إيران وأميركا في كأس العالم 2022.. ماذا تغير بعد 24 عاما من “أم المباريات” في فرنسا؟
يحملان أمتعة عقود من التوتر السياسي، مما يجعل المجموعة الثانية في كأس العالم قطر 2022 توصف بأنها المجموعة المشحونة سياسيا، فمواجهة إيران وأميركا ضمن هذه المجموعة، التي تضم أيضا إنجلترا وويلز، تدخل فيها العديد من الحسابات غير الكروية.
فالمواجهة تأتي بعد مرور 24 عاما على آخر لقاء جمع الفريقين في مونديال فرنسا 1998، والتي أطلق عليها حينها رئيس اتحاد كرة القدم الأميركي آنذاك آلان روتنبرغ لقب “أم المباريات”، لأنها جاءت أيضا في ظل توتر كبير في العلاقات بين البلدين.
اليوم ستتكرر “أم المباريات” ولكن على أرض ملعب الثمامة في العاصمة القطرية الدوحة في الجولة الثالثة لمباريات المجموعة الثانية، في واقع فرضته القرعة قبل انطلاق كأس العالم وربما لم يكن يتمناه الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”.
فكان حضور إيران وأميركا في المجموعة ذاتها أمر من الصعب فصله عن السياسة والنظر فيه رياضيا فحسب، رغم شعار فيفا الذي يقول إن في كرة القدم لا مكان للسياسة.
مسار لا رجعة فيه
وذلك لأن الأمور قبل 24 عاما كانت قد اتخذت مسارا لا رجعة فيه بشأن علاقة البلدين واستحالة التصالح بينهما بعد أزمة رهائن السفارة الأميركية في طهران عام 1979، أي تزامنا مع الثورة في إيران.
وفي الرابع من نوفمبر/تشرين الثاني 1979 اقتحمت مجموعة من الطلاب الإيرانيين سفارة أميركا في طهران واحتجزوا 52 أميركيا من قاطني السفارة رهائن، دعما للثورة في البلاد.
ورغم التخوف الذي كان يساور المترقبين، احتضن ملعب جيرلان في ليون الفرنسية الخصمين رياضيا وسياسيا في أول مباراة لكرة القدم على الإطلاق بين البلدين.
وحملت المباراة معاني للإيرانيين أكثر من كونها لعبة رياضية، حيث قال اللاعب الإيراني وأحد أعضاء المنتخب آنذاك خُداداد عزيزي قبل انطلاقها “لأجل شهدائنا وشعبنا، لن نخسر هذه المباراة”.
ولقد تم إبطال أي مشاكل محتملة بين اللاعبين بسرعة من قبل الاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي حدد يوم 21 يونيو/حزيران لـ “اللعب النظيف”، فاجتمع أعضاء الفريقين لالتقاط صورة جماعية وتبادلوا باقات الورد الأبيض رمزا للسلام.
فوز إيران
وانتهت المباراة بفوز منتخب إيران على أميركا بهدفين مقابل هدف واحد، وسجل هدفي إيران حميد رضا أستيلي ومهدي مهدوي كيا وهدف أميركا برايان مك برايد.
وهذا الفوز كان يعني توديع أميركا للبطولة، لكنه لم يكتب لإيران التأهل بعد أن خسرت المباراة الثالثة أمام يوغوسلافيا التي كانت ضمن المجموعة إلى جانب إيران وأميركا وألمانيا.
لكن على أرض الواقع، كان هذا الفوز بمثابة التتويج بكأس العالم بالنسبة لإيران، فهو الفوز الأول لهم تاريخيا في كأس العالم، فضلا عن أن المنافس كان “أميركا”.
وعلى عكس التوقعات، لقد كانت المباراة “سلمية”، وبعد انتهائها، قال المدافع الأميركي جيف أغوس “لقد فعلنا في 90 دقيقة أكثر مما فعله السياسيون في 20 عاما”.
واليوم في مونديال قطر، يتكرر التاريخ بظروف مشابهة، وترتقب الجماهير المواجهة الثانية للخصمين. والظروف المحيطة لا تختلف اتجاهاتها عما كانت عليه قبل 24 عاما.
وما يزيد الأمر توترا أنها مواجهة حاسمة لتأهل أحد المنتخبين إلى الدور الثاني فإيران تدخل المباراة وفي جعبتها ثلاث نقاط بعد الفوز على ويلز والخسارة من إنجلترا، فيما تدخل أميركا اللقاء وهي تمتلك نقتطين من التعادل مع ويلز وإنجلترا، وفوز أي المنتخبين يعني تأهله مباشرة إلى الدور الثاني.
الاستمتاع بكرة القدم فحسب
وفي هذا الإطار، يستبعد المحلل الرياضي الإيراني مهدي هُجبري في تصريح للجزيرة نت أن تكون أجواء مباريات إيران مع أميركا وقبلها مواجهة إنجلترا سياسية، مشيرا إلى أن من يحضر كأس العالم اليوم يريد الاستمتاع بكرة القدم فحسب.
ومن جهة أخرى، فإن حضور إيران في كأس العالم هذه المرة يصطحبه تحقيق للأحلام، كما تقول المشجعة الإيرانية رها.
وتؤكد رها أنها كانت تحلم بأن تشجع منتخب بلادها في كأس العالم وهي تجلس على مدرجات الملعب، مستذكرة أنها ممنوعة في بلدها من دخول ملعب كرة القدم للتشجيع بسبب القانون الذي يمنع دخول السيدات لملاعب كرة القدم.
وتعبر في تصريح للجزيرة نت، عن سعادتها لأنها ستشجع منتخب بلادها في أهم حدث رياضي في العالم بحضورها في الملعب، لأن البلد المستضيف بلد جار وصديق وهذا ما يسهل السفر.
ويقول لي آرمان الذي يشارك في الاحتجاجات في بلاده إنه لم يؤيد الحملة التي طالبت بإقصاء المنتخب الإيراني من البطولة لعداءات سياسية، مؤكدا أن الشعب الإيراني يقف صفا واحدا لدعم منتخبه رغم الخلافات السياسية التي يشهدها الشارع هذه الأيام.
ويعد المنتخب الإيراني، ثاني أفضل منتخب آسيوي ترتيبا في التصنيف العالمي للمنتخبات FIFA. وقد حضر في كأس العالم 6 مرات سنوات 1978 و1998 و2006 و2014 و2018 وأخيرا في قطر 2022.