إجمالي كمية البيانات الرقمية التي أنشئت ونسخت واستهلكت في العالم تقدر بنحو 2 زيتابايت عام 2010 (شترستوك)

إجمالي كمية البيانات الرقمية التي أنشئت ونسخت واستهلكت في العالم تقدر بنحو 2 زيتابايت عام 2010 (شترستوك)

تضاعف نمو البيانات 40 مرة تقريبا في السنوات الـ11 الماضية، ويتوقع أن تشهد السنوات الثلاث المقبلة إنتاج كمية من البيانات أكثر من تلك التي أنتجها العالم على مدار 30 عاما الماضية مجتمعة.

بلغ إجمالي كمية البيانات الرقمية التي أنشئت ونسخت واستهلكت في العالم نحو 2 زيتابايت (zettabytes) عام 2010، ثم ارتفعت الكمية إلى 64.2 زيتابايتا عام 2020، ويقدر أنها سجلت 79 زيتابايتا عام 2021، وأن تسجل 97 زيتابايتا هذا العام، لتصل إلى181 زيتابايتا عام 2025.

 

ولمن لا يعلم، الزيتابايت يساوي واحدا وعلى يمينه 21 صفرا من البايتات، وبشكل مبسط يساوي ما يعادل سعة أكثر من 200 مليار قرص “دي في دي” (DVD) قياسي أحادي الطبقة، مساحة تخزين الواحد منه تبلغ 4.7 غيغابايتات.

وإذا علمنا أن قطر قرص “الدي في دي” القياسي هو 12 سم، نصل إلى أن هذا العدد منها يمكنه أن يطوّق محيط الأرض (40.075 كيلومترا)، بما يقارب 600 مرة إذا اصطفت بجانب بعضها بعضا.

هذا ما تضمنه تقرير توقعات البيانات العالمية 2021-2025، الذي أصدرته شركة الأبحاث “آي دي سي” (IDC)، والذي أشار إلى أن معدل النمو السنوي المركّب للبيانات الذي يعرف اختصارا “سي إيه جي آر” (CAGR) يبلغ نحو 23%.

ما سبب هذا النمو الكبير في حجم البيانات؟

وفق الأرقام التي نشرها الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU)، تجاوز عدد اشتراكات الهاتف النقال 8.3 مليارات عام 2021 (أكثر من عدد سكان الأرض، لأن العديد من الأشخاص لديهم أكثر من اشتراك واحد، ولهذا يقدر عدد المستخدمين الفعليين بنحو 5.3 مليارات)، وتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في العام نفسه 5 مليارات.

 

أما عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية فبلغ نحو 4.7 مليارات، وفق ما نشره موقع “ستاتيستا” (statista). تولد هذه المليارات المتزايدة من المستخدمين لشبكات الإنترنت والهاتف الرقمية كميات هائلة من البيانات يوميا، وتولّد الشركات الخاصة والمؤسسات العامة والحكومية بيانات فلكية كل يوم نتيجة انتقالها المتسارع نحو العالم الرقمي.

وسوف يعزز ذلك سرعة انتشار إنترنت الأشياء (IoT) المتوقع بلوغ عدد أجهزته نحو 42 مليارا في عام 2025، والتزايد الكبير لعدد مشتركي الهاتف النقال عبر الجيل الخامس (5G) المتوقع بلوغه 2.75 مليار بحلول عام 2025 أيضا.

ستوفر الطبيعة اللامركزية للجيل الثالث للويب حرية وخصوصية وفرص ابتكار جديدة كليًا.
عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية بلغ نحو 4.7 مليارات (شترستوك)

هل تتسع وسائط التخزين المتوفرة حاليا لهذه الكمية الهائلة من البيانات المتزايدة؟

تظهر بيانات تقرير “آي دي سي” أن وسائط التخزين المتوفرة حاليا لا تتسع سوى لنحو 10% من كمية البيانات المنتجة عالميا، هذا على الرغم من أن النمو السنوي المركب لحجم تخزين هذه الوسائط يقدر بنحو 19.2%  خلال فترة التوقع (2021-2025)، بل ستنخفض نسبة ما تستطيع تخزينه إلى إجمالي البيانات المنتجة عالميا سنة بعد أخرى. ولهذا لا يخزن بشكل دائم سوى قسم من البيانات المنتجة، بل يطالب البعض بحذف كل البيانات التي لا يتم تحليلها والاستفادة منها.

