أول من قاطع محاكم الاحتلال.. بشير الخيري ثمانيني فلسطيني يتعرض للابتزاز الإسرائيلي
تجاوزه سن الثمانين، لم يشفع للفلسطيني بشير الخيري لدى السلطات الإسرائيلية المحتلة، فهو لم يعتقل بطريقة خشنة فحسب، وإنما جرى تحويله للاعتقال دون تهمة أو سقف زمني
اعتقل الخيري في مدينة رام الله يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصدر بحقه أمر اعتقال إداري لمدة 6 شهور، ثم أمر آخر بـ6 شهور جديدة بعد انتهاء الأولى، ويعد أكبر المعتقلين الإداريين سنا.
ويعرف عن الرجل -وفق عائلته والمقربين منه- صلابته وحضوره الدائم في الفعاليات الشعبية والاجتماعية والسياسية، والتي كانت جميعها أشبه بلائحة اتهام له.
ولد الخيري في مدينة الرملة عام 1943، وعاصر النكبة الفلسطينية عام 1948، وهو من سكان منطقة عين منجد في رام الله حاليا.
مقاطعة المحاكم منذ وجودها
كان الخيري أول من اتخذ قرارا بمقاطعة المحاكم العسكرية الإسرائيلية منذ احتلال الضفة وإنشائها المحاكم عام 1967، إذ كان محاميا وقتئذ، واستمر على نهجه في اعتقالاته لاحقا وحتى اليوم.
تعرّض المسن الفلسطيني -وهو قيادي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- للاعتقال 5 مرات، أمضى خلالها نحو 17 عاما في السجن، كانت أولاها في 1968، العام التالي لاحتلال الضفة، وحكم عليه بالسجن 15 عاما، وأفرج عنه ضمن صفقة تبادل عام 1984.
واعتقل الخيري للمرة الثانية في انتفاضة الحجارة عام 1988، وأُبعد خلال الاعتقال إلى لبنان، قبل أن يعود إلى رام الله عام 1993.
وخلال انتفاضة الأقصى، اعتقل للمرة الثالثة عام 2003، وأمضى في الاعتقال الإداري عامين، ثم اعتقل للمرة الرابعة عام 2011.
تقييد في الشيخوخة
وفي اعتقاله الخامس الحالي، تقول مؤسسة الضمير لرعاية السجين وحقوق الإنسان إن الخيري اعتقل مقيد اليدين والقدمين ومعصوب العينين، ونقل في سيارة “جيب” عسكرية إلى معسكر شرقي مدينة رام الله، ثم سجن عوفر غربي المدينة.
وتقول “الضمير” إن التحقيق مع الخيري كان بشأن مشاركته في نشاطات ومناسبات عامة، وعند تحويله إلى المحكمة قررت مرتين الإفراج عنه، ورغم ذلك حُول للاعتقال الإداري.
ووفق المؤسسة، فإن سلطات الاحتلال تستخدم الاعتقال الإداري بحق بشير الخيري “كإجراء عقابي، وتستخدمه ورقة ضغط للاعتراف بلائحة الاتهام”.
هكذا يمضي الثمانيني وقته
تمكّنت عائلة الخيري من زيارته في اعتقاله الأخير، وتقول ابنته حنين إنه يتمتع بمعنويات عالية.
وبشأن ما إذا كانت العائلة تتوقع اعتقاله في هذا العمر، قالت في حديثها للجزيرة نت: “لا شيء غير متوقع بالنسبة للشعب الفلسطيني، لا نتفاجأ بأي شيء”.
وذكرت أن والدها يمضي وقته بين القراءة والكتابة والجلسات العلمية والتنظيمية والرياضة.
وأشارت إلى أن قرار مقاطعته للمحاكم الإسرائيلية “موقف ثابت، لقناعته بغياب العدالة فيها”.
الانسجام مع النفس
وفي رسالة نقلتها مؤسسة الضمير بشأن تحويله للاعتقال الإداري الأخير، كتب الخيري: “حتى أنسجم مع نفسي، وكمحام ورجل قانون، أرى أن هذا الإجراء بتحويلي للاعتقال الإداري، بغض النظر عن مدته، إجراء يتنافى وأبسط حقوق الإنسان”.
وتابع: “أرى نفسي وصوناً لكرامتي الوطنية وقناعاتي، رافضاً ومقاطعاً المثول أمام محكمة الإداري، كما أرفض أي حكم صادر عنها”.
لا قيمة للعُمر
الصحفي عمر نزّال، أحد المقربين من الأسير الخيري ورفيقه في السجن سابقا، يقول إن الاحتلال لا يعير اهتماما لموضوع السن عند اعتقال الفلسطينيين.
ويذكر أنه إضافة إلى الخيري، سبق أن جرى اعتقال مسنين آخرين، وهناك أسرى آخرون أصبحوا مسنين داخل السجون، بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (83 عاما) المحكوم عليه بالسجن 17 عاما.
ويشير نزال إلى أن الخيري هو أكبر المعتقلين الإداريين سنا حاليا، وجرى اعتقاله “بسبب تاريخه وسجلّه النضالي في اعتقالاته السابقة، واستمرار تمسكه بمواقفه ومشاركته في معظم الفعاليات، سواء كانت ضد الاحتلال أو فعاليات سياسية أو اجتماعية”.
لا شرعية لمحاكم الاحتلال
يشير نزال إلى أن الأسير بشير الخيري يريد من خلال مقاطعة المحاكم الإسرائيلية “التأكيد على عدم شرعية هذه المحاكم، سواء العادية أو محاكم الاعتقال الإداري”.
وأشار إلى التفاف الأسرى حول الخيري في اعتقاله الأخير، وإعلان المئات منهم مقاطعة المحاكم الإسرائيلية”.
ويرى نزال في اعتقال الخيري “جزءا من الحملة الشاملة ضد فصائل المقاومة والشخصيات المتمسكة بهذا النهج، والشخصيات التي لم تهتز عبر التاريخ”.
وتعتقل إسرائيل إداريا نحو 640 فلسطينيا، من بين نحو 4700 أسير في سجونها حتى أواخر مايو/أيار، ووفق بيان مشترك لمؤسسات مختصة بشؤون الأسرى، بينها نادي الأسير غير الحكومي.
وتعود أوامر الاعتقال الإداري إلى أنظمة الدفاع لحالة الطوارئ التي أقرّها الانتداب البريطاني عام 1945، وبدأت إسرائيل تطبيقها بالضفة الغربية وقطاع غزة مع احتلالهما عام 1967.