لأكثر من عقد من الزمن، كان كل من مارك زوكربيرغ وشيريل ساندبيرغ يبدآن وينهيان كل أسبوع باجتماع، وكانت رمزية هذا الطقس واضحة وهي أن الرئيس التنفيذي لشركة ميتا (Meta) زوكربيرغ والرئيس التنفيذي لعمليات الشركة ساندبيرغ يعملان معا بإيقاع واحد.
لكن ساندبيرغ أحدثت تغييرًا غير معلن في صلب شركة التكنولوجيا العملاقة عندما أعلنت استقالتها من ميتا، وهذا يعني أنه لم يعد لدى زوكربيرغ شريك وثيق في إدارة الشركة.
وفي تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” (New York Times) الأميركية، قال الكاتبان شيرا فرانكل ومايك إزاك إن زوكربيرغ عيّن خافيير أوليفان، وهو مسؤول تنفيذي ضمن الشركة، ليخلف ساندبيرغ عند مغادرتها.
لكن أهمية دور مدير العمليات في شركة ميتا من المنتظر أن تتضاءل، ذلك أن زوكربيرغ عيّن بدلًا من ذلك 4 مديرين تنفيذيين بنفس القدر من المسؤوليات، مهمتهم تطبيق القرارات المهمة التي يتخذها.
وحسب 3 أشخاص مقربين منه، فإن زوكربيرغ قام بهذا التغيير الهيكلي لأنه أراد تعزيز سيطرته على أذرع الشركة.
ومع أن زوكربيرغ هو الرئيس بلا منازع بامتلاك غالبية أسهم التصويت في الشركة، فإنه تقاسم السلطة مع ساندبيرغ عندما كان أصغر سنا وفي حاجة إلى المساعدة في توسيع الشركة، ولكن مع 18 عاما من الخبرة يريد الآن ممارسة كامل سلطته ليكون قائد ميتا الأوحد.
وقال زوكربيرغ، في بيان على فيسبوك (Facebook)، إن المديرين التنفيذيين الأربعة هم: أندرو بوسورث المدير التنفيذي للتكنولوجيا، ونيك كليغ رئيس الشؤون العالمية، وكريس كوكس مدير الإنتاج، وأوليفان الذي كان مدير النمو في الشركة.
ستكون لهؤلاء الأربعة مسؤوليات كبيرة، فكليغ هو الوجه العام وسفير شركة ميتا، بينما يدفع بوسورث الشركة إلى عالم “ميتافيرس”، وسيشرف كوكس على مجموعة تطبيقات ميتا، وسيكون أوليفان مسؤولًا عن التحليلات والبنية التحتية والنمو.
لكن أحدا منهم لن يتمتع بالسلطة التي كانت تمتلكها ساندبيرغ عندما كانت تدير بفاعلية كل العمليات التجارية بينما يركز زوكربيرغ على تطوير منتجات فيسبوك.
وأشار زوكربيرغ إلى تحول الإدارة في منشور على فيسبوك، ورد فيه ما يلي “لم أخطط لاستبدال دور شيريل في هيكلنا الحالي”، مضيفًا أن ميتا “وصلت إلى المرحلة التي يجب فيها أن تكون منتجاتها ومجموعات عملها أكثر تكاملًا، بدلًا من أن تكون جميع الأعمال ومهمات التشغيل منظمة بشكل منفصل عن منتجاتنا”.
وترى آر.إيه فاروخنيا، الأستاذة في كليات الأعمال والهندسة في جامعة كولومبيا (Columbia’s Business and Engineering Schools)، أن هذا التحول في هيكل الإدارة كان منطقيًا ذلك أن ميتا استثمرت في “الميتافيرس” وابتعدت عن نموذج الشبكات الاجتماعية الذي بنت ساندبيرغ أعمال الإعلانات من أجله ودافعت عنه لسنوات. وتضيف أن “التحرك في هذا الاتجاه يتطلب هيكل إدارة أقلّ مركزية – وتقليديا أكثر”.
