كشفت وسائل إعلام محلية أن رجلا يُدعى ريتشارد بروك في عقده السادس، عثر على قطعة ذهب تزن 64.8 غراما في تلال شروبشايرغربي إنجلترا. وكان بروك انطلق في رحلة مدتها 4 ساعات من مقر إقامته للمشاركة في عمليات استكشاف في شهر مايو/أيار الماضي، وبسبب أعطاب تعرضت لها معدّاته لجأ إلى استخدام جهاز قديم أقل كفاءة. ورغم ذلك، لازمه الحظ بالعثور على كتلة صلبة من الذهب الخالص.
وفي بيان أصدرته شركة المزادات مولوك جونز، أعرب بروك عن قلقه في البداية عند وصوله متأخرا، ظنًا منه أنه قد فاتته فرصة العثور على شيءٍ ما، بالإضافة إلى أنّ المعدات التي لديه كانت أقلّ جاهزية مقارنة بما يمتلكه زملاؤه الكشّافون، وهو ما دفعه للاعتقاد بأنّ الثروات الطبيعية أحيانا تقدم لك نفسها على طبق من ذهب بكل ما تحمله العبارة من معنى بغض النظر عن الأدوات المستخدمة.
وتشير تقييمات الخبراء إلى أنّ كتلة الذهب هذه يتراوح سعرها بين 38 ألفا و50 ألف دولار، وهذا كان سببا كافيا لتسليط الضوء عليها، فضلا عن أنها ستكون أثقل كتلة ذهب اكتُشفت في الأراضي الإنجليزية، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 54 غراما.
ويُعد اكتشاف قطعة الذهب هذه حدثا نادرا ولغزا، نظرا إلى موقع اكتشافها في مرتفعات مقاطعة شروبشاير البريطانية، وهي منطقة يُعتقد بأنّها كانت مغمورة تحت محيط ما في عصور ما قبل التاريخ.
وتفترض شركة المزاد عدّة سيناريوهات مختلفة لوجود هذه القطعة على الأراضي البريطانية، ومنها أنه يُرجّح وصولها من مكان آخر، مما يعني أنه ربّما كان هناك طريق يمر من المنطقة في ما سبق، وهذا يفتح المزيد من التساؤلات والبحث.
يحمل الذهب قيمةً لا يحملها غيره من المعادن، ويحظى بتقدير واهتمام تاريخي قديم يمتد لآلاف السنوات، وهو كان وما زال من بين أكثر المعادن الثمينة المرغوبة، وله دلالة رمزية على القوّة والجاه والرفعة والتمكين.
وكان القدماء من حضارة الآزتك يعتقدون أنّ الذهب هو “عُصارة الشمس”، وهو ما يحمل جزءا من الحقيقة، إذ إن الذهب من العناصر الثقيلة التي يعتمد في مراحل إنتاجه وتكوّنه على عدة مراحل، بداية من الاندماج النووي الشديد في أنوية النجوم حيث يكون الضغط والحرارة في مستويات عالية جدا، ثم اندماج ذرات العناصر الأخف مثل الهيدروجين والهيليوم، ومن ثم تتشكّل ذرات عناصر أثقل.
ويعزز انفجار المستعر الأعظم عمليات الاندماج النووي هذه، فيزداد الضغط والحرارة إلى مستويات فائقة، وتندمج ذرات العناصر الثقيلة مع بعضها لتتشكّل ذرات عناصر أثقل وأثقل. وبعد الانفجار الهائل تتطاير ذرات العناصر الثقيلة في أرجاء الكون.
ثم تحين مرحلة “التقاط النيترونات”، وهو تفاعل نووي يحدث فيه تصادم بين نواة وواحد أو أكثر من النيترونات، ثم يحدث بعد ذلك الالتحام ليشكّل أنوية أثقل، وتُعرف هذه العملية بتشكيل النظائر الأثقل للعناصر الموجودة.
وفي هذه المرحلة يتشكل الذهب كما يُعرف على هيئته الموجودة، ويعتقد الفلكيون أنّ ثمّة 50 مليار طن من الذهب موجود في الكون المرئي.
ووصل الذهب إلى سطح الأرض في مراحل تشكلها الأولى، وغالبا ما كان عبر نيزك ضخم ارتطم بالأرض ودفع الذهب للانتشار على سطحه. إلا أن سطح الأرض المنصهر حينذاك ابتلع معظم القطع الذهبية ودفعها إلى باطن الأرض. وتُعد الانفجارات البركانية واندفاع صهارة البركان إلى قشرة الأرض من باطنها أهم الطرق التي يستعين بها الإنسان للحصول على الذهب.
وأثارت عملية البحث عن المعادن الثمينة العديد من الهواة حول العالم، والعدد في ازدياد مستمر بسبب زيادة مبيعات أجهزة التنقيب والكشف مؤخرا. ويصل سعر بعض هذه الأجهزة المتطورة نحو 15 ألف دولار. كما لا ينحصر الأمر في القيمة المادية التي ترتبط بالذهب، وإنما بقيمته التاريخية والحضارية التي لازمت العصور القديمة.