قبل أشهر، فوجئ الوسط الأدبي العالمي بالرواية الجديدة “أورورا” (Aurora) التي كتبها ديفيد كويب، وهو مؤلف أول نسختين من أفلام “الحديقة الجوراسية” (Jurassic Park) و”مهمة مستحيلة” (Mission Impossible) و”ملائكة وشياطين” (Angels and Demons)، التي تسببت -بالتعاون مع المخرج ستيفن سبيلبرغ- في حدوث ثورة كاملة في عالم أفلام الخيال العلمي.
هذه المرة، يحكي قصة ديستوبية (عن عالم خيالي فاسد) أخرى يفقد فيها العالم الكهرباء للأبد بعاصفة شمسية، ويحاول سكانه النجاة من الظلام.
أعادت الرواية -التي ستتحول قريبا إلى فيلم- إلى الأذهان ما قدمه الرجل وفريقه من أعمال ظلت الأجيال اللاحقة تتعلم منها كيفية استخدام المؤثرات البصرية بالتوازي مع ما قدمه المخرج الرائد جورج لوكاس في أفلام “حرب النجوم” بأجزائها المتعددة، الذي يقول صراحة إن “الأفلام هي المؤثرات البصرية فقط، وهي ما يجعل الناس تذهب إلى السينما أساسا”.
هذه الأفلام صنعت واقعا مغايرا للسينما يعتمد في جزء كبير منه على المؤثرات البصرية كعالم خيالي يزيد من سحر الشاشة الكبيرة وجاذبيتها.
واعتمدت منصة “ديزني بلس” على حكايات هؤلاء الرواد في تقديم المسلسل الوثائقي المكوّن من 6 حلقات طويلة بعنوان “النور والسحر” (Light & Magic) عن تاريخ شركة “إنداستريال لايت آند ماجيك”.
استحالة
ويروي الفنان الأميركي المتخصص في المؤثرات البصرية دينيس مورين أنه عندما كُلف للمرة الأولى بتحويل سيناريو فيلم “حرب النجوم” إلى واقع، قال “تصورت أن الأمر مستحيل”، إذ لم تكن التكنولوجيا اللازمة لتجسيد تلك التصورات موجودة بعد.
وجاءت المفاجأة حين أحرز قسم المؤثرات البصرية الخاصة والرسوم المتحركة والإنتاج الافتراضي -التابع لشركة “لوكاس فيلم”- تقدما كبيرا في الصناعة من خلال التطورات التقنية المبتكرة التي جعلت مورين يحصل على 9 جوائز أوسكار.
ويعرض المسلسل الوثائقي مقابلات مع أبرز صانعي الأفلام، مثل جورج لوكاس وستيفن سبيلبرغ وجيمس كاميرون، إضافة إلى مشاهد من كواليس أجزاء “حرب النجوم” (Star Wars) في فترة مبكرة من صناعة العمل.
وصنعت “إنداستريال لايت آند ماجيك” الكثير من الأفلام المفضلة للجميع، مثل” غزاة الفلك المفقود” (Raiders of the Lost Ark)، والأجزاء الأخرى من “حرب النجوم” وفيلم “الحديقة الجوراسية”.
ونشاهد في الكواليس لمحات قصيرة من أفلام مخيفة كثيرة، بما فيها الديناصورات من “الحديقة الجوراسية” و”كينغ كونغ” وغرق “تيتانيك” وغيرها من الأمور التي كانت وراء السحر الكبير الذي غيّر صناعة السينما.
المقابلات التي اعتمد المسلسل على نجاحها قد تعود إلى 20 عاما أو أكثر، وسجلت خلالها كاميرا الكواليس مع أكبر المخرجين في الماضي لقطات كلاسيكية لأيام الروابط المبكرة بين لوكاس وسبيلبرغ، والقصص المذهلة حول كيفية ظهور بعض التأثيرات الأكثر شهرة في الأفلام التي تشكل كلها جزءا من هذا الكنز من تاريخ السينما.
ضوء وسحر
ويغطي النصف الأول من المسلسل بداية شركة المؤثرات الخاصة بالمخرج جورج لوكاس “إنداستريال لايت آند ماجيك”، وكيف صنعت الشركة أفلام “حرب النجوم”، ويستكشف النصف الثاني إسهامات الشركة في مزيد من الأفلام الرائجة وانطلاق شركة “سي جي آي”.
وهناك الكثير من الحكايات لأشخاص يعملون بجد بشكل لا يصدّق ويؤمنون بالعمل الجماعي ولا يخشون الخوض في تجارب جديدة.
منذ تأسيسها عام 1975، كانت الشركة رائدة في صناعة الأفلام وظلت طوال عقود محط انبهار الأجيال الجديدة.
من هنا، فإن المسلسل يجيب من اللحظة الأولى على تساؤلات سينمائيين عالميين بخصوص ريادة الشركة لأغلب ما أنتج على صعيد الخيال العلمي، الذي كان ثمرة تراكم سنوات طويلة من الجهود والمثابرة في مجال لم يطأه أحد قبلها.
وكان جورج لوكاس مغامرا في ميدانه، إذ راهن بماله الخاص لصناعة هذه النوعية من الأفلام. وكان يملك مفهوما مبكرا حول “أوبرا الفضاء البرية” التي تصبح لاحقا سلسلة “حرب النجوم” (1979). عرف الرجل -آنذاك- أنه لم تكن هناك شركة تأثيرات بصرية واحدة قادرة على تقديم لقطات متخيَّلة في ذهنه، فشرع في البحث عن مجموعة من أصحاب الرؤى الشباب الذين لديهم شغف بالتصوير ورغبة في حل المشكلة لأنه كان يعلم أن أفكاره لم يسبقه إليها أحد.
النقطة الأكثر تميّزا التي يمكن استكشافها من مشاهدة السلسلة الوثائقية هي مدى الشغف والسعي الذي جعل جميع المشاركين يتحايلون على كل شيء لابتكار تكنولوجيا لم تكن موجودة في ذلك الزمن سوى في خيالهم. وتغوص الحلقات في زوايا وشقوق هذه الصناعة التي ابتكرها أعضاء مؤسّسون سيستمرون في قيادة الشركة عقودا لاحقة.
مسلسل “الضوء والسحر” يقدم نظرة غريبة إلى ماضٍ شهد إنشاء شركة المؤثرات البصرية الأكثر تأثيرا عالميا، والتي صنعت سحر السينما الذي يعشقه الجميع.