لندن- بعد عام من دخوله التاريخ كأول رئيس وزراء مسلم في تاريخ أوروبا والغرب عموما، أعلن رئيس وزراء أسكتلندا حمزة يوسف استقالته من منصبه بعد أسابيع عصيبة قضاها في محاولة تجنب إسقاطه بتصويت سحب الثقة.
جاء ذلك بعد أن انفرط عقد التحالف الذي كان يعقده الحزب الوطني الأسكتلندي “إس إن بي” (SNP) مع حزب الخضر الذي أعلن انسحابه من هذا التحالف لتصبح حكومة يوسف أقلية.
وحاول يوسف أن يستمر على رأس حكومته رغم فقدانه الأغلبية، إلا أن الدعوة لتصويت سحب الثقة والذي كان مقررا هذا الأسبوع جعله يتراجع عن قراره ويعلن استقالته من الحكومة وزعامة الحزب الوطني، فما الذي يجعله يخرج من الباب الصغير بعد أن كان قصة نجاح أبهرت الناس بالمملكة المتحدة وخارجها؟
ورث يوسف عن رئيسة الوزراء السابقة نيكولا ستورجن تحالف الحزب الوطني مع حزب الخضر، بعد أن عجز الحزب الذي يقود الحكومة في تأمين أغلبية بالبرلمان سنة 2021، وكان هذا التحالف مبنيا على التزامات من أهمها التزام الحكومة بخفض الغازات الملوثة بنسبة 75% بحلول سنة 2030 لتعود لمستوى سنة 1990.
وقد تم إقرار هذا الالتزام رسميا من طرف الحكومة، قبل أن تعلن لجنة التغيرات المناخية، وهي هيئة رقابية مستقلة بالمملكة المتحدة، أن أسكتلندا لا يمكنها تحقيق هذا الهدف بحلول سنة 2030 وهو ما أعلنت الحكومة أنها تتفق معه وتعلن سحب هذا الالتزام، الأمر الذي أغضب “الخضر” الذي قرر الانسحاب من التحالف.
وكان يوسف في حاجة إلى صوت واحد إضافي بالبرلمان ليحافظ على منصبه، وكانت الأعين مسلطة على البرلمانية “آش ريغان” التي كانت عضوة سابقة بالحزب الوطني قبل أن تنتقل إلى حزب “ألبا” (ALBA) المعروف بأنه يضع الانفصال عن المملكة المتحدة على رأس أولوياته، لكن يوسف رفض عرض هذا الحزب.
لماذا يرفض يوسف عرضا من “ألبا” القريب أيديولوجيا من حزبه والذي كان سينقذ منصبه وحكومته؟ كان السؤال الذي طرحته الجزيرة نت على مصدر مقرب من يوسف، وكان الجواب أن الأمر الأول مرتبط بيوسف شخصيا حيث لا يريد أن يدخل في “متاهة” جديدة حيث يخشى أن يصبح تحت ضغط “ألبا” لوضع موضوع الانفصال أولوية قبل أي شيء آخر.
ومن جهة ثانية، رفض عدد من نواب الحزب الوطني التحالف مع “ألبا” بسبب الموقف من زعيم الحزب “أليكس سالمون” والذي كان سابقا زعيما للحزب الوطني وكان متهما بعدد من القضايا الجنسية وتمت تبرئته من جميع القضايا باستثناء واحدة مازالت أمام القضاء.
ويضيف المصدر نفسه أن يوسف يعلم أنه قد لا يعود لمنصبه في زعامة الحزب من جديد، وأن الأمر متروك لنواب الحزب لاختيار الزعيم الجديد أو التشبث بيوسف كزعيم، في ظرف سياسي صعب موسوم بتراجع شعبية الحزب بعد أن حكم البلاد 17 عاما.
وسيكون أمام الحزب الأسكتلندي 28 يوما من أجل اختيار زعيم جديد، وفي حال عجز عن ذلك ستتم الدعوة لانتخابات عامة بالبلاد.
تُرجع السياسية والقيادية بحزب “ألبا” إيفون ريدلي سبب استقالة يوسف، ورفض عرض حزبها إقامة تحالف جديد كان سينقذ الحكومة، للضغوط التي تعرض لها يوسف من نواب حزبه “الذين يرون أن موضوع الاستقلال عن المملكة المتحدة ليس أولوية لهم ويخشون أن التحالف معنا سوف يحرجهم أمام الرأي العام”.
وعبرت السياسية والصحفية -في حديثها مع الجزيرة نت- عن أسفها لاستقالة يوسف “لأن وصوله لمنصب رئيس الوزراء أعطى نموذجا ملهما للمسلمين بالمملكة المتحدة وقصص نجاحهم” مضيفة “لقد قدمنا له طوق نجاة ولكنه رفض، وهذا مؤسف لأنه كان سينقذ حكومته ويعزز موقفه في العمل على استقلال أسكتلندا”.
وأكدت ريدلي أن “من قدم الاستشارة ليوسف برفض عرض حزب ألبا لم يكن صادقا معه لأن أغلبهم لن يتم التصويت عليهم بالانتخابات المقبلة، وهناك آخرون يفضلون البقاء تحت سلطة لندن”.
أما عن سبب رد يوسف للعرض بأنه موقف من زعيم حزب ألبا فقد استغربت نفس المتحدثة من الأمر “لأن العلاقة بين يوسف وأليكس قديمة جدا وإيجابية وكان الأخير أول من منح الأول منصبا بالحكومة” لتتوقع أنه “سيندم على قرار رفض العرض”.