هناك مدن تسحرك تماما حين تراها أول مرة، فمثلا لا أكاد أنسى لحظات غروب الشمس على “شاطئ الحب” في مسقط، أو اللحظات الأولى التي انفجرت فيها السماء بالأضواء والطائرة تحلق فوق مدينة لاس فيغاس، حيث اخترق شعاع من الضوء عنان السماء لتتلألأ سماء المدينة بعد ذلك بالنور، أو تلك الدقائق التي وقفت فيها مشدوها على قمة برج إيفل في باريس ونهر السين يجري بلا توقف كشريان نابض في قلب مدينة النور التي لا تنام.
هي لحظات لا تنسى فعلا، مثل التجوال بالقارب في نهر “تشاو فرايا” بمدينة بانكوك التايلندية، وفي الحقيقة يحار المرء؛ أي مدن العالم أكثر جمالا؟ فهناك مدن كثيرة ساحرة في هذا العالم الجميل بكل تناقضاته.
في هذا التقرير نقدم لكم 5 من أجمل مدن العالم كما ذكرت منصة “يو سيتي غايد” (u city guides) ومنصة “هاوس بيوتيفل” (house beautiful)، وغيرهما من المواقع المتخصصة بالسياحة والسفر.
البندقية-إيطاليا.. تحية من سانتا ماريا ديلا ساليوت
سواء وجدت مكانا لنفسك أو ضعت في زحمة السياح، فإن البندقية بلا شك واحدة من أجمل مدن الدنيا، وهناك شبه إجماع عالمي على أن البندقية أجمل مدينة في العالم، والمدينة الوحيدة التي يمكن حقا وصفها بأنها فريدة من نوعها.
كل مبنى هو تحفة فنية قائمة بذاتها، ويزيد من فتنتها القنوات التي تعبر المدينة وتتخللها كجدائل امرأة ساحرة الجمال.
عندما تراها للمرة الأولى ستصاب بالذهول وستشعر بأنك داخل في أجواء قصة حب حقيقية نادرة، فهي من أكثر المدن رومانسية في العالم حين ترتطم المياه الدافقة بجدران المباني لتنام على هدهدات الماء، أو حين تجول في الصباح بقارب في قنوات المدينة، أو عندما تذهب إلى ساحة “سان ماركو” وكنيسة “سانتا ماريا ديلا ساليوت”، أو وأنت تقوم بزيارة العديد من المتاحف الفنية التي تشتهر بها المدينة الغافية في حضن البحر.
ربما يكون من غير العدل تسمية البندقية بالمدينة، لأنها مكان لا مثيل له في هذه الدنيا، ولا يمكن لأي شخص آخر مقارنتها بأي مدينة أخرى؛ فلا يوجد شبيه لها في العالم.
لشبونة-البرتغال.. الجمال عند كل منعطف
تقع على سلسلة ساحرة من التلال الممتدة حتى نهر تاغوس الكبير، لشبونة واحدة من أكثر مدن العالم جمالا، حيث المناظر الجميلة غير المتوقعة عند كل منعطف أسفل شوارعها الملونة والخلابة، كما تفتن الزوار “التراسات” في الجزء العلوي من كل تل.
تبدو المدينة غير مصقولة ومغرية، بجمالها الطبيعي وغير المصنع الذي يمتلئ بتفاصيل آسرة مثل الشوارع المرصوفة بالحصى، والواجهات المكسوة بالبلاط، والمباني ذات الألوان الباستيلية التي تمتزج معا لتضفي عليها جوًّا فريدا لا يمكن أن تجده في العديد من المدن الأخرى. وإذا أضفت الشواطئ الجميلة على سواحلها، فستحصل على واحدة من أكثر مدن العالم جاذبية وسحرا.
في مثل هذا المكان المذهل لا عجب أن العديد من المستكشفين العظماء تساءلوا عن الجمال الذي يمكن أن يكتشفوه في أماكن أخرى وراء الأفق عندما رحلوا من هنا في القرن الـ15 ليكتشفوا العالم وجمال مدينة لشبونة يطاردهم أينما حلّوا أو ارتحلوا.
مسقط-عُمان.. عناق البحر والرمل والتلال الشاهقات
المدينة التي غنّت لها الشمس وصفقت لها الجبال الباسقات، هناك حين يتعانق البحر والرمل والتلال الشاهقات.
مسقط هي المدينة التي فتنت الشعراء والأدباء فقالوا فيها أجمل القصائد، ولا عجب فهي واحدة من أجمل مدن الدنيا، وصنفها موقع “هاوس بيوتيفل” (housebeautiful) الشهير ثالث أجمل مدينة في العالم متقدمة في هذا التصنيف على مدن مثل بودابست وباريس وأدنبره وغيرها من مدن الدنيا.
