المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أبدى استغرابه من طلب إجراء استفتاء عام على كل القضايا (مواقع التواصل الاجتماعي)

المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي أبدى استغرابه من طلب إجراء استفتاء عام على كل القضايا (مواقع التواصل الاجتماعي)

طهران- بالرغم من أن المادة 59 من الدستور الإيراني توضح الإطار العام لإجراء استفتاء شعبي بغية حل القضايا المهمة، فإن التيار الإصلاحي دأب على المطالبة بتطبيقها لتجاوز الأزمات الداخلية والقضايا الشائكة بالسياسة الخارجية.

وعلى وقع أصوات محافظة خجولة تطالب بتعديل الدستور الإيراني لتجاوز الأزمات الداخلية، يرى الإصلاحيون في تنظيم الاستفتاء العام حلا مناسبا لوضع حد لشتى الأزمات، مثل البرنامج النووي، والاحتجاجات المتكررة، وصولا إلى الخلافات السياسية، بيد أن هذه المطالب اصطدمت الأسبوع الماضي باستغراب المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، الذي تساءل: “وهل يمكن إجراء استفتاء عام على كل القضايا؟”.

 

تعليق المرشد الأعلى على الأصوات المطالبة بإجراء استفتاء عام، يطرح تساؤلات عدة حول تفسير المواد الدستورية، ورؤية التيارات السياسية تجاهها، وإمكانية الاستعانة بها لوضع حد للخلافات السياسية والتباين بين آراء شرائح المجتمع والمؤسسات الدستورية حيال الملفات الشائكة؟

حسن روحاني (الصحافة الإيرانية)
الرئيس السابق حسن روحاني: الحل الرئيسي للمشكلات يكمن في تنفيذ المادة 59 من الدستور (الصحافة الإيرانية)

لماذا عاد جدل الاستفتاء العام؟

الحديث عن تنظيم استفتاء عام بشأن الملفات الوطنية الشائكة ليس جديدا في إيران، إذ سبق وطالب عدد من الشخصيات السياسية والدينية بالعمل بمواد الدستور الحالي والسماح بإجراء استفتاء لتجاوز أزمة الاحتجاجات الأخيرة.

على رأس تلك الشخصيات: الرئيس الإصلاحي الأسبق محمد خاتمي، ورئيس الوزراء الأسبق زعيم الحركة الخضراء مير حسين موسوي، وإمام جمعة أهل السنة والجماعة بمدينة زاهدان المولوي عبد الحميد إسماعيل زهي، وآخرون.

وبعد 4 أعوام من وصف الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني المادة 59 من دستور بلاده بأنها “نافذة مفتوحة أمام المواطنين لفتح الطرق المغلقة”، ومطالبته عام 2019 بتنظيم استفتاء عام حول البرنامج النووي، عاد إلى المطالبة من جديد بالرجوع إلى التصويت العام لحسم القضايا المعقدة في بلاده.

ولدى اجتماعه بكبار مسؤولي حكومته السابقة الشهر الماضي، قال روحاني، إن الحل الرئيسي للمشكلات يكمن في تنفيذ المادة 59 من الدستور، موضحا أنه بالرغم من كثرة أسئلة الناس يمكن الإجابة عن 3 ملفات أساسية: السياسة الخارجية والسياسة الداخلية والاقتصاد.

 

وإثر انتشار تصريحات روحاني على نطاق واسع، قال المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي إن “أحد الأخوة يطالب بإجراء استفتاء شعبي عام، في أي مكان بالعالم ينظمون هكذا استفتاءات، وهل يمكن إجراء استفتاء عام على كل القضايا؟”.

وتابع المرشد الأعلى أنه ليس بإمكان كل الناس تحليل الملفات الشائكة بدقة وإبداء الرأي فيها، موضحا أن حسم قضية واحدة فقط في بعض الأحيان قد تستغرق 6 أشهر.

 

هل تختلف نظرة الإصلاحيين والمحافظين إلى دور الشعب؟

تجمع التيارات السياسية في إيران على أن الشعب مصدر السلطة في الجمهورية الإسلامية، إلا أنها تختلف بشأن كيفية ممارسة عامة الناس لسلطتها القانونية في القضايا المعقدة.

يعتقد التيار الإصلاحي أنه لا بد من الرجوع إلى التصويت العام، فضلا عن مشاركة شرائح الشعب بالاقتراع المباشر في الانتخابات البرلمانية والرئاسية واستحقاقات أخرى، لاختيار نواب المجالس البلدية ومجلس خبراء القيادة، في حين يرى المحافظون أن المؤسسات الدستورية التي يختارها الشعب مباشرة تأخذ على عاتقها مهمة تذليل العقبات في القضايا الشائكة وحلحلتها.

وفي حين يكرّر الإصلاحيون دعوتهم لإجراء استفتاء عام بشأن الملف النووي وسياسة البلاد الخارجية والوضع الاقتصادي وفق المادة 59 بالدستور، ترى شخصيات محافظة مفتاح القضايا المعقدة في تعديل بعض مواد الدستور، مؤكدة أن البعض الآخر من مواده -مثل جمهورية النظام وإسلاميته- غير قابلة للتعديل والمراجعة، وفقا للدستور ذاته.

 

وفي تصريح سابق للجزيرة نت، يؤكد السياسي المحافظ عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام محمد رضا باهنر، أن القانون الإيراني يؤمن بإمكانية إجراء الاستفتاء على بعض الأمور التي لم تكن واضحة لدى المؤسسات الدستورية وعلى رأسها البرلمان، وأن المادة 177 من الدستور تنص على كيفية مراجعة الدستور ليتناسب ومستجدات التطورات ویسهل حلحلة الملفات المهمة.

 

ما نص المادتين 59 و177 في الدستور الإيراني؟

تنص المادة 59 على أنه “يجوز ممارسة السلطة التشريعية بإجراء الاستفتاء العام والرجوع إلى آراء الناس مباشرة بعد مصادقة ثلث أعضاء مجلس الشورى الإسلامي، حول القضايا الاقتصادية، والسياسية، والاجتماعية، والثقافية المهمة جدا”.

ووفق المادة 177 من الدستور الإيراني، تتم مراجعة الدستور بأمر من المرشد الأعلى إلى الرئيس، وذلك بعد التشاور مع مجمع تشخيص مصلحة النظام، لإعادة النظر في المواد التي يلزم تعديلها أو إضافتها من قبل المجمع، على أن تطرح قراراته على الاستفتاء العام بعد توقيعها من قبل المرشد.

 

ما حقيقة معارضة المرشد إجراء استفتاء عام؟

بالرغم من انتشار مقتطفات من كلمة آية الله خامنئي -لدى استقباله حشدا من طلبة الجامعات- على أنها معارضة صريحة لمبدأ الاستفتاء العام لحل المشكلات في البلاد، فبالعودة إلى الشريط المصور الذي بثه مكتب المرشد الإيراني، يتبين أنه يعدد أسباب استحالة اللجوء إلى التصويت العام بشأن مختلف الملفات والقضايا في البلاد.

وفي هذا السياق، نشرت صحيفة إيران الرسمية تعليقا أوضحت فيه أن تصريحات المرشد كانت ردا على مداخلة أحد الحاضرين، حيث عزا سبب الحساسية حيال موضوع الاستفتاء إلى إحجام الدولة عن تنفيذ المادة القانونية، مضيفة أن المرشد لا يعارض مبدأ الاستفتاء، وأنه أوضح للطلبة أن إرادة الشعب الإيراني تتجلى في اختياره نواب البرلمان والرئيس بشكل مباشر.

 

في غضون ذلك، رد السياسي الإصلاحي عباس عبدي على الأوساط المحافظة التي بررت عدم تنفيذ الاستفتاء العام بسبب تكاليفه الباهظة، وقال إن الأموال متوفرة بكثرة لدى الحكومة، وأنها لا تستخدم من أجل أعمال مفيدة، واقترح في تغريدة على تويتر اللجوء إلى “استطلاعات الرأي” على المستوى الوطني لتجاوز عقبة التكاليف المترتبة على الاستفتاء العام.

المصدر : الجزيرة

About Post Author