يلمع اسم أوسكار إيزاك هذه الأيام بشدة، خاصة بعد نجاحه الكبير في مسلسل مارفيل “فارس القمر” (Moon Knight) وقبله مسلسله مع الممثلة جيسيكا تشاستين “مشاهد من زواج” (Scenes from a Marriage) وفيلم “كثيب” (Dune)، لكن تلك ليست النجاحات الأولى لإيزاك، فقبلها قدم أعمالا مهمة مثل “داخل لوين ديفيس” (Inside Llewyn Davis) فيلم الأخوين كوين الذي فاز بالجائزة الكبرى من مهرجان كان السينمائي وترشح للسعفة الذهبية، بالإضافة إلى الترشيح لجائزتي أوسكار.
لكن من هو أوسكار إيزاك الذي يصنف الآن بأنه من الأعلى إيرادًا في هوليود وضمن نجوم الصف الأول وابن شركة “ديزني” (Disney) المدلل الذي شارك معها من قبل في سلسلة أفلام “حرب النجوم” (Star wars) قبل انضمامه إلى مارفيل؟
عائلة لاتينية مهاجرة
وُلد أوسكار إيزاك هيرنانديز إسترادا في مدينة غواتيمالا، لأم غواتيمالية وأب كوبي كان اختصاصي في أمراض الرئة. هاجرت عائلة إيزاك إلى الولايات المتحدة عندما بلغ من العمر 5 أشهر، تنقلوا كثيرًا في البداية في جميع أنحاء البلاد، بما في ذلك واشنطن العاصمة وفيرجينيا ولويزيانا وماريلاند وأماكن مختلفة في جميع أنحاء فلوريدا، ولا سيما ميامي، وفيها استقروا في النهاية.
كان إيزاك متمردًا بعض الشيء في طفولته، حتى إنه تم طرده من مدرسة خاصة في الصف السابع عندما أشعل مطفأة حريق في صالة الألعاب الرياضية، وشوّه لوحة جدارية.
التمثيل بالمصادفة
أثناء وجوده في ميامي لعب الغيتار وغنى لفرقة موسيقية كوّنها مع بعض أصدقائه، تمتعت الفرقة ببعض النجاح، لكنه تخلى عن مسيرته الموسيقية هذه بعد قبوله في برنامج التمثيل في مدرسة جوليارد العريقة في نيويورك عام 2001، وخلال دراسته عمل على أحد أفلامه الأولى، وهو “كل شيء عن عائلة بنجامين” (All About the Benjamins) عام 2002.
لكن للوقوف على أول أدواره التمثيلية يجب الرجوع قليلًا إلى منتصف التسعينيات، عندما شارك في فيلم الجريمة “إيلتاون” (Illtown) عام 1996، العمل الذي لا يتذكره الكثيرون الآن إلا أنه أول عمل ظهر فيه إيزاك، ثم ظهر في دور صغير في مسلسل “القانون والنظام” (Law & Order)، لكن أول أدواره التي جعلته مرئيًا ومعروفًا كان في فيلم “قصة المهد” (The Nativity Story) عام 2006.
وحصل على أول جوائزه عن دوره في فيلم “باليبو” (Balibo) عام 2009، ذات العام الذي شارك فيه في فيلم الدراما التاريخية “أجورا” (Agora).
المحكوم السابق
حتى 10 سنوات مضت، كان إيزاك مثل الكثير من الممثلين الذين يقدمون أدوارا صغيرة، يلاحظه النقاد والمشاهدون من وقت لآخر، قد يميزون وجهه ولكنته، لكن لا يعلق اسمه في أذهانهم، لكن في 2011 حظى باهتمام أكبر عندما عمل مع المخرج زاك سنايدر في فيلم “ساكر بنش” (Sucker Punch)، ثم دور حارس الأمن في فيلم “دبليو.إي” (W.E) بطولة النجمة مادونا، وعلى الرغم من فشل الفيلم الكبير، فإن الكثير من النقاد أشادوا بإيزاك، واعتبروه أفضل ما قدمه هذا العمل المتواضع.
في العام ذاته شارك في فيلم الجريمة الشهير “درايف” (Drive) في دور محكوم سابق، والذي كان مترددًا في قبوله خوفًا من التنميط في هذا النوع من الأدوار بسبب لون بشرته وأصوله اللاتينية، لكنه وافق بعد مقابلات مع المخرج نيكولاس ويندينج ريفن وكاتب السيناريو حسين أميني، اللذين وافقا على إدراج ملاحظاته الخاصة لتعديل الدور.