لسنوات كانت لدى زوكربيرغ وساندبيرغ مسؤوليات واضحة غالبًا ما يشير إليها الموظفون باسم “جانب ساندبيرغ” و”جانب مارك”، فقد أدارت ساندبيرغ فرق العمل والسياسة والقانون مع الكثير من الاستقلالية، بينما كان زوكربيرغ مسؤولاً عن فرق الهندسة والمنتجات.
بدأ هذا التقسيم يتغير في عام 2020 بعد تعامل فيسبوك مع فضائح تتعلق بالخصوصية والمعلومات المضللة على المنصة، حين أخبر زوكربيرغ فرقه أنه سئم الاعتذار وأراد تركيز المزيد من الوقت والاهتمام على المنتجات المبتكرة التي كانت الشركة تصممها.
ومنذ ذلك الحين، تولى زوكربيرغ مزيدًا من السيطرة على الرسائل العامة وقرارات السياسة التي اعتادت ساندبيرغ التعامل معها، وعيّن موظفين يتمتعون بخبرة في السياسة العامة مع ترقية المديرين التنفيذيين الذين كانوا أوفياء لرؤيته، وأولهم بوسورث وكوكس اللذان يعملان في الشركة منذ 16 عامًا وأوليفان الذي انضم إلى الشركة منذ ما يقارب 15 عامًا.
وأضاف الكاتبان أن أوليفان انضم إلى فيسبوك كرئيس للنمو الدولي وتدرج في المناصب، ومع أن اسمه ليس مألوفًا فإنه أسهم في التوسع السريع لفيسبوك وكان مشاركًا عن كثب في صيانة البنية التحتية التقنية للشركة.
أما بوسورث فيُنظر له على أنه مشجع متحمس وصريح أحيانًا لرؤية زوكربيرغ، وقد تمت ترقيته في يناير/كانون الثاني ليكون رئيس قسم التكنولوجيا، وهو يشرف على مختبرات الواقع الافتراضي والواقع المعزز التي تصنع منتجات مثل سماعات الواقع الافتراضي “كويست” (Quest).
وغالبًا ما يصف الموظفون كوكس، الذي أصبح مدير المنتجات في عام 2005، بأنه قلب الشركة. وقد ترك فيسبوك في مارس/آذار 2019 لكنه عاد في يونيو/حزيران 2020، مما أثار تكهنات بأن زوكربيرغ ربما كان يشير إليه كخليفة.
وأوضح الكاتبان أن كليغ قد انضم إلى الشركة في عام 2018 بعد مسيرة مهنية في السياسة البريطانية، بما في ذلك فترة عمله كنائب لرئيس الوزراء، وقد وظفته ساندبيرغ لتولي مسؤولية التعامل مع القضايا السياسية الشائكة على مستوى العالم، وهي المهمة التي كانت لها في السابق.
وبمرور الوقت، أصبح كليغ يتعامل مع حكومات العالم ويدافع عن ميتا على المستوى التنظيمي، وفي فبراير/شباط تمت ترقيته إلى منصب رئيس الشؤون العالمية.
يحاول المطلعون في ميتا منذ فترة طويلة التكهن بالخليفة المحتمل لزوكربيرغ في حال غادر في أي وقت، لكن رحيل ساندبيرغ اختصر تلك القائمة ولم يترك أي إجابات واضحة.
تقول كاتي هارباث، مديرة السياسة العامة في ميتا التي تركت الشركة العام الماضي “ما عدا شيريل، لم يظهر لسنوات سوى عدد قليل من الأشخاص الجديرين بخلافة مارك”، مضيفةً “من المنطقي أن تكون لدى مارك خيارات مختلفة لخلفائه المحتملين”. وهي تؤكد أنه “من الخطير التركيز على شخص واحد فقط”.