ليز تشيني: الحزب الجمهوري ضل طريقه في التركيز أكثر من اللازم على دونالد ترامب وعبادة شخصيته (الفرنسية)

ليز تشيني: الحزب الجمهوري ضل طريقه في التركيز أكثر من اللازم على دونالد ترامب وعبادة شخصيته (الفرنسية)

واشنطن- مثلت الانتخابات التمهيدية للمرشحين الجمهوريين لانتخابات الكونغرس في نوفمبر/تشرين الثاني مرآة عاكسة لقوة ونفوذ الرئيس السابق دونالد ترامب.

وشكلت الانتخابات في ولاية وايومنغ، أهم هذه العناصر المؤشرة على قوة وهيمنة ترامب على حاضر ومستقبل الحزب الجمهوري في ضوء معاداته العلنية والقوية للمرشحة ليز تشيني، ابنة نائب الرئيس السابق، والتي تطالب بحظر ترامب من أي نشاط سياسي بسبب دوره في أحداث 6 يناير/كانون الثاني واقتحام الكونغرس.

 

وجاءت هزيمة تشيني الكبيرة وبفارق تخطي الـ30 نقطة ليشير لقوة ترامب في أحد أكثر الولايات ولاء للجمهوريين.

ترامب خلال أول خطاب له بعد خسارته
ترامب وجّه انتقادات حادة لليز تشيني مباشرة بعد خسارتها للانتخابات (الفرنسية)

تعهد بمنع ترامب من العمل السياسي

مباشرة بعد خسارتها أمام هارييت هاجمان في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في ولاية وايومنغ، كشفت النائبة ليز تشيني، النقاب عن خطوتها التالية، حيث أطلقت منظمة جديدة هدفها الأساسي هو منع الرئيس السابق دونالد ترامب من استعادة الرئاسة.

وأطلقت تشيني اسم “المهمة العظيمة” على منظمتها الجديدة، واستعارت الاسم من عبارة وردت في أشهر خطاب للرئيس السابق أبراهام لينكولن عقب انتهاء معركة غيتيسبيرغ (1865م)، حين دعا الرئيس الشهير الحزب الجمهوري إلى العودة إلى جذوره. وأشارت تشيني إلى أن لينكولن خسر سباقات الكونغرس قبل انتخابه رئيسا، وهو ما اعتبره بعض المراقبين إشارة لنيتها خوض سباق الانتخابات الرئاسية لعام 2024.

وقالت تشيني في مقابلة مع برنامج “توداي شو” على شبكة “إن بي سي” (NBC) صباح الأربعاء عقب تأكد هزيمتها في الانتخابات التمهيدية، “علينا أن نعيد هذا الحزب إلى المبادئ والقيم التي تأسس عليها”، مؤكدة أنه ضل طريقه في “التركيز أكثر من اللازم على دونالد ترامب وعبادة شخصيته”.

ولم يتفاجأ المراقبون بهزيمة ليز تشيني، ابنة ديك تشيني نائب الرئيس السابق، وسليلة إحدى العائلات السياسية الكبيرة في تاريخ ولاية وايومنغ. وأدت معارضة تشيني القوية لترامب عقب هجوم أنصاره على مبنى الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2021 لتعطيل التصديق على نتائج الانتخابات، إلى دعم ترامب لمنافستها، وشنه حملة عليها لطردها من الحزب عقب قبولها منصب نائب رئيس لجنة التحقيق في أحداث 6 يناير/كانون الثاني التي شكّلها الديمقراطيون في مجلس النواب.

وتُحمّل تشيني ترامب المسؤولية المباشرة والكاملة عن أعمال الشغب في الكابيتول التي وقعت في 6 يناير/كانون الثاني 2021، وتؤمن بضرورة منعه من كل أشكال العمل السياسي.

نشوة ترامب وحلفائه

وتعد هزيمة تشيني انتصارا كبيرا للرئيس السابق ترامب، وفي سلسلة من التعليقات على منصة “الحقيقة” (Truth) أشاد ترامب بالفوز الحاسم، وانتقد تشيني، الذي وصفها بأنها “حاقدة” و”حمقاء”.

وتعليقا على تعهد تشيني، رد ترامب بعد ساعات، وكتب يقول “ركز خطاب الخسارة غير الملهم الذي ألقته ليز تشيني، أمام حشد صغير في ولاية وايومنغ العظيمة، على اعتقادها بأن الانتخابات الرئاسية لعام 2020 لم تكن مزورة ومسروقة، على الرغم من الأدلة الضخمة والقاطعة على عكس ذلك”.

