شيّع السوريون أول أمس الجمعة واحدا من أهم القامات الفنية، النحّات عبد الله السيد، الذي وافته المنية في العاصمة دمشق عن عمر ناهز 81 عاما، قدّم خلالها العديد من الأعمال الفنية المهمة، والتي كان أبرزها تمثال صلاح الدين الأيوبي (صممه عام 1993) القابع أمام قلعة دمشق، والذي أمسى معلما مهما من معالم المدينة الأثرية.
ولد عبد الله السيد بمدينة مصياف في العاشر من أغسطس/آب عام 1941. بدأ حياته الدراسية عام 1965 عندما التحق بقسم الفلسفة والدراسات الاجتماعية في كلية الآداب، كما درس أيضا في كلية الفنون الجميلة في دمشق وتخرج فيها عام 1971، وفي عام 1977 حصل على “دبلوم الدراسات المعمقة” (D.E.A) في علم الجمال من العاصمة الفرنسية باريس.
كذلك حصل عام 1980 على دبلوم عالٍ (معادل لدرجة الدكتوراه) في النحت النصبي من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة بباريس.
وعمل السيد أستاذا بكلية الفنون الجميلة في دمشق، واستلم رئاسة قسم النحت فيما بعد، كما عمل باحثا في الفنون السورية وشغل منصب أستاذ علم الجمال والنقد للدراسات العليا، ونتيجة لاعتباره مصدرا مرجعيا ومهما في مضمار الفن؛ كان السيد عضوا في لجان التحكيم والإشراف على المهرجانات الفنية والنصب التذكارية، وكان من ضمن أعضاء لجنة الفنون في المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون والعلوم الاجتماعية.
ولم يثنه عمله في مهنة التدريس عن الخوض في الحياة التشكيلية السورية، فتسلم رئاسة التحرير بمجلة الحياة التشكيلية، كما أجرى العديد من الأبحاث الفنية في علم الجمال وتاريخ الفن.
شارك السيد في عدة معارض وطنية ودولية، كان من أهمها الملتقى الدولي للنحت في اللاذقية من خلال منحوتة “شرخ المحبة”، وملتقى النحت الثالث في دمشق بمنحوتة “سفينة نوح الدمشقي رقم 1”.
وعام 2001 شارك في ملتقى الفنانين الدوليين في الولايات المتحدة الأميركية بعمل “سفينة نوح الدمشقي رقم 2”.
وعام 2002 شارك في كل من ملتقى أساتذة النحت بدمشق، وملتقى “إهدن” للتصوير والنحت في لبنان، حيث شارك بمنحوتة “راهوم جنين” ولوحة جدارية بعنوان “سفارة أوروب”.
وأيضا شارك عام 2003 بملتقى مدينة المعارض في دمشق بعمل نحتي تحت مسمى “الطوفان”، وفي عام 2004 شارك بملتقى أساتذة النحت للمرة الثانية بلوحتين جداريتين “حيرة” و”سفارة أوروب”.
حاز السيد خلال مسيرته الفنية على عدة جوائز، كان أهمها الجائزة الأولى لمسابقة نصب الشاعر أبي تمام في محافظة درعا، والجائزة الأولى لمسابقة نصب الشهداء في درعا، والجائزة الثانية (الأولى حجبت) لمسابقة صلاح الدين الأيوبي بدمشق، والجائزة الكبرى لمسابقة “بينالي المحبة” في اللاذقية عام 2001.
ونفذ السيد عددا كبيرا من النصب التذكارية في عدد من المدن السورية، مثل نصب العيد الفضي في درعا عام 1995، ونصب سفينة نوح الدمشقي بمدينة دالاس في الولايات المتحدة الأميركية عام 2001.
ويعد تمثال صلاح الدين الأيوبي الموجود بالقرب من قلعة دمشق من أهم الأعمال النحتية التي أمست واحدا من المعالم الدمشقية المهمة، وقد صُمم عام 1993 بمناسبة الذكرى الـ800 لوفاة صلاح الدين الأيوبي.
ويُظهر النصب صلاح الدين ممتطيا جواده ومحاطا باثنين من الجند المسلمين، وخلفه اثنان من أسرى الفرنجة، أحدهم الأمير “أرناط” والآخر الملك “غي دي لوزينيان”، اللذين أسرهما الأيوبي عقب معركة حطين. وبالنظر إلى جودة العمل تم وضع صورته على الورقة النقدية من فئة 200 ليرة سورية.