، ومن المنطقي أن تختلف الرؤى حول إرثها في ضوء فظائع الإمبراطورية البريطانية والجرائم الاستعمارية التي ارتكبت باسم العائلة المالكة. وأضافت أنها تتعاطف مع الملك الجديد لفقدانه والدته، ولكن إذا رفض البعض بطبيعة الحال الحداد، فهذا حقهم الأساسي.
وعلقت بأن الأمر ليس بهذه البساطة، لأنه بين التغطية الإعلامية الشاملة وإغلاق بنوك الطعام الأساسية وإلغاء مواعيد المستشفيات وتأجيل الجنازات وصور الملكة التي تملأ اللوحات الإعلانية، كان الناس يُذكرون باستمرار بأن الأمة في حداد. ولكن لسوء الحظ، بالنسبة للسود والآسيويين، ففي أوقات الأزمات الوطنية يخرج العنصريون بكامل قوتهم أيضا، كما يحكي لنا التاريخ.
وأشارت الكاتبة إلى أن النقد اللاذع عبر الإنترنت الذي عاينته وعانت منه الأيام القليلة الماضية كان مختلفا عن أي شيء رأته من قبل، حتى أن بعض التقارير للصحيفة اشتكت منها لأنها أوردت العديد من ردود الفعل المتباينة على وفاة الملكة وتلقت هي نفسها تهديدات لسلامتها، وقيل لها “عودي إلى وطنك”.
وأضافت أنها ليست وحدها في هذا الأمر، إذ إن العديد من الصحفيين السود والآسيويين غيرها -الذين تقتضي مهمتهم تسليط الضوء على الحقيقة ووضع الموروثات في السياق الكامل- لديهم تجارب مماثلة، وتحدث بعضهم بصراحة عن الحجم الهائل للإساءة التي تلقوها أو شهدوها منذ وفاة الملكة.
أنباء وفاة الملكة قوبلت بمشاعر مختلطة في بعض أجزاء بريطانيا، لا سيما بين مجتمعات السود وداخل البلدان التي كانت تستعمرها بريطانيا في الماضي، وتتراوح هذه المشاعر بين اللامبالاة والاحتفال
وأشارت إلى نماذج كثيرة من هذه الإساءة العنصرية والهجوم على أشخاص آخرين من جميع مناحي الحياة بمن فيهم الصحفيون والشخصيات العامة، وكيف تعرضت مهن بعض الأشخاص للخطر بعد التعبير عن آراء مخالفة حول النظام الملكي، في عالم من المرجح أن يكون فيه السود والآسيويون عاطلين عن العمل أو يُجبرون على ترك وظائفهم بسبب العنصرية.
وأضافت الكاتبة أن السود -الذين رفضوا المهادنة والانخراط في هذا النهج الملتوي والموحد لموت الملكة- قد استُهدفوا بشكل غير مناسب مقارنة بنظرائهم البيض.
كما علقت بأن الموت نهاية كل حي وأن إرث شخص ما يعني أشياء مختلفة لأشخاص مختلفين، مضيفة أن موت الملكة يمثل نهاية حقبة، لكن من المستحيل فصل إرثها عن إرث المؤسسة التي كانت جزءا منها.
وضربت مثلا بما وصفته باستعمار بريطانيا لمعظم شعوب العالم، وأنه رغم قرون من المناشدات، لم تدفع أبدا بريطانيا تعويضات عن هذه العبودية التي شهدت اختطاف ما لا يقل عن 12 مليون أفريقي، بعضهم من أجدادي كما تقول الكاتبة، والاتجار بهم واستعبادهم.
وبدلا من ذلك عوضت الحكومة والعائلة المالكة مالكي العبيد السابقين عن “الممتلكات المفقودة” بما يعادل 300 مليار جنيه إسترليني اليوم، والتي أنهى دافعو الضرائب البريطانيون سدادها عام 2015.
وختمت الكاتبة بأن الملكة نفسها، الأنيقة والمبتسمة كما كانت تبدو، لم تكن متفرجا سلبيا على المظالم المعاصرة، بل كان عهدها محفوفا بمعاناة السود، بشكل لا جدال فيه.