وكان مقعد تشيني في الكونغرس يبدو أكثر أمانا في ولاية تتمتع فيها عائلتها بإرث سياسي كبير، وفازت تشيني بمقعدها عام 2020 بما يزيد على 70% من الأصوات.

وتغيرت الأمور بعد تمرد 6 يناير/كانون الثاني 2021، وصوتت تشيني لصالح عزل ترامب لتحريضه على أعمال الشغب، مما يجعلها واحدة من 10 جمهوريين فقط في مجلس النواب قاموا بذلك.

وعلى عكس نصائح أصدقائها، لم تبتعد تشيني عن التصويت على عزله من أجل محاولة إقناع الجمهوريين في ولايتها المؤيدة بأغلبية ساحقة لترامب بإبقائها في الكونغرس.

وبدلا من ذلك، جعلت تشيني من هذا الموضوع موضوعا مركزيا لحملتها الانتخابية، حيث صورت معارضتها الصريحة باعتبارها ضرورة أخلاقية تتجاوز هدف الحفاظ على الذات السياسية.

Primary election night party of Republican candidate U.S. Representative Liz Cheney in Jackson
ليز سبق وصوتت لعزل ترامب وجعلت هذا الهدف موضوعا مركزيا لحملتها الانتخابية (رويترز)

ترامب يتوج مطاردته للمنافسين داخل الحزب

أمضى ترامب الأشهر والأسابيع الماضية في محاولات لدعم مرشحيه وأنصاره في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري كان فيها الولاء للرئيس السابق هو العامل الرئيسي.

وخسر أنصار ترامب قليلا من المعارك الانتخابية كان أبرزها فوز حاكم ولاية جورجيا براين كيمب وسكرتير الولاية براد رافنسبرغر على المرشحين الذين تلقوا دعما كبيرا من الرئيس السابق ترامب، لكن في معظم السباقات الأخرى، فاز مرشحو ترامب.

وتعد ليز تشيني الثامنة بين 10 نواب جمهوريين في مجلس النواب صوّتوا لصالح عزل ترامب بعد حادثة اقتحام الكونغرس في 6 يناير/كانون الثاني، اختار 4 منهم عدم السعي لإعادة انتخابهم، وخسر 4 آخرون الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري.

واختارت تشيني الاستمرار في معاداة ترامب، وكانت الرسالة الختامية لحملتها إعلانا تلفزيونيا يظهر فيه والدها، ديك تشيني نائب الرئيس السابق، واصفا ترامب بأنه “جبان” يكذب على مؤيديه و”حاول سرقة الانتخابات الأخيرة” باستخدام العنف.

ترامب لا يزال ملك الجمهوريين

وتقول الخبيرة الإستراتيجية الجمهورية آليس ستيوارت إن نفوذ ترامب كان العامل النهائي في هذا السباق.

وقالت: “دون شك عندما نتحدث عن انتخابات تمهيدية، فإن قاعدة الناخبين هي الحاسمة، وفي الوقت الحالي، تدعم قاعدة الحزب الجمهوري دونالد ترامب”.

وتظهر استطلاعات الرأي المتكررة أن ترامب لا يزال مرشحا مفضلا بشكل واضح على أي منافسين محتملين آخرين للحصول على ترشيح الحزب الجمهوري لعام 2024. وأظهر استطلاع حديث حصوله على 55% من دعم من الناخبات والناخبين الجمهوريين.

ولم تسفر هزيمة ترامب في انتخابات 2020 ومن ثم خروجه من البيت الأبيض عن اندثار التيار الفكري الذي عبّر ترامب عنه وامتطاه خلال سنوات حكمه الأربع. ويدرك ترامب أهمية إثارة الجدل والحماس في ظل شعبوية يمينية متصاعدة في الولايات المتحدة.

واستغل ترامب اقتحام مفتشي مكتب التحقيقات الفدرالي لمنزله بولاية فلوريدا لتأكيد هيمنته وسيطرته على الحزب في وقت أسرع فيه كبار زعماء الحزب لإدانة عملية التفتيش ودعم ترامب، وتجاهل أي مخالفات واضحة ارتكبها الرئيس السابق.

المصدر : الجزيرة

About Post Author