أورد مقال في صحيفة وول ستريت جورنال (The Wall Street Journal) أن روسيا أحدثت “بغزوها” أوكرانيا العديد من التغييرات التي أضرت بمصالحها، وأنها ستفتقد النظام العالمي الذي انقلب عليه رئيسها فلاديمير بوتين.
ويشير كاتب المقال ألكساندر بونوف كبير الباحثين في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي إلى ما يقال إن بوتين فخور بتحدي النظام العالمي.
وأضاف أن روسيا ليست الدولة الوحيدة غير الراضية عن النظام العالمي بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، مستشهدا -على سيبل المثال- بأن أميركا -التي يُفترض أنها القوة المهيمنة في العالم- اُجبرت لأكثر من 60 عاما على تحمل عدو أيديولوجي فوق المياه الكوبية الأقرب إلى شواطئها.
ويقول بونوف إن بوتين في معركته لتغيير النظام العالمي لم يخش تدمير النظام الحالي، وراهن على احتمال أن تؤدي محاولات استبعاد بلاده من النظام العالمي إلى انهيار هذا النظام أو على الأقل أن تجبر التكاليف الاقتصادية الغرب على التكيف مع الاحتياجات الروسية.
وذكر المقال أن الروس يقولون عن العقوبات ونزوح العلامات التجارية الغربية مثل كوكا كولا (Coca-Cola) وماكدونالدز (McDonald’s) وبوينغ (Boeing) من بلادهم “ستعود زاحفة مرة أخرى”، معلقا بأن مصدر هذه الثقة بالنفس غير واضح.
وقال إن الشركات المذكورة أو الاقتصاد الغربي ككل لا تعتمد على السوق الروسية لتحقيق النجاح، إذ لم تلعب روسيا أي دور في المعجزات الاقتصادية التي أعقبت الحرب في اليابان أو إسبانيا أو كوريا الجنوبية أو ألمانيا الغربية، وبدون وجود في السوق الروسية أصبحت الدول الآسيوية الناهضة نمورا وتحولت أوروبا الغربية إلى قارة تسكنها الطبقة الوسطى، وحتى الصين حققت طفرة اقتصادية لكن ليس من خلال تزويد السوق الروسية بالسترات في التسعينيات، وهناك أمل في أن يكون البديل الروسي لماكدونالدز قادرا على إعادة إنتاج النكهات المألوفة للسلسلة الأميركية، لكن ليس هناك احتمال أن يصبح عالميا.
وأضاف بونوف أن العالم تغير من نواحٍ كثيرة نتيجة “للغزو” الروسي لأوكرانيا، لكنه لم يصبح أكثر ملاءمة لطموحات موسكو، إذ تستعد فنلندا والسويد للانضمام إلى حلف الناتو، وظل خط أنابيب نورد ستريم 2 -الذي كان من المقرر أن يبدأ نقل الغاز الروسي في أي دقيقة قبل الحرب- متوقفا، وبعد أن كان عدد الدول التي تلغي شروط الحصول على تأشيرة للمواطنين الروس يتزايد كل عام فإن ذلك قد توقف الآن.
ومضى الكاتب في تعداد الأضرار التي لحقت بروسيا، قائلا إن شركة الإعلام الروسية “آر تي” (RT) المملوكة للدولة -والتي حققت بعض النجاح في سوق المعلومات العالمي- تم حظرها الآن في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي.
وكانت ليتوانيا مركزا لعبور موثوق به لجميع البضائع التي تدخل المعزل الروسي في كالينينغراد، والآن تحاول تقييد العبور من خلال تفسير عقوبات الاتحاد الأوروبي بأكبر قدر ممكن من الدقة، وحتى الصين المتعاطفة أصبح لديها نفوذ أكبر لشراء النفط والغاز الروسي بكميات ضخمة وبتخفيضات كبيرة.
وختم بونوف بأن روسيا اكتشفت حاليا أنها لم تكن مجرد ضحية، بل جزء من النظام العالمي ومستفيدة منه.