قال باحث صيني إن دراسة أجريت في وقت مبكر من عام 2013 أظهرت أن اقتصاد الصين لن يستمر في النمو بسرعة عالية، بل سيتراجع على مراحل.

وحذر تشان كونغ مؤسس وكبير الباحثين في مركز “آنباوند” (Anbound Think Tank)، من أن الصين على وشك الدخول في حقبة محفوفة بالمخاطر من التضخم المرتفع.

 

وأضاف أن متوسط مستوى النمو الاقتصادي في الصين كل 10 سنوات -الذي يعتبره الباحث سيناريو مثاليا- سينخفض بمقدار نقطة مئوية واحدة، وسيصل ذلك النمو بعد 3 عقود إلى 5%، مما سيشكل بالتالي مجتمعا موجها نحو الاستهلاك.

والنتيجة النهائية -بحسب كونغ- نزوع نحو النمو بشكل هرمي، وهو ما يُطلق عليه “نموذج الهرم”.

إن تعريف معدل النمو الاقتصادي -كما يفسره الباحث الصيني في مقاله بصحيفة “مودرن دبلوماسي” (Modern Diplomacy) الأميركية- يعد جزءا من البحوث التأسيسية، مضيفا أن البحث الذي أجراه مركز آنباوند أشار إلى أن نمو الصين سينخفض تدريجيا ليصل إلى 5% نزولا من أكثر من 7% معدله في عام 2013.

ويعتبر هذا التحليل طويل الأجل بمثابة دليل على تغير النموذج الاقتصادي الصيني في ذلك الوقت الذي طغت عليه فكرة النمو من خلال الاستثمار، واقترح التحليل عوضا عن ذلك نوعا من نموذج “النمو السلبي” للاقتصاد، كما يقول تشان كونغ في مقاله.

وتتناقض هذه النتيجة بطبيعة الحال تناقضا صارخا مع النظرة المتفائلة للنمو الاقتصادي الصيني في ذلك الوقت، فقد كان الرأي الأساسي الذي تبناه عدد من الاقتصاديين المشهورين هو أن الاقتصاد الصيني يمكن أن يستمر في النمو بسرعة عالية “لعقود”، غير أن المشكلة تكمن في أن “النمو السلبي” للاقتصاد الصيني قد بدأ بالتراجع، على حد تعبير المقال.

ثمة العديد من الأسباب المحتملة التي تقود إلى ذلك الاستنتاج، ذلك لأن الاقتصاد الصيني دخل بحلول عام 2022 مباشرة تقريبا في مرحلة تحديد معدل النمو إلى 5%.

ويرى الباحث الصيني أن منحنى نمو اقتصادي من ذلك القبيل حاد جدا، وأشد انحدارا مما كان متوقعا أصلا في عام 2013.

وقد استغرق الأمر 7 سنوات فقط لإكمال مرحلة التدهور التي توقع الباحثون أنها ستستغرق 30 عاما، وهذا يعني -بنظر كونغ- أن الاقتصاد الصيني في حالة تدهور خطير وسريع، مما يدل بوضوح على أنه بالفعل في حالة “نمو سلبي” بشكل كبير.

 

ما أثر النمو السلبي على الصين؟

يتساءل الكاتب قبل أن يجيب بأن الصين ستدخل حقبة غير مستقرة من التضخم المرتفع، وهذا بدوره سيقلل إلى حد كبير من إمكانية التكيف الحميد ويسبب عواقب وخيمة ناجمة عن الانكماش الاقتصادي.

وبما أن النمو الاقتصادي يمثل ويعكس حجم السوق والدخل، “فإن الانخفاض السريع في النمو الاقتصادي يعني انكماشا نسبيا في السوق وانخفاض الدخل”.

ولعل مثل هذا السيناريو قد يكون مخيفا، برأي مؤسس مركز آنباوند المتخصص في أبحاث السياسة العامة التي تغطي الجغرافيا السياسية والعلاقات الدولية والتنمية الحضرية والاجتماعية والقضايا الصناعية والاقتصاد الكلي.

ويمضي الكاتب إلى القول إنه عندما يتم تحديد التكاليف تقريبا بحيث لا يمكن تقليصها وخفضها فإن هذا الانخفاض في الدخل وانكماش الأسواق سيؤديان إلى الضغط على صعيد العرض والإمداد بشكل كبير، وما تلبث هذه العوامل أن تتضافر لتتسبب في ضغوط تضخمية غير متوقعة.

وفي مواجهة مستويات تضخم أعلى، لن تتمكن شركات ومؤسسات تجارية كثيرة من الحفاظ على إنتاجياتها، وفي ظل عدم قدرة العديد من الأفراد والشركات على التعامل مع الوضع، فإن الدورة ستعيد تكرار نفسها مما سيؤدي إلى انخفاض مستوى النمو الاقتصادي، وفق دعوى مقال مودرن دبلوماسي.

وعندما يحدث ذلك -يتابع الكاتب- فإن الأسواق ستنكمش، والمداخيل ستنخفض، وسيصبح التضخم أكثر خطورة، وهكذا برزت حقبة خطيرة حقا إلى حيز الوجود.

وإزاء هذا الوضع -الذي يصفه كونغ بالخطير- لن يتسنى لأي وسيلة أو نهج تحقيق نتائج طالما أن المنطق الكامن وراء ذلك والبنية الاقتصادية للمجتمع ظلت تمر بتغييرات يتعذر السيطرة عليها.

ويخلص الباحث في خاتمة مقاله إلى التأكيد على أن العالم “سيرى الصين غريبة مختلفة في المستقبل”.

المصدر : مودرن دبلوماسي

About Post Author

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *