أسعار الفائدة والتشديد الكمي يؤثران بشكل كبير على تدهور القطاع المصرفي (شترستوك)

أسعار الفائدة والتشديد الكمي يؤثران بشكل كبير على تدهور القطاع المصرفي (شترستوك)

تسبب ارتفاع أسعار الفائدة وسياسة التشديد الكمي في إحداث اضطرابات في القطاع المصرفي بعد انهيار عدة بنوك أميركية، وتعد هذه الاضطرابات الأكبر من نوعها منذ 2008 عندما انهارت الأسواق المالية حول العالم، قبل أن تتدخل الحكومة الأميركية بحزمات إنقاذ واسعة مكّنت القطاع المصرفي الأميركي والعالمي من التعافي ومنعت انهياره الكامل.

ورغم استمرار الأزمة، فإن مجلس الاحتياطي الفدرالي (المركزي الأميركي) رفع في 23 مارس/آذار الحالي أسعار الفائدة للمرة التاسعة على التوالي منذ بداية العام الماضي، واختار مواصلة حملته ضد التضخم المرتفع.

 

وارتفع اليوم الجمعة إنفاق المستهلكين في الولايات المتحدة بشكل معتدل في فبراير/شباط الماضي، بعدما قفز في الشهر السابق. ورغم مؤشرات على تراجع التضخم، فإن معدله يظل مرتفعا؛ وهو ما قد يدفع المجلس الاحتياطي الفدرالي إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى هذا العام.

ويقول الكاتب ستيفان مونييه -في تقرير نشرته صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية- عقب إفلاس بنوك أميركية وتدهور معنويات السوق، فلا يزال من السابق لأوانه معرفة إذا كان تم احتواء المشاكل والسيطرة عليها، حيث يعتمد نموذج عمل البنوك على الثقة، ويعد انهيار بنك “سيليكون فالي” دليلا على مدى سرعة حدوث سحب هائل للودائع، ويرجع ذلك جزئيا إلى وسائل التواصل الاجتماعي وإمكانية تحويل الودائع من بنك إلى آخر عبر الإنترنت في غضون فترة وجيزة، ومن خلال نقرات بسيطة.

ومن الصعب في الوقت الحالي التنبؤ بتداعيات ذلك على البنوك والاقتصاد الأميركي. وفي ضوء ذلك، يقوم العديد من العملاء بتحويل ودائعهم من المؤسسات الصغيرة إلى البنوك الأميركية الأكبر، التي يُنظر إليها على أنها أكثر أمانا.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن تحفيز البنوك الصغيرة ومتوسطة الحجم لتقديم معدلات فائدة أعلى للاحتفاظ بالودائع أو جذبها، أو البحث عن مصادر تمويل أخرى أكثر تكلفة، لكن هذا لن يعزز الربحية.

 

وتمتد متطلبات رأس المال المفروضة إلى البنوك الكبرى لتشمل جميع المقرضين الأميركيين، مما يقلل ربحيتهم، ومن المرجح أيضا أن تشدد البنوك معايير الإقراض ومنح الائتمان، وقد يكون لهذا الوضع تأثير مضاد للتضخم، ويمكن أن يؤدي إلى إبطاء النمو الاقتصادي.

من جانبها، تعمل معظم البنوك الأوروبية والبريطانية في ظل ظروف مختلفة للغاية، وتستفيد معظمها من زيادة الربحية الناجمة عن ارتفاع الأسعار، بينما تلاشت هذه الميزة للعديد من البنوك الأميركية. علاوة على ذلك، تعرض هذه البنوك متوسط نسبة تغطية سيولة ​بين 140% وأكثر من 160%، بينما تبلغ المتطلبات الدنيا 100%.

التنسيق الدولي الاحترازي

ويوضح الاضطراب المصرفي كيف يتفاعل الاقتصاد الحقيقي مع دورة تشديد السياسة النقدية لبنك الاحتياطي الفدرالي، ويكمن الخطر في أن تشديد الأوضاع المالية وما ينتج عنها من انخفاض في السيولة سيؤدي إلى تضخيم نقاط الضعف التي لم يتم تحديدها من قبل في الأسواق الأخرى.

وأعلن الاحتياطي الفدرالي الأميركي وغيره من البنوك المركزية الرئيسية -بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي والبنك الوطني السويسري وبنك إنجلترا وبنك كندا وبنك اليابان- إجراء مشتركا منسقا لتعزيز السيولة العالمية لتهدئة هذه المخاوف.

ومن أجل تقييم التأثير على الأسواق، يجب مراقبة مؤشرات العدوى، لا سيما سوق الديون الطارئة القابلة للتحويل الصادرة عن البنوك، وكذلك مقاييس الضغط على أسواق المال وتطور أسعار الأوراق المالية المصرفية، ناهيك عن استخدام تسهيلات القروض من البنوك المركزية، حيث تم استخدام برنامج الاحتياطي الفدرالي الجديد على نطاق واسع.

المصدر : رويترز + لوتان

About Post Author