السينما الأميركية على شهرتها الكبيرة وانتشارها الواسع ليست الوحيدة في العالم، فقد رافقتها منذ البداية نظيرتها الأوروبية، ومع مرور السنين دخلت على الخط السينما الآسيوية واللاتينية والأفريقية، وقد أدركت الجوائز الكبرى التي تحتفي بإنتاجات هوليود أهمية رصد أبرز الأفلام العالمية غير الناطقة بالإنجليزية.

وقُدمت أول جائزة أوسكار في فئة الأفلام غير الناطقة بالإنجليزية عام 1947، وبين تلك السنة وعام 1955 قدمت الأكاديمية جوائز خاصة/فخرية لأفضل الأفلام بلغة أجنبية ومع ذلك لم تُسلّم هذه الجوائز على أساس منتظم (لم تُمنح جائزة في عام 1953).

 

وحديثا تغير الوضع وأصبحت هذه الفئة التي تم تغيير اسمها إلى “أفضل فيلم دولي” هي الأهم في بعض الأحيان بعد جائزة أفضل فيلم، كما غدت معيارا حقيقيا لأفلام العام.

هنا نلقي نظرة على الأفلام المرشحة لأوسكار أفضل فيلم دولي لعام 2023.

كل شيء هادئ على الجبهة الغربية

في أعلى هذه القائمة واحد من أكثر الأفلام قوة هذا العام في الأوسكار بـ9 ترشيحات مختلفة من بينها أفضل فيلم، وأفضل فيلم دولي، وأفضل نص مقتبس.

فيلم “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية” (All Quiet on the Western Front) مقتبس من رواية بالاسم ذاته للكاتب إريك ماريا ريمارك مُنعت من النشر في ألمانيا النازية بسبب نبرتها المعادية للحروب، وتحولت من قبل إلى فيلم أميركي عام 1930 فاز بأوسكار أفضل فيلم وأفضل مخرج.

تدور أحداث الفيلم في الحرب العالمية الأولى، وفيه نتعرف على قصة مجموعة من الجنود الشباب المتحمسين للحرب بعد تشجيع المجتمع ومعلميهم واتهام المتخلفين عنها بأنهم معادون للقومية، لكن ما إن يصلوا إلى أتون المعركة حتى يكتشفوا الوجه الآخر للشعارات البراقة، وزيف تشجيع أشخاص لم يزوروا حتى الجبهة.

 

أرجنتينا 1985

يقدم فيلم “أرجنتينا 1985” (Argentina, 1985) دراما تاريخية مبنية على أحداث حقيقية، من إخراج سانتياغو ميتري. عرض  الفيلم أول مرة بالمسابقة الرسمية لمهرجان فينسيا السينمائي، حيث فاز بجائزة الفيبرسي، كما فاز بجائزة غولدن غلوب لأفضل فيلم أجنبي.

بطل الفيلم النائب العام للأرجنتين في الثمانينيات الذي يضطر إلى خوض محاكمة تعرض حياته وعائلته للخطر. فبعد سيادة الديمقراطية ألقي القبض على مجموعة من القادة العسكريين الذين قاموا بجرائم تعذيب واختطاف بحق المدنيين وأشرفوا عليها؛ ضغط الرأي العام لمحاكمتهم بصورة عادلة. لكن خلف هؤلاء القادة أشخاص ما زالوا على استعداد للتضحية بحياتهم وحياة أي شخص من أجل بقائهم خارج الأسوار.

الفيلم من أفلام المحاكمات، وتدور أغلب أحداثه من خلال الشهادات الخاصة بالمدنيين الذين خضعوا للتعذيب والمرافعات، مع خط ثانٍ يبرز تفاصيل استعدادات مكتب النائب العام بمساعديه الشباب الذين استخفّ بهم الجميع للقضاء على هؤلاء.

