في 20 ديسمبر/ كانون الأول 2021، ثار بركان “هونغا تونغا” Hunga Tonga–Hunga Haʻapai تحت البحر في أرخبيل تونغا جنوبي المحيط الهادي، وتوقع العلماء أن يهدأ الأمر خلال فترة قصيرة كما حدث قبل حوالي عقد، لكن البركان استمر في التصاعد حتى وصل إلى ذروته بعد 4 أسابيع تقريبا من تاريخ ثورانه، ليصبح أقوى ثوران بركاني في القرن الـ21.
وبسبب قوته، التفتت الوكالات الفضائية لدراسة أثره على كوكب الأرض، وكانت وكالة ناسا قد أشارت إلى أن كمية الطاقة المنبعثة من الثوران كانت تعادل ما بين 4 إلى 18 ميغا طن من مادة “تي إن تي”، يعني ذلك أنه كان أقوى بمئات المرات من القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما.
وإلى جانب ذلك، فقد تسبب ثوران هذا البركان في حدوث تسونامي بارتفاع وصل إلى 20 مترا ضرب الجزر المجاورة، وخلق دويا صوتيا دار حول العالم كله مرتين.
ترى دراسة نشرها فريق بحثي دولي مؤخرا في دورية “كومينكيشنز إيرث آند إنفايرومنت” Communications Earth & Environment التابعة لمؤسسة نيتشر المرموقة أن الأمر كان حتى أعقد من ذلك.
فقد أدى ثوران هذا البركان إلى إطلاق مواد بركانية وصلت إلى ارتفاع 58 كيلومترا في الغلاف الجوي، وخلق عمودا هائلا من بخار الماء انطلق في طبقة الستراتوسفير في الغلاف الجوي للأرض، ووضع فيه من البخار ما يكفي لملء حوالي 60 ألف حوض سباحة أولمبي.
وتعد الستراتوسفير الطبقة الثانية للغلاف الجوي للأرض، حيث تقع أعلى التروبوسفير وهي الطبقة السفلى التي تلامس سطح كوكبنا، وتمتد من حوالي 10 كيلومترات فوق الأرض وتصل إلى ارتفاع مقداره 50 كيلومترا.
ويكون الهواء في طبقة الستراتوسفير عادة أرق مما هو عليه عند مستوى سطح البحر. وبسبب هذا، تصل الطائرات النفاثة ومناطيد الطقس إلى أقصى ارتفاعات تشغيلية لها داخل طبقة الستراتوسفير.
وقد أظهر الفريق الخاص بتلك الدراسة زيادة غير مسبوقة في كتلة الماء في طبقة الستراتوسفير، بنسبة 13%، وارتفعت نسبة الهباء الجوي في الطبقة نفسها بمقدار 5 أضعاف.
وللتوصل لتلك النتائج، استخدم الباحثون بيانات قادمة من المهمة “أيولوس” Aeolus، وهي قمر اصطناعي أطلقته وكالة الفضاء الأوروبية في عام 2018 بغرض دراسة حركة رياح الأرض على نطاق كلي، الأمر الذي يسهم في تحسين تنبؤات العلماء المناخية على نطاقات قصيرة وطويلة المدى.
ووجد الفريق البحثي أنه نظرا للارتفاع الشديد الخاص بسحابة بركان هونغا تونغا، فقد دار الغبار الصادر من هذا البركان في الغلاف الجوي حول الأرض، من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي، في أسبوع واحد فقط.
وتشير الدراسة الجديدة إلى أن أثر هذا البركان لا يزال موجودا في الغلاف الجوي، حتى بعد مرور عام كامل على ثورانه.