شواطئها الدافئة من أجمل شواطئ العالم، وهي غنية بالأسماك والثروة البحرية حيث يتقافز السمك حولك وأنت تسبح، أو يداعب قدميك الغارقتين في الماء وأنت تستلقي وادعا بين أحضان الموج الهادئ، وطيور النورس تحلق فوقك في سماء بيضاء صافية تعكس سحر المدينة البيضاء خلفك.. لا شيء في الدنيا أجمل من أن تترك جسدك يطفو فوق بحر مسقط والسمك حولك، والطيور تغني فوقك، والمدينة بتلالها وجبالها وجمالها تنتظرك في المساء.
كما تشتهر المدينة بتاريخها العريق الذي يبدو واضحا للعيان في متاحفها الكثيرة، ومن أبرزها المتحف الوطني العماني الذي يوثق ملامح التطور الحضاري للبلاد، إذ يضم أكثر من 6 آلاف قطعة أثرية تعكس تاريخ سلطنة عمان الموغل في القدم.
وإذا زرت مسقط فلا بد أن تزور بعضا من أشهر القلاع في المنطقة مثل قلعتي الجلالي والميراني اللتين بناهما البرتغاليون، وقصر العلم الذي سكنه سلاطين عُمان القدماء، وأعاد بناءه السلطان قابوس.
تمتلئ المدينة بالمناظر الطبيعية الخلابة، والحدائق والمتنزهات والعديد من الأماكن السياحية مثل نادي الغوص الذي يأخذ السياح في رحلات بحرية لاكتشاف جمال أعماق الشواطئ العمانية، فضلا عن الرمال الناعمة كخيوط الحرير التي تمتد على طول شاطئ القرم المعروف باسم “شاطئ الحب” كما تنتشر على شواطئ العذيبة والجصة وغيرها.
باريس-فرنسا.. مدينة النور والجمال التي سحرت الدنيا ولا تزال
نهر السين والجسور التي تعبره، الجادّات الكبرى، برج إيفل، شارع الشانزليزيه بمقاهيه، الساحات الأثرية، الآثار الرائعة، شوارع مونمارتر الساحرة، كنيسة نوتردام، متحف اللوفر الذي يضم تاريخ العالم كله في ردهاته.. تؤكد كل هذه الصور لباريس أنها بالفعل الأكثر أناقة وتطورا من بين جميع مدن الدنيا.
لقد ألهمت تقريبا كل عواصم العالم الكبرى، إذ تطالب كل مدينة بشانزليزيه خاص بها، وأصبح “بلاس دي فوج” (Place des Vosges) النموذج الأولي للمربعات السكنية في جميع أنحاء أوروبا.
ويكفي أن تجلس على طاولة مقهى في الهواء الطلق في إحدى جادّات المدينة، أو تذهب في جولة بالقارب في نهر السين العظيم لتشاهد الجمال مجسما أمام عينيك.. إنها باريس، مدينة النور والجمال التي سحرت الدنيا ولا تزال.
ريو دي جانيرو.. مدينة الكرنفالات التي لا تنتهي
يعدّها كثيرون أجمل مدينة في العالم، ولا غرو في ذلك فهي تنعم بالفعل بموقع طبيعي مذهل لا يكاد يضاهيه مكان في سحره وجماله، فأي شخص يقف على قمة جبل “سوغارلوف” الشهير أو بجانب تمثال “كوركوفادو” سيرى أحد أجمل المناظر الطبيعية في العالم، حيث تمتزج الخضرة الاستوائية مع زرقة المحيط وسطوع الرمال على الشواطئ على نحو يثبت أن هذه هي بالفعل “المدينة الرائعة” كما يسميها السكان المحليون.
كانت المدينة العاصمة السابقة للبرازيل قبل بناء “برازيليا” العاصمة الحالية، وتحتوي على العديد من المعالم السياحية والشواطئ الخلابة مثل شاطئ “كوباكبانا” الذي يعجّ دائما بالسياح، وهناك شواطئ أكثر جمالا مثل شاطئ “ليبلون” وشاطئ “إيبانيما”، ومن أشهر المناطق السياحية في ريو دي جانيرو تمثال “المسيح الفادي” أو ما يطلق عليه من قبل البرازيليين “كريستو ريدينتور” ويقع على قمة جبل “كوركوفاد” الذي يطلّ على المدينة الفاتنة، ويوجد في حي “بوتافوغو” أسواق تجارية من أفضل المواقع في العالم للتسوق كما تشتهر بالكرنفالات المتواصلة التي لا تكاد تنتهي إذ يعشق سكان المدينة وزوارها الغناء والرقص والسهر والمرح طوال الوقت، ولم لا؟! فهم يعيشون في واحدة من أجمل مدن العالم.