 

 

قريب

من بلجيكا فيلم “قريب” (Close) الذي أسر المشاهدين برقته وبراعة ممثليه من الأطفال، من إخراج لوكاس دونت. عُرض أول مرة في مهرجان كان السينمائي الدولي وفيه فاز بالجائزة الكبرى، ثم في عدد من المهرجانات منها مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

تدور أحداث الفيلم حول طفلين جمعت بينهما الصداقة على مرّ سنوات، ينتقلان معًا إلى المدرسة الإعدادية، وفيها يبدأ زملاؤهما الجدد بالتنمر عليهما بسبب هذه الصداقة الوطيدة، فيضطر “ليو” إلى الخضوع لضغط الأقران والابتعاد عن “ريمي” الذي لا يتقبل الأمر بسهولة، بل يدفعه ذلك إلى اتخاذ قرار بالانتحار نتيجة وحدته غير المتوقعة، الأمر الذي سيؤثر على نظرة “ليو” الصغير إلى الحياة.

قصة فيلم “قريب” شديدة البساطة، لكنها تفاجئ المشاهد بتطوراتها العنيفة، خاصة مع التمثيل الرائع من جانب الطفلين في دوري البطولة، اللذين ينبئان ببطلي سينما قادميْن.

 

إيو

فيلم “إيو” (EO) ما زال يتحدى نفسه بالفوز بالجوائز والترشيحات المتتالية، وهو عمل بولندي من إخراج جيرزي سكوليموفسكي الذي استلهمه من فيلم المخرج روبرت بريسون “عشوائية بالتزار” ( Au Hasard Balthazar)، وقد عُرض أول مرة في مهرجان كان السينمائي حيث فاز بجائزة لجنة التحكيم، ومهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وفاز بجائزة لجنة تحكيم النقاد العرب لأفضل فيلم أوروبي.

تدور أحداث الفيلم حول حمار صغير وُلد في السيرك البولندي لكن صاحبته اضطرت إلى التخلي عنه فبقي وحيدا يجوب أوروبا من بلد  إلى آخر، معرّيًا حقيقة المجتمع بعيونه الواسعة والصامتة.

فيلم “عشوائية بالتزار” يُعدّ من أهم الأفلام السينمائية على الإطلاق، ولو فاز فيلم “إيو” بالأوسكار هذا العام سينضم إليه في قائمة قصيرة للغاية من الأفلام العظيمة من بطولة حمار صامت.

 

الفتاة الهادئة

فيلم “الفتاة الهادئة” (The Quiet Girl) أيرلندي ينتمي لنوع أفلام البلوغ أو النضوج، كتبه وأخرجه كولم بيريد، وعُرض أول مرة في مهرجان برلين السينمائي وفاز بجائزة الدب الكريستال.

قالت عنه لجنة التحكيم “إنه فيلم ذو قصة دقيقة مملوءة بالتفاصيل عن الطفولة والحزن والأبوة وإعادة بناء الأسرة، جمع بين السرد القوي للغاية والتصوير السينمائي المذهل، يخلق فيه الصوت والصور جوًّا فريدًا”.

تدور أحداث الفيلم في عام 1981، ويتتبع قصة فتاة تبلغ من العمر 9 سنوات، تقضي الصيف في مزرعة مع أقاربها البعيدين في الريف.

 

 

 

ويبدو أن الأوسكار هذا العام تركز على قصص مختلفة من بطولة حيوانات مثل “إيو” أو أطفال مثل “قريب” و”الفتاة الهادئة”، لكن أيها سيصل إلى الجائزة النهائية؟

على الأغلب سيكون “كل شيء هادئ على الجبهة الغربية” الذي حصد عددا غير مسبوق من الترشيحات لفيلم ألماني في الأوسكار.

ربما لا تحتوي هذه القائمة على أفلام فائقة الروعة وأيقونية مثل “طفيلي” أو “قودي سيارتي” الفائزين في 2021 و2022، لكن الاختيارات تبقى مميزة للغاية، ولا يمكن حسم الفائز حتى 12 مارس/آذار القادم في حفل توزيع جوائز الأوسكار.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

About Post Author