رسم الخبير الأميركي نورييل روبيني لوحة قاتمة لمستقبل الاقتصاد العالمي، ورأى أن الوضع الحالي يمكن أن يكون أسوأ مما كان عليه في أزمة العام 2008.
ورأى في حوار مع صحيفة “لوتان” (Le Temps) السويسرية أن مكونات الأزمة اليوم مرتفعة للغاية مع ارتفاع مستويات التضخم وخطر الركود وأزمة الديون، كما عبّر عن اعتقاده بأن هناك العديد من المخاطر التي تعرض مستقبل البشرية للخطر، مقدما رؤية لكيفية النجاة منها.
وتتمثل بعض هذه المخاطر، حسب روبيني، في:
واشتهر نورييل روبيني بتنبؤه بالأزمة المالية العالمية الكبرى 2008، ولقب روبيني بـ”الدكتور الكارثة” لتكهنه بحدوث العديد من الأزمات الاقتصادية.
قال روبيني إن حصة الدين الخاص والعام نسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي قد انفجرت، ففي عام 1970 كانت هذه الحصة أقل من 100%، لكنها في عام 2019 وصلت إلى 200% من الناتج المحلي الإجمالي، و350% في 2022.
وأضاف أننا في الغرب “لسنا سعداء بالتضخم”، لكن في البلدان الفقيرة المشكلة أكثر خطورة، حيث يمكن أن تسبب المجاعة، فهي تواجه صدمة في أسعار السلع الغذائية ولديها مستوى مرتفع بالفعل من الديون، ومع ذلك، لمكافحة التضخم يجب على البنوك المركزية رفع أسعار الفائدة إذا أرادت منع سعر عملتها من الانهيار، لأنه إذا حدث ذلك سيزيد من التكلفة الحقيقية للديون المتعاقد عليها بعملة أجنبية، ويمكن لهذه الآليات أن تضاعف الأثر السلبي على بعض هذه البلدان.
من جهتها، لفتت الصحيفة إلى أن إشارات التحذير واضحة بالفعل في بعض الأسواق، وخاصة في البلدان الناشئة، فقال إن صندوق النقد الدولي والبنك الدولي يقدران رسميا أن 60 إلى 80 دولة ناشئة أو نامية -حتى الدول الأكثر فقرا- ستواجه مشاكل خطيرة في خدمة الديون، سواء كانت معسرة أم لا، مبينا أن هذه الأزمة سيتعين إيجاد حلول لها، إذ وافق بعض الممولين العامين بالفعل على تجميد القروض.
وبشأن الفترة التي يمكن أن تنفجر فيها أزمة الديون وتحدث فوضى في الاقتصاد العالمي، قال روبيني إنه إذا كان هناك ركود معتدل وسريع، فسيتم تجنبه -ومن ثم تجنب الأزمة العالمية الكبرى- حيث يتباطأ الاقتصاد وينخفض التضخم ويتحكم “الاحتياطي الفدرالي الأميركي” والبنك المركزي الأوروبي في معدلات أسعار الفائدة في منتصف العام.
واستدرك رونيبي “إذا استمر التضخم، فإننا سنواجه سيناريوهيْن اثنين، إما أن نستمر في محاربته ونتسبب في انهيار اقتصادي ومالي، وإما نتخلى عن مواجهته ونجد أنفسنا أمام حالة من الركود التضخمي”.
يقول روبيني إنه يمكن أن يكون الوضع أسوأ مما كان عليه في ذلك الوقت، ففي عام 2008 كان لدينا ديون عقارية ومشكلة في النظام المصرفي، لكننا وجدنا أنفسنا في وضع الانكماش الذي يسهل مواجهته بسياسة نقدية ومالية تهدف إلى تحفيز الائتمان، أمّا اليوم فندخل في ركود من خلال رفع أسعار الفائدة.
ويضيف الخبير الأميركي: اليوم لدينا أسوأ مما في السبعينيات، مع صدمات العرض المستمرة، وأسوأ من أزمة 2008 لأن الدين أصبح أعلى.
يؤكد روبيني أنه بمجرد حدوث مسببات الأزمة فلا يمكنك تجنبها، بالمقابل يمكن محاولة الحد من تأثيرها ومن تداعياتها، مشيرا إلى أنه في عام 2008 كان الأوان قد فات، لأنه كان يجب على الهيئات المسؤولة التدخل في وقت مبكر.
ويرى أن مكونات الأزمة اليوم مرتفعة للغاية مع التضخم وخطر الركود وأزمة الديون والسياق الجيوسياسي المتوتر، فضلا عن الوضع الصعب للبنوك المركزية، التي إذا رفعت معدلات الفائدة بهدف خفض التضخم إلى 2%، فإنها تتسبب في انهيار مالي يؤدي إلى الركود، وإذا لم تقم بذلك سيواصل التضخم الارتفاع.
يقول الخبير الأميركي إن ذلك بالذات بيت القصيد، فالمشكلة هي أنه عندما يكون هناك نسبة دين مرتفعة مع معدلات فائدة مرتفعة أيضا، فمن الصعب جدا تحقيق النمو، لأننا نفقد القدرة على الاستثمار.