الملّيم والتعريفة والنصف فرنك أسماء لعملات معدنية تداولها المصريون طويلا (الجزيرة)

الملّيم والتعريفة والنصف فرنك أسماء لعملات معدنية تداولها المصريون طويلا (الجزيرة)

القاهرة – أثار إعلان الحكومة المصرية عزمها إصدار عملات معدنية جديدة من فئة “2 جنيه” شجونا وذكريات لدى المصريين، واستعادوا تاريخ عملتهم التي كانت تصنع من الذهب والفضة، لتتحول بمرور الوقت إلى “قطعة من الحديد”.

وبينما يقول المسؤولون إن العملة المعدنية الجديدة هدفها تسهيل حمل المواطنين للنقود المعدنية (الفكة كما يسميها المصريون)، يرى خبراء أن ارتفاع التضخم وانخفاض القوى الشرائية للجنيه وراء الإصدار الجديد، بجانب سعي الحكومة لتخفيض نفقات سك العملات المعدنية.

ا

وعبر عقود تراجعت قيمة الجنيه المصري وتغير معدنه وانخفض عدد فئاته الأصغر، فبينما كان الجنيه المصري الأول وبعض فئاته من الذهب، والفئات الأصغر من الفضة، أصبح الجنيه الحالي يصنع من الصلب المطلي.

في الفقرات التالية نستعرض رحلة النقود المعدنية المصرية خلال العصر الحديث من الذهب إلى الحديد.

عملات وذكريات

يحتفظ المصريون في ذاكرتهم بأسماء عدة للعملات المعدنية المتداولة بداية من “السحتوت” وهو الاسم الذي كان يطلق على العملات ذات القيمة الضئيلة للغاية وكان آخر العملات التي حملت هذا الاسم هي فئة عُشر القرش بتاريخ عام 1293 هجريا.

وتعددت أسماء العملات المصرية فمنها “الملّيم” (الجنيه يساوي ألف ملّيم)، و”البرونزة” وهي فئة نصف المليم، و”النكلة” وتساوي مليمين، و”التعريفة” وهي تساوي 5 مليمات أو نصف قرش، و”القرش” (الجنيه يساوي 100 قرش)، و”النصف فرنك” والذي كان يطلق على عملة فئة القرشين حيث كان الفرنك الفرنسي يساوي 4 قروش.

وكانت الفئات الأعلى هي “الشلن” وكان يساوي 5 قروش، و”البريزة” وهي تساوي 10 قروش وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى باريس، حيث سُكّت عملة فئة 10 قروش عام 1863، و”الريال” بمعنى الملكي وكان يساوي 20 قرشا.

 

تاريخ من ذهب

عام 1885 صدر قانون الإصلاح النقدي في مصر، وبموجبه أصبح الذهب أساس النظام النقدي لتكون للبلد عملة موحدة هي الجنيه الذهبي المصري، وكان وزنه 8.5 غرامات.

وفي عام 1899 صدر الجنيه الورقي المصري وتم تثبيت سعر صرفه مقابل الذهب بحيث كانت قيمة الجنيه الواحد تساوي 7.43 غرامات من الذهب، وظل قابلا للتغيير بالذهب عند الطلب حتى عام 1914 عندما تحولت مصر إلى سلطنة.

ومنذ بداية إصدار عملات السلطنة المصرية عام 1916 وحتى النصف الأول من خمسينيات القرن الماضي، كانت فئات العملات المعدنية المصرية الأقل من الجنيه تبلغ 9 فئات مختلفة تبدأ بالنصف مليم المصنوع من البرونز، وحتى الريال (20 قرشا) المصنوع من الفضة بوزن 28 غراما.

أي أنه خلال هذه الفترة كان يمكن تحويل الجنيه الواحد إلى ألفي قطعة معدنية من فئة النصف مليم أو ألف من فئة المليم أو 100 قرش.

بداية التراجع

وظهر تأثير تراجع قيمة العملة المصرية في الخمسينيات على العملات المعدنية المصري باختفاء فئة نصف مليم، وانخفاض وزن الفئات الأعلى، الشلن (5 قروش) والبريزة (10 قروش) والريال إلى نصف وزن مثيلاتها الملكية، وإن ظلت مصنوعة من الفضة ولكن من عيار أقل.

 

وفي عام 1967 ودّعت مصر العملات المتداولة المصنوعة من معدن الفضة، حيث سكّت الفئات الكبيرة (5 قروش و10 قروش) من الكوبر نيكل (سبيكة من النحاس 75% والنيكل 25%) وتوقف سك الريال، بينما سكت الفئات الأصغر من الألمنيوم.

وبحلول عام 1973 توقف إصدار فئة المليم، ولكن استمر التعامل به في السنوات اللاحقة، حتى إلغائه رسميا مع فئة 5 مليمات عام 1981 بعد تراجع القيمة الشرائية لأغلب العملات المصرية، لتصبح 10 مليمات هي أصغر فئة متداولة في مصر.

ومنذ بداية الثمانينات تم إصدار عملتين جديدتين بفئات (قرشان من النحاس و20 قرشا من الكوبر نيكل)، وفي عام 1984 أعيد سك فئة 20 قرشا بحجم أصغر، في حين تحول إصدار فئة 5 قروش إلى معدن النحاس.

وبعد قرابة عقد من الزمن، تقلص حجم العملات المصرية مجددا، وبدأت صناعة 10 قروش من النحاس عام 1992، وفي العام التالي ظهرت فئة 25 قرشا من الكوبر نيكل للمرة الأولى في التداول واشتهرت باسم الربع جنيه المثقوب، في حين صدر قرار رسمي بإلغاء فئة القرشين عام 1996.