أشاد النقاد بأدائه في هذا العمل، ووصفه الناقد تود مكارثي في مقال هوليود ريبورتر بأنه لعب الشخصية بـ””ذكاء وصدق غير متوقعين”، واعتبره الكثيرون لاحقًا دليلا على قدرته المميزة في خلق التوتر المبني على تاريخ الشخصية السابق. حقق فيلم “درايف” إيرادات بلغت 81 مليون دولار، مقابل ميزانية 15 مليون دولار فقط.
نجم صف أول
الانعطافة الحقيقية في مسيرته، والتي نقلته من الأدوار الثالثة والثانية إلى البطولة، كانت في العام 2013 في فيلم الأخوين كوين “داخل لوين ديفيس”، الذي لعب فيه دور المغني بالاسم الموهوب ذاته والمكافح الذي عاش خلال الستينيات.
آمن المخرجون بقدراته الموسيقية، ومن أجل هذا الدور تعلم تقنيات جديدة للغيتار، ونال الفيلم استحسانًا خاصة أداءه المميز، الذي اعتبره النقاد أعلى ما وصل إليه في مهنته، وأسهمت موهبته الموسيقية في رفع مستوى الفيلم، خاصة عندما غنى بصوته بعض الأغنيات، وترشح عن دوره هذا لجائزة غولدن غلوب لأول مرة.
تميز أوسكار إيزاك بالاجتهاد الشديد في عمليات البحث قبل اشتراكه في أي عمل، إذ يعمل على إيجاد شخصية حقيقية قريبة من دوره، يأخذ منها تفاصيل صغيرة تثري عمله، فعلى سبيل المثال في فيلم الخيال العلمي “إي إكس ماشينا” (Ex Machina) قدّم دور العالم ناثان هاملت بيتمان، مخترع منعزل، له نظريات مجنونة يحاول تطبيقها مجبرًا من حوله على أن يكونوا جزءًا من لعبته.
اقتبس إيزاك مظهر شخصية المخترع ولكنته من المخرج الأميركي ستانلي كوبريك، إذ درس أنماط حديثه، ثم شكل الشخصية على غرار بطل الشطرنج بوبي فيشر، ليحقق الفيلم نجاحًا نقديًا وتجاريا كبيرًا، وأشاد بأدائه الناقد الشهير روجر إيبرت، خاصة مصداقيته الخاصة في تقديم دوره.
كان الأمر أسهل وأصعب في الوقت ذاته في عمله التالي عام 2015 وهو المسلسل التلفزيوني القصير من 6 حلقات “أرني بطلا” (Show Me a Hero)، الذي لعب فيه دور نيك واسيكسكو عمدة نيويورك السابق، والذي استعان فيه باللقطات الإخبارية التي ظهر فيها واسيكسكو، واستحق عن هذا الأداء جائزة غولدن غلوب.
الفتى المدلل الجديد
في العام ذاته انضم إلى شركة ديزني، ليلعب دور بو ديمرون في فيلم العودة لعالم “حرب النجوم” الجزء الأول من الثلاثية الجديدة “استيقاظ القوة” (The Force Awakens)، كان اشتراكه في هذا الفيلم حلمًا له، وقد أحب السلسلة مثل الملايين منذ الطفولة، وأسهم بسبب مشاهداته السابقة في رسم تفاصيل لشخصيته، أصبح الفيلم أكثر الأفلام التي شارك فيها نجاحًا بتحقيقه ملياري دولار في جميع أنحاء العالم، محطمًا كل التوقعات العالية في شباك التذاكر، والأعلى إيرادًا لعام 2015، وشارك بعدها في الجزءين الثاني والثالث من هذه الثلاثية.
لكن هذه النجاحات السينمائية لم تجعله يبتعد عن الأدوار الأصغر والأقل شهرة وعائدا تجاريا، مثل اشتراكه في مسرحية هاملت عام 2017 من إخراج سام جولد، واشتراكه في فيلم “سوبوربيكون” (Suburbicon) تأليف الأخوين كوين وإخراج جورج كلوني، وفيلم الخيال العلمي “إبادة” (Annihilation) إخراج أليكس جارلاند، والذي لعب فيع دورًا صغيرًا أمام ناتالي بورتمان.
واستمرت نجاحات أوسكار إيزاك في السنوات الخمس الأخيرة بين الأعمال الصغيرة والفنية، وأخرى كبيرة الإنتاج والإيرادات، مثل “كثيب” (Dune) في 2021، وهو فيلم الخيال العلمي الذي فاز بست جوائز أوسكار هذا العام.
ولا يزال أمامه الكثير من الأعمال القادمة، إذ من المقرر أن يلعب دور البطولة في فيلم “لندن” (London) إخراج الممثل بن ستيلر، بالإضافة إلى مشروع من دون عنوان مع كريستوفر والكن وسام روكويل، من تأليف وإخراج مارتن ماكدونا.