البيانات المظلمة وتلوث البيئة

تشير البصمة الكربونية (carbon footprint) إلى إجمالي الغازات المنبعثة التي تسبب ظاهرة الاحتباس الحراري، وتقدر تلك البصمة في عالم الأعمال والبيانات المرتبطة بالأنشطة الرقمية بنحو 4% من إجمالي البصمة الكربونية لكل قطاعات المجتمع، وهي تقارب البصمة الكربونية لقطاع الطيران.

لكن قسما كبيرا من البيانات المرتبطة بالأنشطة الرقمية هي بيانات مظلمة (Dark Data)، أي بيانات تخزن رقميا، لكنها لا تستخدم حتى الآن في أي تحليل يؤدي إلى استخلاص نتائج مفيدة أو صنع قرارات.

فمثلا، تولد مؤسسة نموذجية واحدة يعمل فيها 100 موظف وترتبط أعمالها بالبيانات، كالمؤسسات المصرفية أو تجارة التجزئة، نحو 2983 غيغابايتا من البيانات المظلمة في اليوم، وعند الاحتفاظ بتلك البيانات مدة عام فسوف تولد بصمة كربونية مماثلة لما تولده 6 رحلات طيران من لندن إلى نيويورك.

 

لكن بعض رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين يرون ضرورة الحفاظ على هذه البيانات، فمع تطور الذكاء الاصطناعي قد تبرز استفادة من تحليلها في المستقبل، كما أن التوجه المتزايد نحو استخدام تقنية “بلوكتشين” (Blockchin) أو “سلسلة الكتل” سيسهم في زيادة كتلة البيانات، كونها لا تسمح بتعديل أي سجل أو حذفه، وتوجب إضافة سجل جديد مرتبط به مع تاريخ إدخاله عند كل تعديل ولو كان طفيفا منعا للتلاعب بالمعلومات.

غرام واحد من الحمض النووي يمكن أن يخزن كل المعارف التي يولدها البشر في عام واحد (مواقع التواصل الاجتماعي)

استخدام الحمض النووي الرقمي لتخزين البيانات.. هل سيكون الحل؟

يمكن لغرام واحد من الحمض النووي (DNA) أن يخزن كل المعارف التي يولدها البشر في عام واحد، ويحافظ على هذه البيانات سليمة لآلاف السنين، فقد تمكن العلماء من التعرف على التسلسل الجيني الكامل لحصان عاش قبل أكثر من 500 ألف عام بعد العثور على حفرية له.

يوجد الحمض النووي على شكل سلاسل يمكن قراءتها وكتابتها ونسخها بدقة وبسهولة. إحدى الميزات الأساسية للحمض النووي هي أنه مخزن كثيف للمعلومات إلى حد لا مثيل له من قبل أي وسيط تخزين آخر من صنع الإنسان، فيمكن ضغط 181 زيتابايتا من البيانات المتوقع أن ينتجها البشر بحلول عام 2025 في حجم مماثل لكرة تنس الطاولة باستخدام تقنية تخزين الحمض النووي. ويعتقد أن تخزين هذا القدر الكبير من المعلومات في الحمض النووي يمكن أن يكون على بعد عقد من الزمن فقط.

تتوقع شركة “غارتنر” للأبحاث أن تجري 30% من الشركات تجارب على استخدام الحمض النووي للتخزين بحلول عام 2024، بهدف تقليص المدة اللازمة لإنضاج هذا الحل الموائم لمعالجة النمو المتسارع للبيانات، ولتخفيض التكلفة واستخدام الطاقة، ومن ثم الحد من تلويث البيانات للبيئة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية

About Post Author