العملات المعدنية المصرية كانت تسك من الذهب والفضة ثم أصبحت تسك من الحديد
العملات المعدنية المصرية كانت تسك من الذهب والفضة ثم أصبحت تسك من الحديد (الجزيرة)

الحديد بدلا من الذهب

ومع استمرار تراجع قيمة العملات المصرية وقوتها الشرائية، كان المصريون على موعد مع الإصدار الأول للجنيه المعدني عام 2005 وكان مصنوعا من قرصين: الخارجي من الكوبر نيكل والداخلي من النحاس، وظهرت معه فئة 50 قرشا (نصف جنيه) من النحاس.

وخلال عامين تحول الجنيه إلى قطعة من الحديد، وأصبح الجنيه عام 2007 من الصلب المطلي بدلا من النحاس والكوبر نيكل.

 

ويكشف خبير العملات مجدي حنفي في موسوعته عن العملات المصرية أن السلطات المصرية كانت تعتزم إصدار عملة معدنية جديدة من فئة 5 جنيهات عام 2007.

وأوضح حنفي أن تصميمات عدة للفئة الجديدة عرضت على وزير المالية واللجنة المختصة، واختير تصميم يحمل رأس الملكة نفرتيتي على الوجه وزخارف نباتية على الظهر، ولكن تم تأجيل إصدار العملة الجديدة لأسباب غير معلومة.

وفي عام 2008 كان موعد الإصدار الأخير لفئات (5 قروش و10 قروش) حيث صدرت بحجم صغير جدا من الصلب المطلي يناسب قيمتها المنعدمة تقريبا، لتختفي من التداول تدريجيا وتصبح فئة 25 قرشا هي الأصغر.

وبعد الإعلان أخيرا عن إصدار فئة 2 جنيه، يتوقع مراقبون أن تنتهي الفئات الأقل تدريجيا وتخرج من دائرة المعاملات المالية لتلقى مصير المليم والقرش.

من الضربخانة إلى رويال منت

ترافق الإعلان عن الفئة الجديدة مع أخبار عن إنشاء دار سك بريطانية مصرية بالمنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالتعاون بين مصلحة الخزانة العامة ودار سك العملة المصرية ودار السك الملكية البريطانية (رويال منت).

 

وللعملات المصرية المعدنية تاريخ طويل مع دور السك الأجنبية، فمنذ إغلاق الضربخانة المصرية عام 1883 في فترة حكم الخديوي توفيق أصبحت مصر تسك عملاتها في دول أجنبية عدة مثل ألمانيا وإنجلترا والمجر والهند وجنوب أفريقيا وبلجيكا.

وكانت الضربخانة (دار الضرب أو دار السك) المصرية في قلعة الجبل والتي قام محمد علي باشا بتجديدها عام 1812 هي المكان الرئيسي لسك العملات المصرية.

وفي نهاية عهد محمد سعيد باشا (تولى الحكم من 1854 إلى 1863)، ومع زيادة الديون على مصر أعطت فرنسا نفسها الحق في إصدار عملات مصرية، وأصبحت عملات هذه الفترة تسك في باريس إلى جانب العملات المسكوكة في الضربخانة.

ومع إغلاق الضربخانة اتجهت مصر إلى سك عملاتها في دول أجنبية أخرى وكانت البداية من برلين في ألمانيا، وبروكسيل في بلجيكا واستمرت لنحو 20 عاما، ثم انتقل سك العملات المصرية إلى دار هيتون منت في برمنغهام بإنجلترا.

وبعد قيام الحرب العالمية الأولى عام 1914 أعلن الاحتلال البريطاني “الحماية” على مصر وتحويل البلاد إلى سلطنة، وفي عام 1916 بدأ إصدار عملات مصرية تحمل اسم حاكم مصر السلطان حسين، وتنوعت أماكن سك هذه العملات بين دار هيتون منت ودار كينغ نورتون في إنجلترا، وبومباي في الهند.

وعام 1923 سُكّت أول عملات مصرية بعد التحول إلى الملكية باسم الملك فؤاد الأول في دار السك الملكية البريطانية “رويال منت”، بجانب دار هيتون منت، وتم سك كمية من العملات عام 1929 في بودابست بالمجر.

وعلى خطى والده استمر الملك فاروق في سك عملاته في إنجلترا والهند، وأضيف إليها إصدار وحيد تم سكه في بريتوريا بجنوب أفريقيا عام 1944.

 

وتشير بعض المصادر إلى أن هذه الفترة شهدت سك بعض العملات المصرية من فئة القرشين محليا.

دار سك مصرية

وفي عام 1950 قرر الملك فاروق إنشاء دار سك مصرية وخصص لها قطعة أرض كبيرة في حي العباسية بالقاهرة، ولكن إنشاء الدار لم ينته إلا في عام 1953 بعد الإطاحة بالملك، وخرج أول إنتاج لدار سك العملات المصرية عام 1954 وهي العملات الشهيرة باسم عملات أبو الهول.

وأصبحت العملات المصرية تسك محليا لقرابة نصف قرن، حتى عادت مصر إلى الاستعانة بدور السك الأجنبية عام 2007 حيث عهدت إلى دار السك الملكية البريطانية “رويال منت” بإنتاج جزء من العملات التي صدرت في الفترة بين 2007-2010 من فئات 5 و10 و25 و50 قرشا بجانب الجنيه المعدني.

ثم عاد سك العملات إلى مصلحة سك العملة المصرية مجددا منذ عام 2011 وحتى الآن.

المصدر : الجزيرة

About Post Author